logo
العالم

ترامب وممداني وجها لوجه.. نُذر صراع محتدم في أمريكا

زهران ممداني وزوجته راما دواجيالمصدر: AFP

بينما انتهت ليلة النصر التاريخي لزهران ممداني بمنصب عمدة نيويورك، والكوفية الفلسطينية ما زالت ترفرف على كتفه، ينشغل الشاب الثلاثيني الآن بالتخطيط لتسديد فاتورة  فوزه "المرعبة"، فكل الوعود التي قطعها لسكان مدينته لن يكون تنفيذها في متناول يده لوحده.

يواجه ممداني الآن اختبارا حاسما، فالكثير مما وعد به لن يكون بمقدوره تحقيقه، إذ يتعين عليه توفير الموارد مع تعاون الدولة والمؤسسات الأخرى معه. 

والأكثر من ذلك، يقول الخبراء إن ترامب لم يكن يمزح عندما هدد بإرسال "الحد الأدنى" من التمويل الفيدرالي إلى نيويورك في حالة انتخاب ممداني "المتطرف الشيوعي"، وفق تعبيره.

ونشر ترامب تهديده على منصته " تروث سوشال" عشية الانتخابات: "إذا فاز المرشح الشيوعي زهران ممداني بعمدة نيويورك، فمن المرجح ألا أقدم أي دعم مالي فيدرالي، سوى الحد الأدنى المطلوب، لمنزلي الأول".

وبعد فوز ممداني، تراجع ترامب قليلا وصرح بأنه يريد "لنيويورك أن تكون ناجحة"، وقد يعرض مساعدة الحكومة الاتحادية على ممداني، مضيفا "سنساعده، ربما قليلا".

أخبار ذات علاقة

زهران ممداني

"كابوس السبعينيات".. ممداني يواجه تحديات كبرى في إدارة نيويورك

ماذا يحضر ممداني لترامب؟

ورغم أن ترامب حذر ممداني من أنه سيخسر الكثير إذا لم يتعاون، مطالبا إياه بأن يسعى إلى إقامة علاقة جديدة مع إدارته، إلا أن الأخير استشاط غضبا وكان رده مزلزلا. 

ففي أول مؤتمر صحفي بعد فوزه، ألقى ممداني قنبلة، قائلاً "في الأسبوع الأول سأقدم مشروع قانون يمنع كل دولار أمريكي من تمويل الإبادة في غزة"، ثم أضاف: "إذا دعاني ترامب للبيت الأبيض، سأذهب لأسلمه عريضة بمليون توقيع تطالب بوقف الدعم العسكري لإسرائيل". 

وقوبلت هذه التصريحات الحادة، بردة فعل أكثر صرامة من جانب الرئيس الأمريكي الذي وصف ممداني في مقابلة على شبكة "فوكس نيوز" بـ"المتطرف الذي يجب طرده"، لكن النائب الشاب عاد ليرد فوراً عبر حسابه على منصة "إكس"، قائلاً "أنا مواطن أمريكي، انتخبتُ بدستوركم، وسأبقى هنا حتى تتغير سياساتكم". 

وعود محاصرة 

وللنجاح، ليس فقط كعمدة لمدينة نيويورك، ولكن كنموذج لمستقبل الحزب الديمقراطي، يتعين على ممداني، بحسب الخبراء، أن يُظهر بسرعة على أن سياساته قابلة للتنفيذ. 

وقد سخر العديد من الأكاديميين من حجر الزاوية في نظرية "زوهرانوميكس"، وهو الاقتراح بخفض تكلفة المعيشة من خلال فتح بقالة تديرها الدولة، باعتباره يتجاهل الاقتصاد الأساسي.

ممداني تعهد بتخصيص متاجر غذاء حكومية تبيع الخبز بـ50 سنتاً، ولكن أساتذة الاقتصاد في الولايات المتحدة يضحكون: "ينتهك قانون العرض والطلب"، أما إيجارات مجانية للشباب فالأمر بحاجة موافقة حاكم الولاية "الذي يهاتف ترامب كل صباح".

