تتواصل المظاهرات الغاضبة في شوارع العاصمة اليمنية المؤقتة عدن، احتجاجًا على حالة التدهور غير المسبوق في خدمات الكهرباء والانهيار القياسي للعملة الوطنية والتردّي الاقتصادي والمعيشي.
وتأتي هذه المظاهرات، رغم إعلان رئيس مجلس القيادة الرئاسي، رشاد العليمي، تعييّن وزير المالية، سالم بن بريك، مساء السبت، رئيسًا جديدًا للحكومة اليمنية، خلفًا لأحمد بن مبارك، الذي تقدم باستقالته في ظل تفاقم الأوضاع الخدمية والاقتصادية، ووصولها إلى مستويات غير مسبوقة.
وبعد ساعات من تعيين رئيس الحكومة الجديد، عبّر محتجون في مديرية المنصورة، شمالي عدن، عن تنديدهم باستمرار التدهور الخدمي والمعيشي، وغياب المعالجات الحكومية الملموسة، فيما قاموا بقطع الطرقات الرئيسة بالإطارات المشتعلة والأحجار.
ويطالب الشارع اليمني، في عدن والمحافظات الواقعة تحت نفوذ الحكومة المعترف بها دوليًّا، بإصلاحات عاجلة في الجانب الخدمي، خاصة ملف الكهرباء الذي تتكرر أزمته سنويًّا مع حلول كل صيف، فيما يطالبون بإيجاد حلول جذرية لإيقاف النزيف المتسارع للعملة الوطنية.
وتشهد عدن والمحافظات الساحلية المجاورة لها، على مدى أكثر من أسبوع، احتجاجات يومية غاضبة، تندد بالتدهور المتواصل في الأوضاع المعيشية والخدمية، دون تدخلات حكومية لمعالجاتها والتخفيف من معاناة المواطنين.
وخلال الأيام الماضية، تخلفت الحكومة عن الإيفاء بالتزاماتها المتعلقة بتوفير وقود تشغيل محطات توليد التيار الكهربائي، ما أدى إلى تزايد عدد ساعات الانقطاع إلى 22 ساعة، مقابل ساعتين تعود خلالها الكهرباء في عدن، فيما تنقطع الخدمة كلية منذ أيام في المحافظات القريبة منها، في ظل توقف معظم محطات التوليد عن العمل.
وبلغ معدل العجز في توليد الكهرباء بعدن، حتى مساء السبت، إلى ما يقارب 630 ميجاوات، وسط الطلب المتزايد على التيار، بينما لا يتعدى إجمالي الطاقة المولّدة من محطة "بترومسيلة" الوحيدة 65 ميجاوات فقط.
وتسبب الانقطاع الطويل للتيار الكهربائي، بتذبذب وصول خدمة مياه الشرب إلى العديد من المناطق السكنية في العاصمة عدن، وحال دون تمكن المواطنين من الحصول على كمياتهم الكافية، في ظل اعتماد غالبية السكان على المولدات التي تعمل بالكهرباء لنقل المياه إلى الخزانات العلوية على أسطح المنازل.
وكان رئيس الحكومة اليمنية السابق، أحمد بن مبارك، ألغى في فبراير/شباط من العام الجاري، عقود 6 محطات للطاقة المشتراة العاملة بمادة الديزل في عدن.
وبحسب الحكومة، فإن القرار جاء نتيجة لـ"عدم مقدرتها على توفير وقود التشغيل اللازم للمحطات وما يترتب عليها من التزامات تعاقدية، لطاقة غير منتجة، وخسائر مالية، إضافة إلى صعوبة تنفيذ الالتزامات التعاقدية".
وتواجه الحكومة المعترف بها دوليًّا، أزمة حادة هي الأسوأ على صعيد الموارد المالية، حالت دون مقدرتها على شراء الوقود والإيفاء بالتزاماتها تجاه الخدمات العامة، بعد هجمات ميليشيا الحوثي على المنشآت النفطية، التي أوقفت تصدير النفط الخام أواخر العام 2022؛ ما أدى إلى خسائر تفوق 6 مليارات دولار.
وتزامنت الأزمة الخدمية، مع انهيار تاريخي للريال اليمني، وصلت على إثره قيمة الدولار الأمريكي الواحد، إلى 2535 ريالًا؛ ما أدى إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية والسلع الاستهلاكية الضرورية.
وخلال العام الماضي وحده، فقد الريال اليمني نحو 71% من قيمته، وضاعف ذلك أعباء المعيشة وأسهم في ارتفاع معدلات إنفاق الأسرة اليمنية الواحدة إلى أكثر من 240 دولارًا، موزعة بين الغذاء والصحة والتعليم، بينما لا يتعدى راتب الموظف الحكومي 40 دولارًا شهريًّا.