رغم التوصل إلى اتفاق بين الحكومة السورية ووجهاء من الطائفة الدرزية في السويداء، جنوبي البلاد، لم تتوقف القذائف عن السقوط على بلدات "حران" و"الثعلة" و"عرى" في ريف المحافظة الغربي، في وقت حذر فيه خبراء من خطورة إقدام "فصائل منفلتة" على تأجيج الأوضاع مجددا.
وبالاستناد إلى تجارب سابقة مع مناطق مثل جرمانا وصحنايا، فإن ما يُعرف بـ"الفصائل المنفلتة" قد لا تلتزم بأي اتفاق، فتتجه إلى التصعيد وترتكب انتهاكات بحق المدنيين، بحسب مراقبين.
وجرى استهداف قرى الريف الغربي للسويداء عبر قذائف هاون أُطلقت من قرية "الدارة"، ما دفع فصائل مسلحة في السويداء إلى الردّ على مصادر النيران، الأمر الذي وسّع نطاق المواجهات.
وتُعدّ قرى الريفين الغربي والشرقي في السويداء مناطق شديدة الخطورة، لوقوعها على تماس مباشر مع مناطق تمتلك أسلحة ثقيلة، لم تعمل قوات الأمن على نزعها، ما أدى إلى انتشار السلاح بين المدنيين بشكل لافت، تحت ذريعة الدفاع عن النفس.
ويعتقد المحلل عصام عزوز أن الحل الوحيد لإعادة الأمن هو نزع السلاح من جميع المدنيين والفصائل غير المنضبطة، خصوصا في ظل تفشي فوضى السلاح وتعدد الفصائل المتصارعة في الجنوب السوري، ما يعيق أي اتفاق سياسي فعّال.
وقال لـ"إرم نيوز": "ينتشر السلاح بكثافة بين مجموعات البدو في ريف السويداء الشرقي، وتهاجم تلك المجموعات مناطق أخرى منذ سنوات، لكن التصعيد الأخير تغذّيه جهات خارجية تسعى لإشعال الصراعات الداخلية لتحقيق مكاسب سياسية".
ويفاقم الوضع الأمني المتدهور في السويداء وريفها من معاناة المواطنين، لا سيما بعد تراجع الخدمات، وتردي الوضع المعيشي، وانقطاع طريق السويداء – دمشق في الأيام الماضية، مما صعّب تأمين المواد الأساسية كالخبز والأدوية.
ويرى المحلل عزام شعث أن فرض الأمن وتكريس خطاب وطني جامع وتجريم كل من يخلّ به، خطوة ضرورية لتحقيق الاستقرار وعودة الحياة الطبيعية إلى الجنوب السوري.
ودعا شعث في حديث لـ"إرم نيوز" إلى "التصدي أولا للفصائل المنفلتة"، مشيرا إلى تجارب سابقة في حمص وريفها بعد أن "دخلت قوات الأمن العام مناطق غير مستقرة وحققت الأمن بعد سحب السلاح، لكن تلك الفصائل عادت وانتهكت حقوق المدنيين".
وحذر شعث من خطورة وسائل التواصل الاجتماعي في تأجيج الفتن، مبينا أن "الناس لا تتحقق من صحة الأخبار، وقد سبق أن روّجت إشاعات حول محاصرة البدو في الريف الشرقي بالتزامن مع قصف استهدف ريف السويداء، مما أدى إلى اشتعال الجبهة الغربية".
وقبل أيام، أقدم مسلحون من الأهالي على قطع الطريق الدولي بين السويداء ودمشق عند منطقة "المطلة"، على بعد نحو 20 كم من العاصمة، وأطلقوا النار على سيارات وحافلات، مما تسبب بسقوط عدد من الضحايا المدنيين.
ويؤكد عصام عزوز صعوبة ضبط الأوضاع في ريف الجنوب السوري نتيجة التعقيدات الجغرافية والسياسية، وتحديداً التدخل الإسرائيلي الذي يعارض انتشار الجيش في هذه المنطقة.
ولفت إلى أن "الجنوب السوري يختلف عن وسط البلاد خاصة أنه يطل على الأردن والجولان، ما يجعل أي حل رهناً بالتوازنات الإقليمية وتنامي الصراع بين تركيا وإسرائيل".
ويرى شعث أن سن قوانين صارمة ونشر قوات الأمن العام في مختلف المناطق، يمثلان حجر الأساس لتحقيق الاستقرار، مشدداً على ضرورة إنزال عقوبات رادعة بكل من يعبث بالسلم الأهلي، منعاً لاتساع دائرة الفوضى والتحريض.
يُذكر أن محافظة السويداء تقع جنوب غرب سوريا، وتبعد عن دمشق قرابة 128 كم.
وتُعتبر حدودها من أكثر المناطق توترا أمنيا، إذ تطل شرقاً على الرطبة في العراق ومحافظة ريف دمشق، وغربا على سهول حوران ومحافظة درعا، وهي مناطق تنتشر فيها الفصائل المسلحة المتناحرة.