يرى خبيران أن أي تطبيع محتمل بين سوريا وإسرائيل في ظل الوضع الراهن لن يحقق استعادة الحقوق السورية كاملة، خاصة في الجولان.
وأرجعا ذلك إلى اختلال موازين القوى لصالح إسرائيل، ما قد يجبر سوريا على قبول شروط غير متكافئة.
ويوضح الخبيران أن الحديث عن التطبيع يأتي في وقت تعاني فيه سوريا من ضعف سياسي وعسكري، بينما تمتلك إسرائيل كل أوراق الضغط، مشيرين إلى أن أي اتفاق قد يشمل نزع سلاح الجنوب السوري وفرض قيود أمنية، ما يعني تكريس الأمر الواقع بدلاً من تحقيق سلام عادل يستعيد الحقوق السورية.
الكاتب والباحث السياسي، محمد هويدي، قال إن الولايات المتحدة تراهن على السلطة الانتقالية في سوريا، والرئيس الأمريكي دونالد ترامب يتحدث عن تطبيع السلطة الانتقالية والانضمام لاتفاق السلام مع إسرائيل.
وتساءل هويدي: هل ستستعيد سوريا بهذا الاتفاق كل أراضيها المحتلة؟ مؤكدا أنه "بحسب المعطيات والتقارير، لن تتم استعادة أي شيء".
وأضاف لـ "إرم نيوز" أن عدم استعادة سوريا لشيء أمر متوقع لأن السلاح يكون بين الأقوياء والمتحاربين، واليوم سوريا لا تملك أي قوة أو أوراق تفرضها على إسرائيل.
وأوضح هويدي: من خلال هذا التطبيع ستذعن سوريا للشروط الإسرائيلية التي ستضعها على الطاولة للسلام مع السلطة الجديدة، وعلى هذه السلطة تقبل الأمر والتخلي عن الجولان وعن المناطق التي سيطرت عليها بعد سقوط النظام ونزع السلاح من الجنوب السوري.
وذكر أن السلطة الانتقالية لم تستطع الوصول إلى الجنوب السوري نتيجة الفيتو الإسرائيلي، وأن هذا لن يكون سلاماً لاستقرار سوريا واستعادة كافة أراضيها، وإنما تثبيتاً للسلطة الانتقالية وحفاظا على وجودها دون أن يكون هناك أي حسابات تتعلق بالسيادة السورية.
وأشار هويدي إلى أن هذا الأمر لا يمكن أن يسمى سلاماً بل هي شروط، وبناءً على ذلك لا يمكن لسوريا الاستقرار لأن استقرارها ليس مرتبطاً بالسلام.
وتابع بالقول إن النقطة الأخرى التي ستعمل عليها إسرائيل وتفرض فيها شروطها على السلطة السورية الحالية هي ألا تكون هناك قواعد تركية في سوريا، وهذا ما سيعني أن السلطات ستتعاطى مع تركيا تعاطياً مختلفاً.
وبيّن هويدي أن السلطة الجديدة في هذه الحالة ستكون بين "فكي كماشة"، إسرائيل وتركيا، ما يعني أن ما يطرحه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لا يمكن اعتباره لا سلاماً ولا هدنة.
وأكد أن إسرائيل تشعر بفائض قوة وتعلم جيداً أن سوريا تعاني من هشاشة أمنية وسياسية واجتماعية، وستعمل على فرض أجنداتها لتحقيق أهدافها الاستراتيجية في الداخل السوري.
ومن جهته اعتبر الكاتب والمحلل السياسي، يعرب عيسى أن سوريا اليوم في أضعف حالاتها منذ الاستقلال، وأن السلام في لحظات الضعف يبدو أمراً سيئاً للغاية.
وقال: سيكون البلد الضعيف مضطراً أن يستسلم، مستدركاً بالقول: هناك تجارب مهمة لدول في القرن العشرين عقدت سلاماً في لحظة ضعف ثم انكفأت على نفسها ولملمت جراحها، وأعادت بناء بلدها.
وأضاف لـ "إرم نيوز" أن من أبرز تجارب هذه الدول، اليابان وألمانيا وإيطاليا وإسبانيا، وهذا يعني أن الأمر ليس سيئاً بالمطلق، لكن في الحالة السورية فالدولة غير جاهزة لعقد سلام متكافئ أو عادل.
ورأى عيسى أن المنطقة ذاهبة باتجاه التطبيع، بما في ذلك من تغير في شكل الصراع العربي-الإسرائيلي.
وأشار إلى أن هناك شكلاً جديداً من العلاقات في المنطقة، وأن المقابل الذي ستحصل عليه سوريا من هذا السلام سيتم فيما بعد وعلى المدى الطويل لأنها في هذه المرحلة وعلى المدى المنظور ستهتم بترتيب بيتها الداخلي وتمكين اقتصادها والبدء بمسار التنمية دون شعارات كبرى.