logo
العالم العربي

صفقة الطائرات بين واشنطن وبيروت.. دعم تقني أم رسالة سياسية؟

صفقة الطائرات بين واشنطن وبيروت.. دعم تقني أم رسالة سياسية؟
طائرات "سوبر توكانو A-29" المقدمة للجيش اللبنانيالمصدر: الإعلام الأمريكي
13 يوليو 2025، 4:25 ص

أكد خبراء أن موافقة الولايات المتحدة على صفقة صيانة وتجهيز لطائرات "سوبر توكانو A-29" في لبنان، بقيمة 100 مليون دولار، تحمل دلالات رمزية تتجاوز الطابع العسكري التقني.

وقال الخبراء إن هذه الخطوة تندرج ضمن سياق أوسع يرتبط بتكثيف الضغوط الأمريكية لنزع سلاح ميليشيا "حزب الله"، وتعزيز مؤسسات الدولة اللبنانية، وعلى رأسها الجيش الوطني.

ورأى الخبراء أن الصفقة لا تُعدّ مجرد ملف لوجستي، بل تمثل جزءًا من استراتيجية أمريكية متصاعدة لاحتواء حزب الله وتعزيز دور الجيش، في محاولة لإعادة ضبط التوازن الهش داخل الساحة اللبنانية.

أخبار ذات علاقة

المبعوث الأمريكي توماس باراك والرئيس اللبناني

مخاوف لبنانية من فخ أمريكي إسرائيلي.. هل سقطت "الوساطة"؟

رسالة سياسية

وتشمل الصفقة التي أعلنت عنها وزارة الدفاع الأمريكية، الجمعة، خدمات صيانة وأجهزة ومكونات دعم للطائرات التي سبق أن سلّمتها واشنطن إلى لبنان، والتي تُصنّف كطائرات دعم خفيف متعددة المهام تُستخدم في التدريب والمراقبة الجوية وتنفيذ هجمات دقيقة ضد أهداف أرضية.

وقال أستاذ العلاقات الدولية في معهد العلوم السياسية في باريس، جان-بيير فيليو، لـ"إرم نيوز"، إن الصفقة الأمريكية تمثل "رسالة سياسية بامتياز، أكثر من كونها مجرد دعم عسكري تقني".

وأشار فيليو إلى أن "الولايات المتحدة لا تقدم دعماً غير مشروط؛ فعندما تعلن عن صفقة بقيمة 100 مليون دولار لصيانة طائرات، فإنها تفعل ذلك ضمن رؤية أوسع عنوانها: دعم الدولة في مواجهة الدولة داخل الدولة؛ أي دعم الجيش في مقابل حزب الله".

ورأى أن تصريحات المبعوث الأمريكي توم باراك، لا تنفصل عن هذه الصفقة، بل تعكس استياء واشنطن من استمرار الوضع القائم، حيث يحتفظ حزب الله بترسانة عسكرية مستقلة ويجر البلاد نحو مواجهات حدودية، بينما يُفترض أن يكون الجيش الجهة الوحيدة المخولة بحماية السيادة الوطنية.

وتساءل الباحث الفرنسي: "لماذا الآن؟ وهل هذه الصفقة مجرد دعم لوجستي روتيني، أم أنها إشارة سياسية ضمن استراتيجية أميركية جديدة لإعادة رسم موازين القوى داخل لبنان؟".

هدف الصفقة

حرصت الولايات المتحدة، منذ سنوات، على تمويل وتدريب وتجهيز الجيش اللبناني، بهدف تقويته كمؤسسة شرعية وحيدة لحمل السلاح في مواجهة التحديات الأمنية، سواء من التنظيمات الإرهابية شرق البلاد، أو من الميليشيات المسلحة الخارجة عن سلطة الدولة، وعلى رأسها حزب الله.

وقال مسؤول في وزارة الدفاع الأمريكية إن هدف الصفقة هو "ضمان جاهزية طائرات سوبر توكانو لمهام التدريب والدفاع الإقليمي ودعم العمليات البرية"، مشددًا على أن الجيش اللبناني شريك استراتيجي لواشنطن في شرق المتوسط.

إلا أن اللافت أن توقيت الصفقة جاء بعد أيام فقط من تصريحات حادة أطلقها المبعوث الأمريكي إلى لبنان، توم براك، قال فيها إن "صبر الإدارة الأمريكية له حدود"، في إشارة إلى دور "حزب الله" المتنامي في السياسات اللبنانية، وعلاقته بإيران، وتورطه في التوترات الحدودية مع إسرائيل.

مرحلة اختبار

من جهته، أوضح الباحث الفرنسي أوليفييه روي، المختص في الجغرافيا السياسية والإسلام السياسي، لـ"إرم نيوز"، أن الدعم الأمريكي للبنان يمر حاليًا بـ"مرحلة اختبار"، حيث تستخدم الإدارة الأمريكية الورقة العسكرية لموازنة النفوذ الإيراني داخل المؤسسات اللبنانية، دون الانخراط في مواجهات مباشرة.

وأضاف روي: "واشنطن لا تريد حربًا، لكنها تريد أن يدرك حزب الله أن هناك حدودًا لمجاله الحيوي، وأن الدعم الغربي للجيش سيستمر، بل سيتصاعد، إذا لم تُضبط المعادلة الداخلية".

آليات للجيش اللبناني

رؤية واشنطن

وأشار روي إلى أن طائرات "سوبر توكانو A-29"، التي تسلّمها الجيش اللبناني منذ عام 2017 بدعم أمريكي، هي طائرات هجومية خفيفة تُستخدم أساسًا في مكافحة الإرهاب والمراقبة الجوية.

ورغم أنها لا تضاهي الطائرات الحربية الثقيلة في قدراتها، فإنها توفر للجيش اللبناني قدرات ردع ومرونة عملياتية، خاصة في ظل افتقاره إلى أسلحة هجومية متطورة.

وتأتي صفقة الصيانة اليوم لتؤكد أن الولايات المتحدة لا تزال ترى في هذه الطائرات أداة فعالة بيد الجيش يمكن توظيفها لفرض الاستقرار ومراقبة الحدود، لا سيما في الجنوب والشرق، حيث يفرض "حزب الله" نفوذه الميداني.

أخبار ذات علاقة

صورة من  الاستعراض المسلح

استعراض مسلح في قلب بيروت.. مقنّعون بالرشاشات يثيرون الجدل (فيديو إرم)

معادلة ردع

وتُعَد تصريحات توم باراك الأخيرة، بأن "صبر واشنطن له حدود"، تعبيرًا عن تزايد الانزعاج الأمريكي من تمدد حزب الله عسكريًا وسياسيًا داخل لبنان، خصوصًا بعد مشاركته في اشتباكات حدودية مع إسرائيل، ومحاولاته فرض "معادلة ردع" خاصة به دون الرجوع إلى مؤسسات الدولة.

ولفت روي إلى أنه، في ظل التوتر الإقليمي المتصاعد، ورغبة واشنطن في الحفاظ على ميزان الردع، تمثل الصفقة خطوة رمزية تحمل رسالة مزدوجة: دعم الجيش اللبناني كقوة شرعية، وتلميح غير مباشر بأن الضغوط على حزب الله قد تتصاعد وتتحول إلى سياسة أمريكية رسمية إذا استمر الوضع على ما هو عليه.

;
logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC