logo
العالم

"العمال الكردستاني" يحل نفسه.. ما مصير زعيمه أوجلان؟

"العمال الكردستاني" يحل نفسه.. ما مصير زعيمه أوجلان؟
من تجمع لأنصار أوجلانالمصدر: رويترز
12 مايو 2025، 12:10 م

سلك حزب العمال الكردستاني، منذ نشأته أواخر سبعينيات القرن الماضي، مسارات متشعبة ووعرة إلى أن أعلن اليوم، إلقاء السلاح وحل نفسه، في خطوة وصفت بـ"التاريخية".

وتصاعدت التكهنات بشأن مصير زعيم الحزب عبد الله أوجلان المسجون منذ 26 عاما في جزيرة إيمرالي التركية المعزولة في بحر مرمرة.

ولعل أحد أكثر المسارات "درامية" في تاريخ هذا الحزب هو المصير الذي انتهى إليه أوجلان بعد رحلة "سيزيفية"، حسب وصف متابعين، إذ اضطر إلى مغادرة سوريا نهاية تسعينيات القرن الماضي بعد التهديد العسكري التركي ضد الرئيس السوري السابق حافظ الأسد.

كانت المحطة الأولى في رحلة أوجلان تلك اليونان، المتعاطفة مع قضية الأكراد في تركيا، بحكم الخلافات التاريخية بين أثينا وأنقرة، ومنها طار إلى روسيا ثم إيطاليا، ليلقي القبض عليه أخيرا في العاصمة الكينية نيروبي.

أخبار ذات علاقة

من تجمع لأنصار حزب العمال الكردستاني

بعد دعوة أوجلان.. حزب العمال الكردستاني يحل نفسه

 

وفي الوقت الذي رحبت فيه النخبة السياسية التركية بإعلان الحزب، الذي يؤشر إلى نهاية حقبة، وبدء مرحلة جديدة عنوانها السلام، طرحت تساؤلات حول مصير أوجلان، خصوصا وأن هذا الزعيم لا يزال يتمتع بالحضور والسطوة لدى رفاق الأمس، ولا زال مناصرو الحزب يرفعون صوره في احتفالاتهم وأنشطتهم.

وما يثبت حضور أوجلان (البالغ 76 عاما) ومدى تأثيره في الحزب، رغم سجنه وغيابه الطويل، هو أن حل الحزب جاء بتوصيات مباشرة منه بعد أن شارك عبر الهاتف في مؤتمر الحزب الذي عقد الأسبوع الفائت وتم فيه اتخاذ القرارات التي أعلن عنها اليوم.

ويرى خبراء أن مشاركة أوجلان في المؤتمر، وإن عبر الهاتف، تعبر عن تحول في الذهنية التركية المتشددة حيال الحزب ورموزه، ذلك أن القوانين التركية لا تسمح بإجراء مثل هذه المكالمات للمحكومين بالسجن مدى الحياة في جرائم تتعلق بـ"الإرهاب"، كما هو الحال بالنسبة لأوجلان، وفق الرواية الرسيمة التركية.

أخبار ذات علاقة

أنصار حزب العمال الكردستاني

"إذا حلّ نفسه".. ما مصير مقاتلي حزب العمال الكردستاني ومقراته؟

 

وكان الحزب قد فاوض على حرية زعيمه كأحد شروط إلقاء السلاح، غير أن هذا المطلب قوبل برفض تركي، مع ترجيحات بأن تكون ثمة ترتيبات أخرى تتعلق بوضع أوجلان.

البقاء في "قصر إيمرالي" 

أحد السيناريوهات المتوقعة أن يبقى أوجلان في جزيرة إيمرالي، على أن تعمل السلطات التركية على تحويل سجنه إلى "قصر صغير تتوفر فيه كل سبل الراحة لأوجلان"، بحسب نائب رئيس المجموعة البرلمانية لحزب "الجيد"، تورهان تشوميز.

وهذا السيناريو قد لا يكون الأفضل، بحسب قادة الحزب، غير أنه سيوفر لزعيمه وضعا مريحا يتمكن من خلاله استقبال الزائرين وممارسة أنشطته بحرية، علما أن السلطات التركية كانت قد فرضت عزلة على الزعيم الكردي ومنعت عنه الزيارات في السنوات الأخيرة، وسمحت بذلك فقط في الأشهر القليلة الفائتة، بهدف استثمار نفوذ أوجلان للضغط على الحزب لحل نفسه.

أخبار ذات علاقة

عبدالله أوجلان

من سجن إمرالي إلى "الخطاب التاريخي".. من هو عبد الله أوجلان؟ (فيديو إرم)

 

لجوء في دولة أوروبية

من السيناريوهات المرجحة كذلك، وفقا لمتابعين وخبراء، أن تجري تفاهمات بين أنقرة وإحدى الدول الأوروبية من أجل استقبال أوجلان بحيث يحظى بوضع اللاجئ السياسي.

ورغم التعقيدات القانونية والحقوقية المتعلقة بمثل هذه الخطوة، إلا أن هذا الخيار يبقى قائما من أجل إعطاء فرصة لاتمام عملية السلام، بحسب خبراء.

ورغم أن مثل هذه الخطوة قد تثير امتعاض "القوميين الأتراك"، غير أن طموحات إرساء السلام في البلاد قد تدفع السلطات إلى مثل هذا الخيار.

إطلاق سراح

إلى جانب ما سبق، يتم تداول سيناريو آخر مختلف، وهو ببساطة الاستعانة بالقضاء من أجل إطلاق سراح أوجلان ومنحه الحرية بعد ربع قرن من السجن.

ويتطلب مثل هذا السيناريو، إجراء تعديلات قانونية على القوانين التركية، كما يتعين على السلطات التركية القيام بحملة إعلامية وسياسة نشطة تقنع الرأي العام التركي بإن أسباب سجن أوجلان قد انتفى وبالتالي من حقه أن يتمتع بالحرية في ما تبقى من حياته.

ويستند هذا السيناريو على مبدأ "الحق في الأمل"، الذي أقرّته محكمة حقوق الإنسان الأوروبية عام 2014، والذي يتيح للمحكومين بالسجن مدى الحياة ممن أمضوا 25 عاماً بالعودة إلى المجتمع.

ومن المتوقع أن يلعب حزب "الديمقراطية والمساواة للشعوب"، (الذي يعد، بشكل غير رسمي، الجناح السياسي لحزب العمال) دورا مهما في رفع العزلة عن أوجلان وذلك عبر البرلمان والقنوات الرسمية، بالنظر إلى أن الحزب يحتفظ بمقاعد برلمانية وينشط داخل المعارضة التركية.

أخبار ذات علاقة

من احتجاجات سابقة لمؤيدي حزب العمال الكردستاني

حزب مؤيد للأكراد: حل "العمال الكردستاني" مهم للشرق الأوسط

 

بقاء الوضع كما هو

ثمة سيناريو آخر، وهو الأسوأ بالنسبة لقيادات وأنصار حزب العمال، وهو أن يبقى وضع أوجلان كما هو "البقاء في السجن دون أي تغيير يطرأ على وضعه".

وهذا الخيار أيضا متداول، بحسب خبراء، إذ ليس مستبعدا أن ترفض السلطات التركية أي تغيير في وضع أوجلان، خاصةً في ظل الضغوط الداخلية من القوميين والمعارضين. 

لكن خبراء يحذرون من هذا السيناريو، مرجحين أن ذلك قد يُعرقل عملية السلام ويُثير استياء الأوساط الكردية، وخصوصا العمال الكردستاني الذي قد يتراجع، عندئذ، عن قراره بإلقاء السلاح.

ويرى مراقبون أن تطبيق أي سيناريو من السيناريوهات مرتبط إلى حد بعيد بضغوط ودور منظمات حقوق الإنسان والمجتمع الدولي.

كما أن الوضع الداخلي التركي سيكون له دور في ترجيح هذا السيناريو أو ذاك، فالتوازن بين القوى السياسية والضغوط من القوميين والمعارضين قد يُؤثر على قرارات الحكومة بشأن أوجلان.

وأيا كانت الخيارات، فإن الخبراء يشددون على أن مصير أوجلان مرتبط ارتباطًا وثيقًا بتطورات العملية السلمية بين الأكراد والحكومة التركية.

ولعل أولى خطوات بناء الثقة بين الطرفين هو تحسين ظروف أوجلان، وهو ما سيمثل رسالة تبرهن على أن السطات التركية جادة في إيجاد حل للقضية الكردية، المشكلة المزمة منذ نشأة تركيا الحديثة أوائل القرن الفائت.

 

;
logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC