استمع مسؤولون وبرلمانيون أتراك، يوم الأربعاء، لشرح أكاديمي عن الصراع في الفلبين الذي استمر نحو 40 عامًا، وانتهى بعملية سلام وإلقاء سلاح تأمل أنقرة نهاية مماثلة له في صراعها مع حزب العمال الكردستاني.
واستقبلت لجنة "التضامن الوطني والإخاء والديمقراطية" البرلمانية، التي تضم ممثلين عن الأحزاب والمكلفة بمناقشة مبادرة السلام مع حزب العمال الكردستاني، أكاديميين أتراكًا متخصصين في الصراعات والنزاعات الدولية.
ويُشارك في اجتماع لجنة السلام خبراء في النزاعات الدولية، منهم فاتح أولوسوي وحسين أوروج، اللذان عملا وسيطين لإنهاء الصراع في الفلبين بين الحكومة وجبهة "مورو" للتحرير الإسلامية.
وفي نهاية الاجتماعات، ستقوم اللجنة بإعداد اقتراحات، بناءً على لقاءاتها مع الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني ورجال الأعمال وعائلات ضحايا الصراع المسلح، لعرضها على البرلمان.
ومن غير الواضح ما إن كان استلهام تجربة الفلبين سيجد تأييدًا بين أعضاء لجنة السلام، ويحضر في اقتراحات الحل النهائية، لكن تركيا كانت وسيطًا في الوصول للسلام في الصراع الفلبيني.
كما يحمل الصراع في الفلبين ونهايته بإلقاء السلاح وإحلال السلام، نقاط تشابه مع الصراع بين تركيا وحزب العمال الكردستاني الذي يسعى الطرفان لنهاية مشابهة فيه تتضمن إلقاء سلاح الحزب.
وقال نائب رئيس حزب الحركة القومية فتي يلدز، وهو عضو في لجنة السلام، عبر "إكس": إن اللجنة استمعت لآراء قيمة في اجتماع اليوم (الأربعاء) مع خبراء النزاعات الدولية، وستعد إطارًا قانونيًّا دقيقًا في نهاية عملها.
وأشار يلدز الذي أطلق حزبه مبادرة السلام الجارية، العام الماضي، إلى أن مجال حل النزاعات يعتبر متعدد التخصصات، وبينها علم الاجتماع، وعلم النفس، والعلوم السياسية، والعلاقات الدولية، والقانون، وعلوم التربية، والعديد من المجالات المشابهة.
وهذا هو عاشر اجتماع للجنة السلام التي بدأت أعمالها الشهر الماضي، ومن المقرر أن تختتم أعمالها في نهاية الشهر الجاري سبتمبر/ أيلول، قبل انتقال الملف إلى البرلمان.
وبدأت عملية السلام الجديدة في الـ22 من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، 2024، بدعوة من السياسي التركي البارز، ورئيس حزب الحركة القومية، دولت بهتشلي، إلى عملية سلام بين أنقرة وحزب العمال الكردستاني المسلح، تتضمن حضور أوجلان للبرلمان ودعوته حزبه إلى إلقاء السلاح.
ووجدت دعوة بهتشلي استجابة من أوجلان الذي أطلق في الـ27 من فبراير/ شباط الماضي من سجنه في جزيرة "إيمرالي"، القابع فيه منذ 26 عامًا دعوة تحت عنوان "نداء من أجل السلام والمجتمع الديمقراطي".
وتضمنت دعوة أوجلان، حل حزب العمال الكردستاني وإلقاء أسلحته بهدف تحقيق السلام والتضامن بين الأكراد والأتراك، وإنهاء النزاع المسلح الذي استمر 47 عامًا، وحل المشكلة الكردية.
وجرت بعدها بضع خطوات في مبادرة السلام التي تطلق عليها أنقرة اسم "تركيا خالية من الإرهاب"، بينها خطوة رمزية لمقاتلين من حزب العمال الكردستاني جرت في يوليو/ تموز الماضي، ألقى فيها عدد من المقاتلين أسلحتهم بالفعل في محافظة السليمانية شمالي العراق.
وشهدت النقاشات وتصريحات السياسيين الأتراك ومسؤولي أحزاب سياسية كردية في تركيا، تفسيرات متباينة في بعض التفاصيل خلال الفترة الماضية، مثل الخلاف حول أولوية إطلاق سراح أوجلان أو حضوره للبرلمان لإلقاء خطاب.
كما نشب خلاف حول تفسير دعوة أوجلان لإلقاء السلاح، وما إذا كانت تشمل كل المجموعات المرتبطة بحزب العمال الكردستاني، بما فيها قوات سوريا الديمقراطية "قسد" كما تريد أنقرة، أم اعتبار ملف أكراد سوريا ملفًّا منفصلًا كما يريد حزب العمال الكردستاني.
ويقول مسؤولو حزب "الديمقراطية والمساواة للشعوب"، المؤيد للأكراد، ويلعب دور الوسيط في عملية السلام بين اللجنة وأوجلان، حول تلك النقطة، إن التركيز في هذه الفترة يجب أن يكون على حل القضية الكردية في تركيا التي تستنزف طاقة البلاد وأن سوريا قضية منفصلة وفق رأي أوجلان.
وتناقش لجنة السلام اقتراحات قوانين لمناقشتها في البرلمان، وتتعلق بقضايا، مثل: عودة مقاتلي حزب العمال الكردستاني إلى تركيا، والعقوبات، والعفو، والتدابير الأمنية، بينما لا يزال الموقف من قضايا، مثل: الحكم الذاتي والاستقلال واعتبار اللغة الكردية لغة رسمية للأكراد في تركيا، غير واضح.
وفي الصراع الفلبيني المسلح الذي استمر عقودًا، وراح ضحيته عشرات الآلاف، انتهت الحرب الدامية بإعلان حكم ذاتي عام 2019 لمسلمي "مورو" في منطقة "بانغسامورو" ذات الأغلبية المسلمة بالفلبين.
وكانت تركيا عضوًا في مجموعة الاتصال الدولية في إطار عملية السلام لضمان تنفيذ الطرفين لاتفاق السلام في الفلبين.