logo
العالم العربي

بين إرث العداء السابق وانفتاح العهد الجديد.. الوفود اليهودية تتوالى إلى دمشق

يهود سوريون في دمشق

تشهد دمشق توافدا متزايدا لوفود يهودية معظمهم من اليهود السوريين الذين هاجروا خلال الأعوام والعقود الماضية، وسط انفتاح وترحيب من قبل السلطات السورية  الجديدة، وانقسام بين السوريين تجاه الزوار الجدد، بين من يرحب بعودتهم إلى وطنهم، ومن يتحفظ على عودة هؤلاء والمبالغة باستقبالهم في وقت تشهد غزة وجنوب سوريا أحداثا لا تتناسب مع الأجواء الاحتفالية المرافقة لوصولهم إلى دمشق.

وينظر قسم آخر من السوريين إلى إعادة الوصل المنقطع منذ عقود بين اليهود وجذورهم بعين التشكيك والتحفظ، باعتبار أن هؤلاء لا يحملون أي ولاء لسوريا، بل لجارتها الجنوبية التي "تقصف المدن السورية بشكل يومي، وتتوغل وتحتل مساحات جديدة من الجنوب السوري" وفق قولهم. وبين هذا وذاك، ثمة شعور بالاستغراب والفضول بين العديد من السوريين الذين لم يعتادوا رؤية حاخام يهودي بلباسه التقليدي يتجول في أحياء دمشق القديمة.

أخبار ذات علاقة

يهود سوريين يزورون كنيسا في دمشق

لأول مرة منذ 3 عقود.. وفد من يهود سوريا يزور دمشق (صور)

وفد يهودي جديد

ومؤخرا وصل الوفد اليهودي الثالث من نوعه منذ سقوط نظام بشار الأسد، قادما من الولايات المتحدة الأمريكية، وضم عددا من الحاخامات والشخصيات الاقتصادية، والتقى بمسؤولين في دمشق كما أقام صلاة شملت قراءة التوراة في الكنيس بالمدينة القديمة.

وكانت دمشق قد استقبلت وفيدين مماثلين في شهري شباط/ فبراير ونيسان/ أبريل الماضيين. 

وفقا لمصادر سورية، ضم الوفد الجديد، الحاخام موشيه كلاين ورجل الأعمال دوف بليخ، اللذينِ قاما بأداء الصلوات في الكنيسِ المركزي. كما زار الوفد المقبرة اليهودية، حيث تفقدوا قبر الحاخام حاييم فيتال، أحد أبرز الشخصيات الدينية في القرن السادس عشر.

على الرغم من أن هذه الزيارة ليست الأولى لوفود يهودية بعد سقوط نظام الأسد، إلا أن السوريين ما زالوا ينظرون إلى هذه الزيارات بعيون مترقبة ومتحفظة في آن معا بسبب الإرث الطويل لمعادة إسرائيل في سوريا في عهد نظام الأسد الأب والابن، وربط اليهود بصورة عامة بإسرائيل، لكن مع بدايات لتفهم حقيقة أن اليهود لطالما كانوا جزءا من تاريخ دمشق وحلب، حتى اضطروا للخروج من سوريا في السنوات والعقود السابقة.

عودة "سياحية"

وأعادت زيارة الحاخام موشيه كلاين ورجل الأعمال دوف بليخ إلى دمشق، وصلاتهما في الكنيس، وتوجههما لزيارة قبر الحاخام حاييم فيتال في المقبرة اليهودية، الضوء إلى قضية يهود سوريا، الذين بدأوا يعودون، ولو بشكل سياحي، إلى المدينة التي عاش فيها أجدادهم.

كما كانت عودة الحاخام يوسف الحمرا إلى دمشق بعد ثلاثة عقود بمثابة اختبار حقيقي لموقف السلطات الجديدة، وأكدت أن من تبقى من اليهود لا يرغبون بالمغادرة، رغم أن عائلاتهم تقيم في إسرائيل وأمريكا، خصوصاً في نيويورك.

ووصف رئيس الطائفة اليهودية في سوريا، بيخور سماطوب، هذه الزيارات بأنها "تترك أثراً طيباً"، مؤكداً أن الوضع آمن ويشجع اليهود السوريين وغير السوريين على زيارة دمشق. وأشار إلى أن الكنيس والمقبرة وحارة اليهود وكنيس جوبر مفتوحة للجميع.

أما المرشد السياحي جورج مرجانة، فيقول في تصريحات إعلامية أن "دمشق استعادت قدرتها على استقبال الزوار من مختلف الجنسيات، بما في ذلك الوفود اليهودية، وهو ما لم يكن ممكناً في السابق. ويتوقع أن تبدأ شركات السياحة بتنظيم برامج خاصة ليهود العالم لزيارة سوريا".

انفتاح رسمي

وتمتع اليهود الذين يعود وجودهم في سوريا إلى قرون قبل الميلاد، بحرية ممارسة شعائرهم الدينية خلال حكم  عائلة الأسد. لكن نظام الأسد الأب قيّد حركتهم ومنعهم من السفر حتى عام 1992. وبعد السماح لهم بالسفر، انخفض عددهم من نحو خمسة آلاف إلى سبعة مسنّين فقط يقيمون حاليا في دمشق.

ولم تخف الإدارة السورية الجديدة انفتاحها تجاه أبناء الطائفة اليهودية، الذين لا يتجاوز عددهم حالياً سبعة أشخاص يقيمون في دمشق القديمة. وأكد بيخور سماطوب أن السلطات زارته بعد "تحرير سوريا"، وبثت رسائل طمأنة واضحة.

ويرى مراقبون أن هذا الانفتاح يحمل أبعاداً سياسية، منها محاولة كسب دعم دولي وطمأنة إسرائيل، التي كثفت اقتحاماتها وتوغلاتها البرية وغاراتها الجوية على مواقع استراتيجية في سوريا، رغم المحادثات والمفاوضات التي تجري بين الحين والآخر بين مسؤولي البلدين.

أخبار ذات علاقة

وفد من اليهود السوريين في دمشق

بعد "نبش" مقابرها.. ماذا طلبت الطائفة اليهودية بدمشق من الشرع؟

يهود سوريا

ينقسم اليهود في سوريا إلى مجموعتين: المزراحيون الذين يعود وجودهم إلى زمن النبي داوود، والسفارديون الذين وصلوا بعد سقوط الأندلس. عُرفوا بإتقانهم لمهن عدة، أبرزها صناعة الذهب، قبل أن يغادروا البلاد في ظروف سياسية صعبة خلال القرن العشرين.

وتضم دمشق أكثر من ثمانية معابد يهودية، بعضها يعود إلى القرن السادس عشر، مثل كنيس "فارحي" الذي بناه يهود فروا من الأندلس، وكنيس جوبر الذي يعتبر من أقدم المعابد اليهودية في الشرق الأوسط، ويعود تاريخه إلى أكثر من ألفي عام. وقد تعرض هذا الأخير لأضرار جسيمة خلال الحرب، وتخطط الجالية اليهودية في المهجر لإعادة ترميمه.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC