كشفت مصادر كردية مطلعة عن ترابط وثيق بين ما جرى في الاجتماعات الجانبية على هامش قمة الدوحة، وما يجري الآن في دمشق، مشيرة إلى أن زيارة رئيس المخابرات التركية إبراهيم كالين إلى سوريا، جاءت بعد يوم من لقاء الرئيسين السوري أحمد الشرع ورجب طيب أردوغان في الدوحة.
وأكدت المصادر الكردية في تصريحات لـ"إرم نيوز" أن زيارة كالين الأخيرة تأتي "استكمالاً لنتائج لقاء الدوحة لترجمتها إلى خطوات عملية مشتركة على الأرض".
وأوضحت المصادر أن ملف قوات سوريا الديمقراطية كان حاضراً بقوة على الطاولة، لكن الأهمية تكمن فيما دار خلف الكواليس في الدوحة، الأمر الذي يعكس مؤشرات على تحولات في مسار التفاوض بين أنقرة ودمشق، خصوصاً في ظل ارتباط ملف قسد بما يجري في الجنوب السوري وتقاطعه مع مصالح إسرائيل.
وقالت المصادر "إنه ليس سراً التواجد الدائم للمخابرات التركية وتدخلاتها في الشأن السوري، ولكن اللافت هو تزامن الزيارة مع العودة من قمة الدوحة ما يعني ترابط الأمر حول الاجتماعات الجانبية التي تمت يوم القمة، وبالوقت نفسه ملف قسد كان على الطاولة لكن الأهمية لما جرى في الدوحة خلف الكواليس".
وأوضحت المصار أنه إذا عادت تركيا وفتحت جبهة ضد قوات سوريا الديمقراطية، فإن ذلك سيدمر عملية السلام داخل تركيا، بدليل أن حزب العمال الكردستاني لم يرمِ سلاحه حتى الآن، والرمزية التي قام بها 30 عنصراً من الحزب لحرق السلاح كانت خطوة رمزية ومن مبدأ خطوة بخطوة، تركيا بدأت خطوة، وهم عادوا بخطوة، والآن ينتظرون خطوة تركيا للدخول في مسار السلام، وفق قولها.

وأشارت إلى أن "من المستبعد الآن أن تفتح تركيا جبهة ضد قوات سوريا الديمقراطية"، مؤكداً أن "هناك مفاوضات يومية بين الجانبين وتقاربات وفق المعلومات الخاصة".
كما نفت المصادر أن تكون تركيا تخطط لعملية عسكرية ضد قوات سوريا الديمقراطية، لأن أي خطوة من هذا النوع ستدمر عملية السلام في تركيا وتعيد البلاد إلى أزمة داخلية خانقة جداً، موضحاً أن التصريحات التركية المستمرة هي مجرد ممارسة ضغط على قوات سوريا الديمقراطية، لأن العمل العسكري إن حدث سيكون خطأ استراتيجياً، وفق قولها.
وبيّنت أنه إذا حدث أي تحرك عسكري، فإن قوات "قسد" ستتجه نحو إسرائيل، ما يعني أن حزب العمال الكردستاني والمنظومة الكردية كاملة ستتجه نحو إسرائيل أيضاً، وهذا ليس في صالح تركيا، وهو ما لا تريده الأخيرة نهائياً، وفق قوله.
بينما رأى الكاتب والمتخصص في الشؤون التركية محمود علوش أن زيارة إبراهيم كالين إلى دمشق جاءت بعد يوم من لقاء الرئيسين السوري أحمد الشرع ورجب طيب أردوغان في الدوحة، لذلك تبدو استكمالاً لنتائج لقاء الدوحة من حيث ترجمتها إلى خطوات عملية مشتركة على الأرض، خصوصاً في ملف "قسد" الذي سيبدأ بالتحرك بالتوازي مع التحركات والتطورات التي طرأت على ملف السويداء.
وأضاف علوش لـ "إرم نيوز" أن تركيا معنية بمعالجة هذا الملف من خلال التسوية السياسية، واليوم هناك فرص كبيرة لدفع ملف "قسد" نحو التسوية السياسية.
وأوضح أنه مع ذلك، هناك ملف آخر مهم بالنسبة لتركيا وهو ملف الجنوب والسويداء والتدخل الإسرائيلي فيها، لذلك تزامنت هذه الزيارة مع إعلان خريطة الطريق بشأن السويداء، ووصول المفاوضات السورية الإسرائيلية إلى مرحلة حاسمة، وهذا يشير إلى أنه عند الحديث عن مصالح إسرائيل في سوريا، فإن ذلك يعني الحديث عن تركيا، والعكس صحيح، وعندما نتحدث عن السويداء، فهذا مرتبط أيضاً بملف "قسد"، والعكس كذلك.
وحول الحل العسكري قال علوش إنه مطروح على الطاولة لكنه سيكون خياراً عملياً فقط عندما يفشل مسار التفاوض تماماً، مع غلبة الحل السياسي، إذ هناك فرص لنجاح مسار التفاوض.
وأوضح أن "قسد" حاولت خلال الفترة الأخيرة، ومنذ اندلاع أزمة السويداء، المماطلة في تنفيذ هذا الاتفاق وفي المفاوضات، وراهنت على التدخل الإسرائيلي وإرباك الوضع الداخلي، لكن إذا عُولجت أزمة السويداء وقُدّر نجاح خريطة الطريق وتم الاتفاق بين سوريا وإسرائيل على اتفاقية أمنية، فإن الأمور ستتغير، على حد قوله.
ولفت علوش إلى أنه "عندما كان هذا الهامش متاحاً أمام قسد، إلا أنه سيتقلص الآن، وبالتالي وحتماً لن تكون هناك خيارات جيدة أمام قسد سوى الجدية في مسار التفاوض".
يذكر أن رئيس المخابرات التركية إبراهيم كالين وصل قبل يومين إلى العاصمة السورية دمشق، في زيارة هي الثانية من نوعها والتقى الرئيس السوري أحمد الشرع.
وتأتي زيارة كالين هذه المرة مع تعثر المفاوضات بين دمشق وقسد على الرغم من عدم توقف التواصل بشكل تام بين الجانبين، كما تأتي مع تأكيد الحكومة السورية أنها تجري مناقشات بوساطة أمريكية من أجل إبرام اتفاق أمني مع إسرائيل، يعيد الهدوء إلى الجنوب السوري، ويضمن الانسحاب الإسرائيلي من المنطقة العازلة.