استطلاع فرنسي: باريس لا تتعامل "بحزم" مع الجزائر

في ظل تصاعد التوترات بين باريس والجزائر، يبدو أن الشارع الفرنسي قد حسم رأيه، إذ كشف استطلاع للرأي، اليوم الخميس، أن أغلبية واضحة من الفرنسيين ترى أن الحكومة لا تتعامل بحزم كافٍ مع الجزائر.

ويعكس الاستطلاع الجديد الذي أجراه "مركز CSA" لصالح شبكة "سي.نيوز" وصحيفة "لوجورنال دو ديمانش" وإذاعة "يوروب1" الفرنسية شعوراً عاماً بالإحباط حيال الموقف الفرنسي من الأزمة المتصاعدة، خاصة بعد الأحكام الأخيرة بحق صحفيين ومثقفين فرنسيين جزائريين في الجزائر، إذ يرى 64% من الفرنسيين أن بلادهم تفتقر إلى الشجاعة الكافية في تعاملها مع الجزائر.

"فرنسا تفتقر إلى الشجاعة"

وقالت شبكة "سي نيوز" الفرنسية، إنه "منذ قرابة عام، تشهد العلاقات بين البلدين توتراً دبلوماسياً مستمراً. ويبدو أن سلوك فرنسا لا يلقى استحسان غالبية مواطنيها".

فبحسب الاستطلاع، يرى 64% من الفرنسيين أن بلادهم "تفتقر إلى الشجاعة" في تعاملها مع الجزائر، مقابل 13% فقط لا يتفقون مع هذا الرأي، و22% يجهلون الإجابة (و1% لم يدلوا برأيهم)، وهي نتائج مشابهة تقريباً لتلك التي سُجلت في استطلاع سابق أجري يومي 18 و19 مارس/ آذار، عندما رفضت الجزائر استقبال رعاياها المطرودين من فرنسا بسبب أوضاعهم غير القانونية.

في ذلك الوقت، أجاب 65% بـ"نعم" على السؤال: "هل تعتقد أن فرنسا تفتقر إلى الشجاعة في التعامل مع الجزائر؟"، بينما قال 15% "لا"، و20% لم يكونوا متأكدين.

اختلاف الآراء حسب الفئات العمرية

ويكشف الاستطلاع عن تباين في الآراء وفقاً للعمر؛ فالفئة التي تتراوح أعمارها بين 50 و64 عاماً (69%)، وما فوق 65 عاماً (73%)، هي الأكثر اقتناعاً بأن فرنسا تفتقر إلى الشجاعة في تعاملها مع الجزائر. في المقابل، تنخفض هذه النسبة إلى 57% بين من هم دون 35 عاماً.

وعلى صعيد معرفة الموقف، فإن 18% من من هم فوق الـ50 لا يعرفون ما إذا كانت فرنسا تفتقر إلى الشجاعة، بينما تصل هذه النسبة إلى 27% لدى من هم دون 35 عاماً، و29% لدى الفئة العمرية بين 25 و49 عاماً.

أما من حيث الفئات الاجتماعية والمهنية، فيظهر الاستطلاع أن 70% من الفئات ذات الدخل الأعلى، يرون أن فرنسا تفتقر إلى الشجاعة، مقابل 66% لدى الفئات الأقل دخلاً و59% لدى غير النشطين.

الفرنسيون منقسمون سياسياً

وعلى الصعيد السياسي، جاءت الآراء منقسمة، فعلى اليسار، وافق فقط 52% من المشاركين على العبارة، وهي نسبة مشابهة تقريباً لمؤيدي "فرنسا الأبية" بـ50%، والحزب الاشتراكي بـ51%، والخضر بـ50%.

في المقابل، رفض 18% من الاشتراكيين و19% من الخضر هذا الرأي، بينما ارتفعت النسبة إلى 31% لدى مؤيدي "فرنسا الأبية".

أما في الوسط، فقد وافق 68% من مناصري الأغلبية الرئاسية على العبارة، في حين ارتفعت النسبة بشكل حاد لدى اليمين واليمين المتطرف، حيث أيد 83% من مناصري حزب الجمهوريين  و84% من مناصري التجمع الوطني هذا الرأي.

رد فعل فرنسي لا يقنع الشارع

وعادت التوترات إلى لواجهة بين باريس والجزائر بعد فترة من الهدوء النسبي، وذلك عقب الحكم على الصحفي كريستوف غليز بالسجن 7 سنوات يوم الإثنين 30 يونيو/ حزيران، والحكم بالسجن 5 سنوات على الكاتب بوعلام صنصال في الاستئناف يوم الثلاثاء 1 يوليو/ تموز.

وتثير الحالة الصحية لبوعلام صنصال، الكاتب الفرنسي الجزائري البالغ من العمر 80 عاماً والمصاب بالسرطان، قلق الحكومة الفرنسية، خاصة أنه قيد الاحتجاز منذ نوفمبر/ تشرين الثاني 2024.

وفي سياق متصل، وخلال ظهورها في برنامج "المقابلة الكبرى" على شبكة "سي.نيوز"، أعربت النائبة صوفي بريماس عن أملها في أن يصدر الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون "عفواً إنسانياً" بحق صنصال خلال الأيام المقبلة، مشيرة في الوقت نفسه إلى أن فرنسا اعتمدت سياسة "الرد التدريجي" ضد الجزائر للاحتجاج على موقفها، لكن حتى الآن، دون جدوى.