الكرملين: مشاركة الأوروبيين في مفاوضات أوكرانيا "لا تبشّر بالخير"
يحمل الشهر المقبل في تركيا توقعات سياسية غير مسبوقة، يتصدرها إفراج مؤقت أو من نوع خاص عن زعيم حزب العمال الكردستاني، عبدالله أوجلان، المسجون منذ 26 عاماً على خلفية الصراع المسلح بين أنقرة ومقاتلي الحزب.
ويصادف الشهر المقبل الذكرى السنوية الأولى لدعوة السياسي التركي البارز، ورئيس حزب الحركة القومية، دولت بهتشلي، إلى عملية سلام بين أنقرة وحزب العمال الكردستاني المسلح، تتضمن حضور أوجلان للبرلمان ودعوته حزبه إلى إلقاء السلاح.
وبدت تلك الدعوة حينها بمثابة زلزال سياسي وحدث تاريخي في البلاد وفق كثير من التحليلات السياسية، لكنها تبدو قريبة من التحقق بعد عام على إطلاقها من قبل بهتشلي، الزعيم التركي في نظر القوميين الأتراك.
إذ تصادف الذكرى السنوية لتلك الدعوة، التي تحقق كثير من بنودها، عودة البرلمان التركي للانعقاد مع بدء دورته التشريعية الجديدة في الأول من تشرين الأول/ أكتوبر المقبل بعد الإجازة السنوية للبرلمان.
عام على المفاوضات
بدأ التطبيق الفعلي لدعوة بهتشلي، التي أطلقها في 22 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، في شباط/ فبراير الماضي عبر رسالة وجّهها أوجلان لحزبه يطلب منهم تسليم السلاح والانخراط في الحياة السياسية ومفاوضات السلام.
وجرت بعدها عدة خطوات في مبادرة السلام التي تطلق عليها أنقرة اسم "تركيا خالية من الإرهاب"، بينها خطوة رمزية لمقاتلين من حزب العمال الكردستاني جرت في تموز/ يوليو الماضي، ألقى فيها عدد من المقاتلين أسلحتهم بالفعل في محافظة السليمانية شمالي العراق.
كما أن اللجنة البرلمانية التي تضم ممثلين عن الأحزاب والمكلفة بمناقشة مبادرة السلام، وتحمل اسم لجنة "التضامن الوطني والإخاء والديمقراطية"، بدأت اجتماعاتها الشهر الماضي، وستختتم أعمالها في الأسبوع الأخير من أيلول/ سبتمبر الجاري.
وتنص بنود المبادرة على أن تعرض لجنة "التضامن الوطني والإخاء والديمقراطية" اقتراحات قوانين تتعلق بقضايا مثل عودة مقاتلي حزب العمال الكردستاني إلى تركيا، والعقوبات، والعفو، والتدابير الأمنية على البرلمان لمناقشتها هناك.
مفاوضات بلا وسطاء
يشكّل حضور أوجلان للبرلمان دفعاً لعملية المناقشات التي لا تخفى صعوبتها في قضايا مثل الحكم الذاتي والاستقلال واعتبار اللغة الكردية لغة رسمية للأكراد في تركيا، حيث يعتبر قائد الطرف المفاوض لأنقرة في خطتها للسلام، فيما ظل حضوره مقتصراً على وفد وسيط ينقل موقفه.
ويطالب قادة حزب العمال الكردستاني والمتعاطفون معه، مثل حزب "الديمقراطية والمساواة للشعوب" التركي المؤيد للأكراد، بأن يكون إطلاق سراح أوجلان جزءاً من عملية السلام الجارية.
ويحمل ذلك المطلب عدة تفسيرات للحرية، بدءاً من حضور أوجلان للبرلمان التركي وإلقاء كلمة فيه مرة واحدة، أو المشاركة في المناقشات حول الخطوات القانونية لعملية "تركيا خالية من الإرهاب"، مروراً بصيغة تضمن حرية واسعة له في لقاء السياسيين والصحافيين وممثلي المنظمات المدنية، وانتهاءً بالإفراج الكامل.
الحق في الأمل
تواجه خطوة الإفراج عن أوجلان، وحتى حضوره للبرلمان، اعتراضاً من أحزاب وسياسيين أتراك، لكن دعوة بهتشلي له العام الماضي تضمنت بشكل صريح حقه في الاستفادة من قانون "الحق في الأمل".
و"الحق في الأمل" مبدأ أقرته المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان عام 2014، ويسمح بالإفراج عن المحكومين بالسجن المؤبد المشدد مدى الحياة بعد مضي 25 عاماً من محكومياتهم، والسماح لهم بالانخراط في المجتمع.

وأبدى حزب الحركة القومية تمسكه بوعد زعيمه بهتشلي قبل يومين، عندما دعا نائب رئيس الحزب وعضو لجنة "التضامن الوطني والإخاء والديمقراطية"، فتي يلديز، رئيس البرلمان التركي ورئيس اللجنة نعمان كورتولموش، إلى تشكيل وفد من 3 أو 4 نواب أعضاء باللجنة للقاء أوجلان في أول خطوة من نوعها منذ انطلاق العملية، وقد تقود لحضور أوجلان للبرلمان.
ويشكّل يوم الخميس المقبل محطة مفصلية في عملية "تركيا خالية من الإرهاب"، حيث يُتوقع أن يشهد اجتماع لجنة "التضامن الوطني والإخاء والديمقراطية" مناقشة تشكيل وفد من 5 نواب من أعضاء اللجنة للتوجه إلى سجن أوجلان الواقع في جزيرة "إيمرالي" بجنوب بحر مرمرة، غرب تركيا.
وسيشهد اللقاء، فيما لو تم بالفعل، مناقشات مباشرة هي الأولى من نوعها بين مسؤولين أتراك وزعيم حزب العمال الكردستاني، والاستماع إلى آرائه حول الخطوات التي اتُخذت حتى الآن لتنفيذ عملية السلام بين الطرفين.
واعتمد التواصل في الفترة الماضية مع أوجلان ضمن عملية "تركيا خالية من الإرهاب" على وفد من حزب "الديمقراطية والمساواة للشعوب" التركي، عُرف بوفد إيمرالي، والتقى بأوجلان والكثير من قادة الأحزاب والسياسيين الأتراك.
في المقابل، تواجه كل تلك التوقعات بقرب الإفراج عن أوجلان تحديات وصعوبات، بينها معارضة سياسيين أتراك، وإن كانوا محدودي الثقل السياسي، مثل فاتح أربكان، رئيس حزب "الرفاه من جديد" ونجل السياسي التركي الراحل نجم الدين أربكان.
كما يلقي الملف السوري بثقله في عملية السلام في تركيا، حيث تريد أنقرة أن تطبّق قوات سوريا الديمقراطية في شمال شرق سوريا اتفاقاً مع حكومة دمشق تندمج فيه مع مؤسستي الدفاع والداخلية، بينما ينظر أوجلان إلى الملف على أنه قضية مستقلة تحتاج بدورها إلى مفاوضات كي لا تؤثر على خطوات السلام في تركيا.