logo
العالم العربي

كيف أثار التقارب بين الجزائر وإيطاليا انزعاج فرنسا؟

كيف أثار التقارب بين الجزائر وإيطاليا انزعاج فرنسا؟
من زيارة تبون إلى إيطالياالمصدر: (أ ف ب)
25 يوليو 2025، 7:18 م

تسعى الجزائر وإيطاليا إلى تعزيز شراكتهما الاستراتيجية؛ ما يثير قلقَ وانزعاجَ فرنسا التي ترى في ذلك خسارةً لحليفٍ تاريخي.

ففي وقتٍ تشهد فيه العلاقات بين باريس والجزائر أزمةً عميقة، تبدو الجزائر وروما أقربَ من أي وقتٍ مضى، إذ زار الرئيس عبد المجيد  تبون العاصمة الإيطالية يومي الأربعاء والخميس.

وترأس تبون مناصفةً مع رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني القمة الحكومية الخامسة والمنتدى الاقتصادي، بحضور وفدٍ كبير من الوزراء وقادة الأعمال من البلدين.

وصرّحت ميلوني: "لقد بلغت علاقاتنا الثنائية مستوىً من القوة والمتانة غير المسبوق".

أخبار ذات علاقة

وزارة الخارجية الجزائرية

الجزائر تُهدد باللجوء للأمم المتحدة في قضية "الحقائب الدبلوماسية" مع فرنسا

توازن أكبر

وتبدو الجزائر وكأنها تجد في روما شريكًا أكثر توازنًا وأقل ارتباطًا بالأعباء التاريخية التي تُثقل علاقتها بفرنسا.

وأسفر هذا التقارب عن توقيع أكثر من عشرة اتفاقيات، تركز بالأساس على مكافحة الإرهاب والتعاون الثقافي، إضافة إلى نحو ثلاثين اتفاقية تجارية، تُجسد تنوع العلاقات في قطاعات حيوية كالصناعات الزراعية، الأدوية، النقل، والبنية التحتية.

في المقابل، تعاني العلاقات الجزائرية-الفرنسية من سلسلة من الأزمات السياسية والدبلوماسية التي أضعفت التعاون الثنائي.

فقد أدى اعتقال الكاتب الفرنسي الجزائري بوعلام صنصال في نوفمبر 2024، والحكم عليه بالسجن خمس سنوات بتهمة "المساس بالوحدة الوطنية"، إلى تعميق التوتر، رغم مطالبات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمجتمع الدولي بالإفراج عنه، وهو ما رفضته الجزائر، متهمة باريس بالتدخل في شؤونها الداخلية.

ملف الهجرة

ومن بين الملفات الخلافية الأخرى مسألة الهجرة، حيث ترفض الجزائر استعادة بعض رعاياها المرحّلين من فرنسا؛ ما أدى إلى طرد دبلوماسيين من الجانبين. وتعكس هذه الأزمات تراجعًا واضحًا في الثقة المتبادلة، تغذّيه تصريحات متوترة وخلافات مستمرة حول الذاكرة التاريخية.

وقد لفت التقارب الجزائري-الإيطالي أنظار الدوائر السياسية والإعلامية الفرنسية، حيث كتبت صحيفة "ليزيكو" أن العلاقات بين البلدين تتسم بالوضوح.

أخبار ذات علاقة

علما فرنسا والجزائر

عبر اللجوء إلى الأمم المتحدة.. الجزائر تهدد بالتصعيد ضد القيود الفرنسية

وقال الباحث في معهد الشؤون الدولية داريو كريستياني إن "روما تسعى لتعزيز دورها كجسر بين الجزائر والاتحاد الأوروبي، خصوصًا من خلال خطة ماتي التنموية في أفريقيا للحد من الهجرة".

وأشار إلى أن الجزائر أصبحت المورد الأول للغاز لإيطاليا منذ بداية الحرب في أوكرانيا.

وتسعى الشركات الإيطالية لتوسيع استثماراتها في الجزائر، خصوصًا في مجالات الطاقة، البنية التحتية، والاتصالات، مستفيدة من مناخ سياسي إيجابي. ويؤكد كريستياني أن "جورجيا ميلوني تسعد بلا شك باستغلال الأزمة بين باريس والجزائر".

التعاون في قطاع الطاقة

أما صحيفة "لوجورنال دو ديمونش"، فقد ركّزت على التعاون في قطاع الطاقة، خاصة بعد تراجع واردات الغاز الروسي، حيث باتت الجزائر تُغطي أكثر من ثلث احتياجات إيطاليا من الغاز.

وفي 7 يوليو/تموز، وقّعت شركتا سوناطراك وإيني عقدًا بقيمة 1.35 مليار دولار لتقاسم إنتاج الهيدروكربونات في حوض بركين الجنوبي بالجزائر.

إلى جانب الغاز، جمع المنتدى الاقتصادي أكثر من 400 شركة جزائرية وإيطالية لبحث مشاريع في تطوير الموانئ، وتحديث شبكات السكك الحديدية والطرق، والزراعة، والجيل الخامس. وبفضل موقعها الجغرافي، تُعد إيطاليا بوابة الجزائر إلى أوروبا، وتسعى لترسيخ هذا الدور كمركز أوروبي-أفريقي، وفق الصحيفة.

أخبار ذات علاقة

جواز السفر الجزائري الجديد

أزمة جوازات السفر تنذر بـ"دوامة انتقام" دبلوماسي بين فرنسا والجزائر

"إهانة كبيرة"

من جهته، وصف الصحفي الفرنسي اليميني المتطرف لويس دو راغونيل زيارة تبون بأنها "إهانة كبيرة للفرنسيين"، قائلاً عبر قناة "أوروبا 1": "إنها زيارة رسمية بكل تفاصيلها، وميلوني لم تعد تخشى شيئًا من باريس".

بدوره، قال الكاتب برنار كوهين حداد إن المشهد "جارح للمزاج الفرنسي"، معتبرًا أن المسؤولية لا تقع على الجزائر أو إيطاليا، بل على السياسة الخارجية الفرنسية التي خلقت فراغًا استغلته روما بذكاء.

وتعود العلاقات الجزائرية-الإيطالية إلى جذور تاريخية قوية أرساها إنريكو ماتي، أحد أبرز داعمي استقلال الجزائر في خمسينيات وستينيات القرن الماضي.

واليوم، تُعد الجزائر الشريك التجاري الأول لإيطاليا في أفريقيا، بحجم تبادل يتجاوز 14 مليار يورو، واستثمارات إيطالية تقارب 8.5 مليار يورو؛ ما يجعل إيطاليا الزبون الأول للجزائر وثاني أكبر مورّد لها، متقدمةً على فرنسا وألمانيا.

;
logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC