كشف خبراء أن اتصالات دولية متقدمة تجري خلف الكواليس، لبلورة اتفاق محتمل بين لبنان وإسرائيل برعاية أمريكية فرنسية، بالتوازي مع اجتماع "الميكانيزم"موضحين أن هناك مؤشرات على أن المسار التفاوضي تجاوز الإطار التقني إلى نقاشات سياسية وأمنية أوسع، وتتصل بملف حصرية سلاح ميليشيا "حزب الله"، ومستقبل الترتيبات الحدودية.
وانبثقت لجنة "الميكانيزم" عن اتفاق وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل، وتضم ممثلين عسكريين عن بيروت وتل أبيب إلى جانب قوات "اليونيفيل"، برعاية أمريكية فرنسية، وتهدف إلى تثبيت الاتفاق.
وفي السياق، قال الباحث السياسي وجدي العريضي، إن أكثر من جهة سياسية تعوّل على اجتماع يوم الجمعة المقبل للميكانيزم، متسائلاً عما إذا كان سيشكل فعلياً خطوة نحو تسوية سياسية أم مجرد مقدمة لإعادة تسخين المسار التفاوضي دون حسم حقيقي، او فتح مسارات أخرى مطروحة.
وأضاف العريضي لـ"إرم نيوز"، أنه في حال فشل الاجتماع، ستسعى إسرائيل إلى شن حرب جديدة، غير أن المعلومات تشير إلى وجود اتصالات دولية قطعت شوطاً متقدماً لتأجيل الضربة العسكرية الإسرائيلية دون إلغائها، ما يعني أن لبنان لا يفاوض عبر لجنة الميكانيزم فقط، بل من خلال مسار تفاوضي مباشر مع إسرائيل، ولا سيما بعد تعيين السفير سيمون كرم، يقابله تعيين مدني إسرائيلي.
وأوضح أن لبنان بات اليوم أمام واقع مأزوم، فإما الالتزام بحصرية السلاح أو أن أي مُهل قد تُمنح لن تفضي إلى نتائج فعلية، رغم المبادرة المهمة التي بادر بها لبنان.
وحول إمكانية التوصل إلى اتفاق لبناني إسرائيلي برعاية أمريكية فرنسية، ذكر العريضي أن "الأمر لا يزال ضمن إطار المفاوضات ولم يصدر بشأنه أي موقف رسمي حتى الآن، مستشهداً بما قاله النائب إيهاب مطر: "لا يحق لحزب الله أن يحدد ما إذا كان لبنان سيدخل في مفاوضات مع إسرائيل أم لا، ذلك يعود إلى رئيسي الجمهورية والحكومة والمؤسسات الرسمية وليس لأي ميليشيا".
وأكد استناداً إلى معلوماته أن زيارة الموفد الرئاسي الفرنسي إيف جان لودريان إلى لبنان شهدت تنسيقاً فرنسياً أمريكياً بالغ الأهمية، في مقابل عدم لقائه أي مسؤول من حزب الله، حيث أبلغ لودريان المسؤولين اللبنانيين بوجود معلومات متقاطعة فرنسية أمريكية إسرائيلية تؤكد نية إسرائيل تنفيذ عملية عسكرية على لبنان.
وبيّن أن "لودريان حذر المسؤولين اللبنانيين، وشدد على أنه يجب أن يكون كامل سلاح ميليشيا حزب الله بيد الجيش اللبناني"، مشيراً إلى وجود مقاربة فعلية مشتركة بين كل الأطراف المعنية بالملف اللبناني.
ولفت إلى أن "لبنان أمام اختبار لردود فعل حلفاء حزب الله قبل اتخاذ القرار النهائي بشأن ما إذا كان هناك اتفاق بين لبنان وإسرائيل أم تسوية أم العودة إلى اتفاق الهدنة أم عملية سلام وبالتالي انسحاب إسرائيلي من النقاط الخمس".
بينما يرى الباحث الدولي بمنتدى الشرق الأوسط في لندن، أحمد عطا، أن "اجتماع الميكانيزم القادم أقرب إلى البروباغندا السياسية للتحرك نحو إحياء المفاوضات ودفع كافة الأطراف للتفاوض الغير مشروط ماعدا فيما يتعلق بالبنية التسليحية لحزب الله".
وأضاف عطا لـ"إرم نيوز"، أن "ما يبقى هو مشكلة الانفاق والكشف عن عناصر وتفكيك سلاح حزب الله هي الإشكالية الأولى للجيش اللبناني نظراً للتكلفة التي يتحملها الجيش في البحث داخل الأنفاق، إلى جانب رغبة حزب الله في التعامل مع السلاح هو الرهان الرابح الذي يمكن المساومة به في أي مرحلة بعد مقتل قيادات النخبة لديه من خلال عمليات استخباراتية".

وأشار إلى أن "حزب الله يراهن على الوقت حتى لو تعددت المفاوضات، لأن لديه أوراق ضغط مختلفة تجعله لا يغادر الجنوب اللبناني ولا يسلم سلاحه للجيش أو غيره".
واختتم عطا حديثه بالإشارة إلى أن "الحزب الآن لديه قراءة إقليمية ودولية جيدة ويستخدم الحلول السياسية طويلة الأجل لتحقق مكاسب متعددة في حالة التفاوض بشكل نهائي".