كشف مصدر أمني عراقي عن وجود توجه لدمج ميليشيات مسلحة إيزيدية مرتبطة بحزب العمال الكردستاني ضمن مظلة "الحشد الشعبي" بشكل كامل، بعد إنهاء وجود الحزب في العراق، وتسليم معاقله للقوات الأمنية.
وأوضح المصدر، لـ"إرم نيوز"، أن "جهات رسمية في الحكومة العراقية باشرت خطوات لدمج ميليشيات مثل وحدات حماية سنجار، وقوات إيزيدخان ضمن تشكيلات ميليشيا الحشد الشعبي، مع إنهاء مسمياتها الحالية، وإلحاق عناصرها بألوية متعددة داخل الهيئة، مع مراعاة البعد الاجتماعي والديني لسكان سنجار".
وأضاف المصدر الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، أن "التحرك يأتي في أعقاب إعلان حزب العمال الكردستاني حل نفسه، وضمن تفاهمات أوسع تقودها بغداد لضمان الاستقرار في سنجار، ومنع أي فراغ أمني محتمل، مع بقاء الإيزيديين جزءاً من المنظومة الأمنية، لكن تحت إشراف الحكومة العراقية".
ويندرج جزء ضئيل من هذه الميليشيا فعلياً ضمن ميليشيات "الحشد الشعبي"، لكنها تتمتع باستقلالية تامة، كما أن بعضها لا يزال دون غطاء رسمي أو شبه رسمي.
وأعلن حزب العمال الكردستاني (PKK)، عن حل نفسه وإنهاء الكفاح المسلح الذي استمر لأكثر من 4 عقود ضد الدولة التركية، استجابة لدعوة زعيمه المعتقل عبد الله أوجلان.
اتفاق سنجار
وأكد الحزب أنه قرر "بدء مرحلة نضال سياسي مدني"، في إطار اتفاق غير معلن تضمن "ضمانات سياسية وثقافية" من أنقرة، وبرعاية وساطة عراقية تركية، شملت ترتيب انسحاب مقاتليه من جبال قنديل والمناطق الحدودية، وتسليم المعسكرات والسلاح إلى القوات العراقية.
وتعد وحدات حماية سنجار، وقوات إيزيدخان، أبرز الفصائل الإيزيدية المسلحة التي تشكّلت في أعقاب اجتياح "تنظيم داعش" لسنجار عام 2014، وارتبطت لاحقاً تنظيمياً بحزب العمال الكردستاني، فيما انخرطت شكلياً ضمن ميليشيا الحشد الشعبي بقرارات استثنائية.
وتُتهم هذه القوات بعرقلة تنفيذ "اتفاقية سنجار" الموقعة بين بغداد وأربيل في 2020، التي تدعو لإخراج الجماعات المسلحة من القضاء، وإعادة تنظيم الإدارة المدنية والأمنية، وسط مطالب محلية بدمج هذه التشكيلات ضمن المؤسسات الرسمية، أو تفكيكها تجنباً لتحولها إلى كيانات موازية للسلطة.
استقرار نينوى
بدوره، قال عضو مجلس محافظة نينوى السابق، علي خضير، إن "تفكيك حزب العمال وانسحابه من سنجار سيسهم في تعزيز الاستقرار في محافظة نينوى، ويعطي للقوات الأمنية العراقية، خصوصاً الجيش، فرصة للعب دور قيادي وريادي في ضبط الملف الأمني، بعيداً عن الميليشيات والسلاح غير الشرعي".
وأوضح خضر لـ"إرم نيوز"، أن "سنجار ينبغي أن تُدار سياسياً وأمنياً من قبل الدولة؛ بما يعزز سيادتها ويُعلي صوت القانون فوق كل الاعتبارات الأخرى"، معتبراً أن "ما جرى هو خطوة ناجحة بكل المقاييس، وهي محط ترحيب من قبل المجتمع المحلي في محافظة نينوى" وفق تعبيره.
وفي ظل غياب موقف تركي رسمي واضح حتى الآن، بشأن التحركات الجديدة في سنجار، يُثار تساؤل حول ما إذا كانت أنقرة ستتعامل مع هذه الترتيبات كخطوة كافية لإنهاء تدخلها العسكري، أم أنها ستواصل الضغط بحجة المخاوف الأمنية على حدودها.
تحولات المنطقة
ويُنظر إلى قرار حزب العمال الكردستاني بحل نفسه وتسليم سلاحه كخطوة مرتبطة بتغيرات أوسع في توازن القوى الإقليمية، فمع تراجع النفوذ الإيراني وتضاؤل الدعم الذي كان الحزب يحظى به بات من الصعب على الحزب الاستمرار بالبنية العسكرية نفسها.
وتأمل أوساط عراقية أن يؤدي انسحاب الحزب من سنجار، إلى تطبيق "اتفاقية سنجار"، وإعادة توزيع النفوذ بين بغداد وأربيل في تلك المنطقة الحساسة.
ووُقعت هذه الاتفاقية في 2020 بين الحكومة الاتحادية وإقليم كردستان بهدف تطبيع الأوضاع في الإقليم، لكنها لم ترَ النور بسبب المشاكل في المدينة.
ويبلغ الوجود الرسمي لمقاتلي وحدات حماية سنجار وتحديدا اللواء 80 وفق الأرقام المتداولة، نحو ألف مقاتل يتلقون رواتبهم من بغداد، فضلاً عن وجود نحو ألفين آخرين لم يُدمجوا ضمن ميليشيا الحشد الشعبي.
ويؤكد مسؤولون أمنيون ونشطاء ومراقبون، أن نفوذ الجيش والشرطة العراقيين يقتصر على مركز مدينة سنجار وبعض النقاط المحيطة بها، فضلاً عن الحدود السورية، فيما يسيطر "الحشد الشعبي"، بولاءاته المتعددة على معظم مناطق غرب وجنوب القضاء.