وبالنسبة للمترو المجاني على مدار 24 ساعة، يحتاج 4 مليارات دولار، موجودة في خزينة فدرالية مغلقة بـ"قفل ترامبي".

الخبراء في السياسة الأمريكية والمطلعون على دهاليزها، قالوا إنه على ممداني إما أن "ينجز أو يدفن"، ففي السياسة الراديكالية، قاعدة واحدة: "الثوار يسقطون إذا لم يضعوا الخبز على المائدة"، وفق قولهم.

وهنا يؤكد تقرير نشرته صحيفة " الإندبندنت" أنه إذا فشل ممداني في افتتاح أول متجر حكومي قبل عيد الميلاد، أو خفض إيجار غرفة واحدة بـ300 دولار، فإن الديمقراطيين الكبار سيصرخون قائلين "ألم نقل لكم؟ هذا اليسار الوردي يغرق الحزب". 

أخبار ذات علاقة

عمدة مدينة نيويورك المنتخب زهران ممداني

الثلاثاء الحاسم.. "تصويت عقابي" يزلزل إدارة ترامب ويعيد الزخم للديمقراطيين

"الوسطية الآمنة"

وأضاف أن الحزب قد يعود إلى زمن "الوسطية الآمنة"، حيث لا كوفية ولا هتاف "غزة حرة"، وفق ما نقلت الصحيفة. 

رغم ذلك، وفي قلب مانهاتن، حيث تتزاحم ناطحات السحاب مع أحلام المهاجرين، ولدت قصة ممداني السياسية التي قد تُعيد رسم خريطة الولايات المتحدة. 

في ليلة الانتخابات، بينما كان ترامب يطلق تهديداته من البيت الأبيض، أعلن زهران انتصاره الساحق عمدةً لنيويورك بنسبة 50.4% أمام أندرو كومو الذي تلقى دعماً مباشراً من ترامب نفسه. 

قال ممداني أمام حشد صاخب في بروكلين، رافعاً قبضته ومنديله الفلسطيني "الرسالة وصلت إلى واشنطن كالصاعقة"، مضيفا "ترامب أراد أن يهزمني.. لكنني هنا". الشاب الذي دعا لوقف إطلاق النار فوراً في غزة ورفض لقاء نتنياهو، أصبح الآن أول مسلم جنوب آسيوي يجلس في الكونغرس، وأول نائب يرفع الكوفية داخل قاعة الجلسات.

كيف قلب مائدة الديمقراطيين؟

في الوقت الذي خسر فيه الديمقراطيون التقليديون مقاعد بالجملة، نجح ممداني في حشد "جيش الشباب" بعد أن صوت 82% من الناخبين دون 30 عاما للكوفية لا للقبعة الحمراء. 

بينما كان الديمقراطيون التقليديون ينفقون الملايين على إعلانات التلفزيون، بنى ممداني جيشاً رقمياً: 1.8 مليون متابعة على "تيك توك"، وفيديو "كوفية في الكونغرس" حصد 42 مليون مشاهدة.

وهذه الأرقام وفق خبراء، تعكس تمرد جيل Z الذين رفضوا السياسة القديمة وصوتوا لمن ينادي بـ"غزة حرة" و"إسكان ومواصلات للجميع". 

وعندما أُعلنت النتيجة الساحقة لفوزه، اندفع شاب يرتدي الكوفية إلى المنصة وقبل جبين ممداني باكياً: "أنقذتنا"، وفي مقاعد الحاضرين، برزت لافتة عملاقة كُتب عليها: "من بروكلين إلى فلسطين.. الحرية قادمة".  

يخطط ممداني الآن، وفق أجندته المعلنة، لتقديم مشروع قانون يمنع تمويل "الإبادة الجماعية" في غزة، وهدد بمقاطعة أي خطاب جديد لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. 

حاليا، ينام ساكن البيت الأبيض والكوابيس تراوده، فترامب الذي وصف ممداني بـ"الإرهابي المتعاطف"، وفق تعبيره، يواجه الآن خصما شابا يملك جيشا من المتابعين ولسانا لا يهدأ.

أخبار ذات علاقة

دونالد ترامب

أريد النجاح لنيويورك.. هل غير ترامب موقفه من ممداني؟

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC