في لحظة إقليمية تتسم بتبدلات متسارعة، خرج رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ليعلن عن اقتراب تحقيق "سلام تاريخي" مع عدد من الدول العربية، فاتحًا الباب واسعًا أمام التأويلات والتحليلات حول أبعاد هذا التصريح، وتوقيته، والجهات التي يشير إليها ضمنًا، خصوصًا سوريا ولبنان.
تُطرح التساؤلات اليوم عمّا إذا كان ما يجري فعلاً هو مسار سلام تقليدي قائم على التفاوض وحلّ الخلافات، أم أنه مقاربة جديدة لفرض واقع سياسي وجغرافي، مستفيداً من تعقيدات الأوضاع الداخلية في عدد من الدول، ومن بينها سوريا التي تواجه تداعيات حرب طويلة، ولبنان المثقل بالأزمات السياسية والاقتصادية.
التطبيع، وفق هذه القراءة، لا يأتي فقط كخيار ثنائي، بل كمكون ضمن تحولات إقليمية أشمل، حيث تُعاد صياغة التحالفات وموازين القوى. ومع أن بعض المؤشرات تشير إلى سعي إسرائيلي لفتح مسارات تفاهم مع المحيط العربي، إلا أن المسائل الجوهرية، مثل القضية الفلسطينية، والحدود، والمياه، لا تزال عالقة دون حلول واضحة.
لبنان، من جهته، يقف على مفترق حساس، إذ لا يبدو أن مسار السلام ممكن في ظل استمرار الاحتلال الإسرائيلي لأراضٍ لبنانية، وغياب اتفاق نهائي حول الثروات البحرية. أما سوريا، فقد يكون ملف التطبيع معها أكثر ارتباطاً والتفاهمات الدولية والإقليمية الكبرى.
تصريحات نتنياهو تأتي ضمن سياق سياسي يحمل أكثر من بعد، وقد تكون موجهة بالدرجة الأولى للداخل الإسرائيلي، لكنها في الوقت ذاته تؤشر إلى تحولات في طريقة مقاربة "السلام" في المنطقة.
فهل ما يُطرح اليوم هو بداية لسلام شامل يعالج جذور النزاع، أم أنه مجرد إدارة لمرحلة جديدة من الصراع بأدوات أكثر هدوءًا؟