يحضر ملف السلام في ليبيا بشكل هامشي خلال قمة طرابلس الثلاثية، بحسب ما رشح عن جدول أعمال القمة.
وسيحضر القمة الرئيس التونسي قيس سعيّد والجزائري عبد المجيد تبون، والبلد المضيف بقيادة رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، إذ تغيب مبادرة مغاربية مشتركة منذ سنوات لجمع الفرقاء السياسيين على طاولة مفاوضات واحدة.
وأجرى وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف محادثات هاتفية مع وزير الخارجية في حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة، وكذلك مع وزيري خارجية تونس وموريتانيا، بعد أيام من إعلانه قرب انعقاد قمة بين البلدان الثلاثة في طرابلس في يناير الجاري.
وستكون القمة مناسبة لـ"مناقشة التحديات الأمنية والاقتصادية التي تواجهها هذه البلدان المغاربية"، وأيضا للتشاور بشأن التسوية السياسية للأزمة في ظل جمود ملف الانتخابات منذ ما يزيد على ثلاث سنوات.
ويفرض القلق من عودة المتطرفين من سوريا إلى المنطقة المغاربية، وتسلل المهاجرين من دول أفريقيا جنوب الصحراء عبر الحدود المشتركة بين البلدان الثلاثة، وضع الملف الأمني الحساس على قائمة أولويات النقاش في قمة طرابلس.
ويطرح مدير مركز الأمة الليبي للدراسات الاستراتيجية محمد الأسمر تساؤلات بشأن أبعادها ورهاناتها في ظل الأوضاع المتقلبة، وفي مقدمتها الموضوع الأمني وقضايا الإرهاب.
ولفت الأسمر، في تصريح لـ"إرم نيوز"، إلى المجهود الذي تقوم به الجزائر لإيجاد تحالف مغاربي جديد، معتبرا إياه تحركا إيجابيا، لكن "محاولة غير مكتملة وتجتزأ بقية مناطق المغرب العربي".
وقلّل من احتمالات انعكاس القمة الثلاثية على الذهاب نحو تسوية سياسية للصراع أو تحفيزها لجمع الفرقاء الليبيين، لأن الاجتماع يدار من البعثة الأممية وقوى دولية فاعلة.
وأشار إلى غياب مبادرة حقيقية إقليمية كوساطة بين الأطراف الليبية المعنية وسط صراع إقليمي محموم في هذا الاتجاه.
وكان من المزمع عقد القمة في سبتمبر في طرابلس وأجلت إلى يناير، وفق الباحث السياسي الذي أكد أن المبادرة اقترحتها الجزائر على هامش قمة الغاز العام الماضي.
ولا تترك التدخلات الأجنبية والخلافات الداخلية في ليبيا هامش مناورة كبيرًا للثلاثي المغاربي في طرح مبادرة مقبولة للجميع.
وكانت الجزائر اختصرت على لسان وزير الخارجية أحمد عطاف مشكلات ليبيا في مسألتي "الخلافات حول من ينظم الانتخابات ومن يملك الصلاحيات اللازمة لتنظيم الاستحقاقات"، في إشارة إلى رفض حكومة الوحدة المؤقتة تسليم السلطة إلا لحكومة منتخبة.
وإلى جانب ملف تنظيم الانتخابات، يُبرز الوزير الجزائري مشكلة التدخلات الأجنبية في ليبيا، مضيفا في تصريحات له أن "تداخل عوامل محلية وخارجية إلى جانب العناصر السياسية والجيوسياسية والسياسة الداخلية هي التي أوصلت ليبيا إلى هذا المأزق، الذي جعل من هذه الأزمة تستعصي على الحلول".
من جانبه، يرى المحلل السياسي الجزائري محمد علاقي أن القمة المرتقبة ستحمل عدة رسائل مهمة بناء على حالة التوافق بين الجزائر وتونس بشأن ما وصفه بـ"شرعية الأجسام الحاكمة" في ليبيا.
وقال علاقي إن البلدين سيجددان موقفهما بشأن المبادرات الأممية ومسار التسوية السياسية ودعمهما لها للوصول إلى تنظيم انتخابات شاملة ومتزامنة.
ولفت في تصريح لـ"إرم نيوز" إلى تعزيز هذا الاجتماع للتنسيق السياسي في عدة مسائل ستحظى بالأولوية، على غرار مواجهة التهديدات الأمنية واستكمال إنشاء مناطق التبادل الحر والأوضاع على الحدود، والاستثمارات المشتركة واستغلال المياه على الحدود، بجانب مكافحة الهجرة غير النظامية.
وفي أبريل الماضي، احتضنت تونس قمة ثلاثية بحضور كل من قيس سعيد وتبون والمنفي.
وأوصت مخرجاتها بإقامة "تعاون وشراكة على المستوى الأمني، مثل تكوين فرق عمل مشتركة لتنسيق الجهود لحماية أمن الحدود بين البلدان الثلاثة من مخاطر الهجرة غير النظامية، خاصة من دول جنوب الصحراء وغيرها من مظاهر الجريمة المنظمة".
واتفق الرؤساء الثلاثة على "تعجيل تنفيذ مشروع الربط الكهربائي بين الدول الثلاث، وتطوير التعاون وتذليل الصعوبات المعيقة لانسياب تدفق السلع، مع تسريع إجراءات تنقل الأفراد وإقامة مناطق تجارية حرة بينها".