عقّد إعلان رئيس البرلمان الليبي عقيلة صالح فتح باب الترشح لرئاسة الحكومة الجديدة وسنّ المجلس الرئاسي ثلاثة مراسيم، من مأمورية الأمم المتحدة في التواصل إلى حل توافقي، والتي وضعت مسودة اللجنة الاستشارية على طاولة التنقيح.
وتعهّد رئيس حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة عبد الحميد الدبيبة بتفعيل مراسيم المجلس الرئاسي وإصدار حُزم أخرى، والقطع مع "المسار الوهمي"، والبدء في "استعادة قوة ليبيا ووحدتها"، وفق تصريحات له، ردًّا على رفض عقيلة صالح لإجراءات رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، حيث شكل البرلمان لجنة استشارية لتقديم رد قانوني بشأنها.
كما فتح الأخير باب الترشيحات للحكومة الجديدة قائلا في جلسة برلمانية عامة، يومي الاثنين والثلاثاء، إن "تشكيل حكومة موحدة يحظى بترحيب دولي، ويعد من أبرز أولويات المرحلة المقبلة"، داعيا إلى "توحيد الجهود الوطنية لتجاوز حالة الانقسام وتحقيق الاستقرار".
وتتعلق حزمة الإجراءات المتخذة من قبل المجلس الرئاسي ضمن حزمة أولى، بوقف العمل بقانون المحكمة الدستورية لمجلس النواب ببنغازي، وشروط انتخاب المؤتمر العام للمصالحة، في حين نص الإجراء الثالث على تشكيل المفوضية الوطنية للاستفتاء على الدستور.
ويعقّد تسارع التطورات من مهمة البعثة الأممية في ليبيا التي تتريث قبل إعلان نتائج عمل لجنة العشرين المتضمنة مجموعة من المقترحات والتوصيات، وتطرح من بينها خيار استحداث لجنة حوار جديدة.
وحسب مسودة خبراء اللجنة الاستشارية المعينة من البعثة قبل تنقيحها، واطّلعت عليها "إرم نيوز"، فإنها توصي بـ"حكومة موحدة ومدتها عام ونصف إلى عامين ولديها مهام محددة وأهمها الإشراف على الانتخابات".
وجاء في المقترح الثاني الذي حدد الجنسية وشروط الترشح لمجلس الأمة والرئاسة في ليبيا، الذهاب بالمسودة لمجلسي النواب والدولة والفاعلين.
وإذا تم الاتفاق عليها تعتمد الحكومة وتباشر عملها، ومن مهامها إجراء انتخابات مجلس الأمة، وفي وقت قصير مدته 24-30 شهرا.
بينما مهمتها الأولى هي تشكيل لجنة فنية لصياغة دستور دائم مع الاستعانة بكل مسودات الدساتير بما فيها دستور ليبيا السابق، ومن بعد ذلك تجرى انتخابات رئاسية وبرلمانية جديدة وتبدأ مرحلة دستورية جديدة حسب المسودة ذاتها.
وفي حال لم تتم الموافقة من مجلسي النواب والدولة، تقوم البعثة بتفعيل المادة 64 من الاتفاق السياسي والذهاب إلى حوار جديد ويتم تعديل القوانين الانتخابية والإعلان الدستوري وتعيين حكومة جديدة وتجرى الانتخابات حسب الظروف.
ويعتقد المحلل السياسي فرج فركاش، أنه في "ظل غياب الضغط والتوافق الدولي الفاعل لن يكون لمخرجات اللجنة الاستشارية، أي تأثير حقيقي، خاصة في موضوع تغيير السلطة التنفيذية مع التخندق الحالي".
واشترط فركاش توجيه دعم للمجلس الرئاسي في إجراء استفتاء شعبي بحل مجلسي النواب والدولة، وربما الاستفتاء على الدستور أو اعتماده لفترة مؤقتة على الأقل للخروج من الوضع الراهن والذهاب إلى انتخابات تشريعية ورئاسية عامة وبقوانين متينة ومنطقية وقابلة للتطبيق.
وقال لـ"إرم نيوز"، ذلك يتطلب إجماعا ودعما دوليا واضحا وحقيقيا وفاعلا وليس مجرد تصريحات وبيانات مكررة، كما يحتاج أيضا إلى دعم من الأطراف الفاعلة عسكريا في الداخل إن كان فعلا يهمهم مصلحة ليبيا وشعبها.
ويرى المحلل السياسي، أن الكل الآن يحاول استباق مخرجات اللجنة الفنية الاستشارية ومقترحاتها غير الملزمة، إذ إن تحركات الرئاسي الأخيرة كان من المفترض أن تتخذ منذ فترة وليس في هذا التوقيت المتأخر الذي يعطي انطباعا بأنه محاولة استباقية قبل إعلان المخرجات.
في المقابل يلفت المتحدث ذاته الانتباه إلى "مساعي جهات ليبية لتعطيل أي حل من شأنه توحيد البلد ومؤسساتها، حيث تتحدث أحد المقترحات بأن تكون هناك انتخابات برلمانية أولا بمعزل عن الانتخابات الرئاسية".
وأردف: "هذا ما لا يريده عقيلة صالح ومن معه من أعضاء من مجلس الدولة الذين يحاولون ربط نجاح الانتخابات البرلمانية بنجاح الانتخابات الرئاسة المستحيلة التطبيق في هذه الظروف خاصة في ظل الانقسام، واستحالة طرح المرشحين للرئاسة لرؤيتهم في كل مناطق ليبيا بحرية".
وقال فركاش، إن "ذلك كله يصب في صالح بقاء أعضاء المجلسين من الذين يريدون استنساخ التجارب الفاشلة السابقة وثبت فشلها من أجل البقاء والتمدد واستمرار امتيازاتهم".