رئيس الوزراء الياباني يقرر التنحي من منصبه
هددت الجزائر بتصعيد الخلاف مع باريس عبر اللجوء إلى الأمم المتحدة، بعد إعلان الحكومة الفرنسية قيودًا على تنقل عدد من كبار المسؤولين الجزائريين، ما اعتُبر "انتهاكًا جسيمًا" للقواعد الدبلوماسية، وفقًا لمبادئ اتفاقية فيينا.
ووصفت الجزائر قرار وزير الداخلية الفرنسي، برونو ريتايو، بتقييد تحركات عدد من المسؤولين الجزائريين في فرنسا، بأنه "انتهاك خطير" للعمل الدبلوماسي، ومخالفة واضحة لاتفاقية فيينا المنظمة للعلاقات الدبلوماسية.
وأعلنت الجزائر، في بيان رسمي الخميس، أنها سترد بتطبيق مبدأ المعاملة بالمثل "بصرامة ودون تأخير"، ملمحة إلى إمكانية اللجوء إلى الأمم المتحدة، معتبرة أن القرار الفرنسي تم اتخاذه بشكل أحادي ومن دون إخطار رسمي، وهو ما يتنافى مع الأعراف الدبلوماسية المتبعة، بحسب صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية.
وتصاعد التوتر بعد أن اتهمت السلطات الجزائرية فرنسا بـ"عرقلة" وصول الحقائب الدبلوماسية لممثليها في المطارات الفرنسية، فيما صعّد وزير الداخلية الفرنسي بإلغاء امتيازات دبلوماسية لأكثر من 40 شخصية جزائرية نافذة، مشيرًا إلى أن "الدبلوماسية الناعمة قد فشلت"، وأن "أمن الفرنسيين فوق كل اعتبار"، في إشارة إلى حوادث أمنية ربطها بمواطنين جزائريين.
ووفقًا لخبراء، فإن فرنسا ارتكبت خطأً دبلوماسيًا بإعلان مواقف من داخل وزارة الداخلية دون تنسيق مع وزارة الخارجية، الأمر الذي اعتُبر انتهاكًا صريحًا لاتفاقية فيينا المتعلقة بالبعثات الدبلوماسية.
وقال الدكتور فرانسوا بورغا، الباحث الفرنسي المتخصص في قضايا الشرق الأوسط والعالم العربي، لـ"إرم نيوز"، "إن العلاقة بين فرنسا والجزائر تتأرجح منذ سنوات بين صدامات الذاكرة والخيانات السياسية"، معتبرًا أن التصعيد الأخير ليس مفاجئًا، بل جزء من تطور طبيعي في علاقة ما تزال بحاجة إلى قيادة فاعلة لتجاوز الفجوات.
ورأى بورغا أن "باريس فقدت البوصلة، فقد تشتّت تركيزها بين التذكير بالذاكرة الاستعمارية والتدخل السافر في العلاقات الراهنة. أما الجزائر، فتعتمد على قاعدة تاريخية قوية، لا تجرّدني من سيادتي دون مقابل".
وأشار بورغا إلى أن رفض الجزائر لإعادة بعض المواطنين المطرودين هو بمرتبة رسالة ناقدة لنموذج باريس في التعاطي مع الشؤون الداخلية للجزائر، وتهديد مشروع باستخدام الأمم المتحدة يعكس رغبتها في فرض الاحتكام إلى القانون الدولي بدلًا من المسارات الثنائية فقط.
وأضاف أنه "مع تراجع التجارة بنسبة 30% وتوقف التعاون الأمني، فإن رفض الجزائر قبول مواطنيها المطرودين يمثل رسالة مفادها أن الضغوط الفرنسية لم تعد فعّالة كما في الماضي".
ويرى بورغا أن القرار الفرنسي يعكس تصاعدًا في استخدام باريس لأسلوب "الردع" اللفظي والسياسي دون التفاوض مع الشريك الجزائري، ما أكد رغبة الجزائر في مواجهة ما وصفته بـ"المعاملة المُذلة".
وأشار إلى أن خيار الجزائر بلجوئها إلى الأمم المتحدة ليس مجرد تهديد شكلي، بل يعكس استياءً عميقًا من انتهاك بروتوكولات التمثيل الدبلوماسي التقليدية، ورغبة في فرض رقابة دولية على المسارات التي تتبعها باريس في خلافها الداخلي مع الجزائر.
كما اعتبر أن خيار الجزائر أيضًا يحمل احتمال الانعكاسات في عدد من القطاعات، مثل النفط، والتعاون في مجال مكافحة الإرهاب والمهاجرين.
من جهته، قال أستاذ العلوم السياسية والمقارنات الوطنية، جان فرانسوا بايارت، لـ"إرم نيوز": "إن التصعيد الحالي يعكس استحالة تجاوز الماضي الاستعماري بدون إعادة بناء دبلوماسية ناضجة تدرك عمق الحساسية الجزائرية. فرنسا لم تنتهِ بعد من إرث مرحلة ما بعد الاستعمار".
وأضاف: "طلب الجزائر تدخّل الأمم المتحدة ليس تهديدًا، بل رسالة مفادها: الربط بين الإجراءات الفرنسية وعدم احترام القانون الدولي سيُواجه برد قانوني".
وأشار بايارت إلى أن الصراع الحالي بين الجزائر وفرنسا جزء من نمط طويل الأمد من التوترات المتورطة بتاريخ الاستعمار والهوية الوطنية.
وأوضح بايارت أن تهديد الجزائر باللجوء إلى الأمم المتحدة يُعدّ تعبيرًا عن إخفاق فرنسا في تجاوز السياسات الأحادية التي تتجاهل حساسية الذاكرة الوطنية لدى الشعب الجزائري، موضحًا أنه في هذه الحالة، أشارت الجزائر إلى أن باريس انتهكت اتفاقية فيينا عند اتخاذها قرارات من جانب وزارة الداخلية دون إشراك وزارة الخارجية، ما دفعها إلى تبنّي مبدأ "الامتناع عن التعامل الدبلوماسي التقليدي".
واعتبر أن الدبلوماسية القضائية عبر الأمم المتحدة ليست تهديدًا انتقاميًا، بل محاولة لتأكيد التزام الجزائر بالقانون الدولي، والحدّ من تكرار الاستهانة بسيادتها.