"رويترز": أمريكا لم توافق بعد على أي مساعدات لأفغانستان بعد الزلزال
تحولت الدراجات النارية إلى مصدر رعب للسوريين في أحياء حمص ذات الأغلبية العلوية، حيث باتت رديفًا للموت برصاص غادر.
شهد شهر نيسان/ أبريل 2025 في سوريا موجة دامية من جرائم القتل والتصفية والاختطاف، راح ضحيتها 137 مدنيًّا بينهم نساء وأطفال، في ظل انفلات أمني متزايد، وارتفاع خطاب التحريض الطائفي الذي يهدد ما تبقى من النسيج المجتمعي السوري.
توزعت هذه الجرائم على مختلف المحافظات السورية، لكن محافظة حمص تصدرت القائمة بفارق كبير، إذ سجلت المحافظة المتداخلة طائفيًّا، 60 حالة قتل، تلتها حلب بـ17، ثم حماة بـ15، اللاذقية 11، دمشق 10، طرطوس 8؛ ما يعكس تصاعد النزعة الانتقامية في بؤر جديدة بعد مجازر الساحل في السابع من آذار الماضي.
ووفقًا لتقرير أصدره المرصد السوري لحقوق الإنسان، فإن حالات القتل تنوعت بين "تصفية جسدية"، و"إعدامات ميدانية"، وعمليات اغتيال ممنهجة استهدفت مدنيين ومتعاونين مع النظام السابق، بالإضافة إلى شخصيات معارضة ومواطنين من خلفيات طائفية مختلفة.
وتوزع الضحايا على خلفيات اجتماعية وطائفية متعددة، لكن القاسم المشترك بينهم أنهم كانوا جميعًا ضحية فوضى سلاح، وغياب القانون، واستغلال الطائفية كأداة للانتقام السياسي والعسكري.
تشهد محافظة حمص منذ شهر، تصاعدًا مقلقًا في وتيرة الهجمات التي تستهدف المدنيين داخل منازلهم، وسط اتهامات لمجموعات مسلحة منفلتة، بعضها مرتبط بجهات رسمية وأخرى تنتمي لعشائر البدو، بتنفيذ هذه الاعتداءات.
في الأيام الأخيرة، أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بمقتل 11 مدنيًّا على الأقل في مداهمات نفذتها قوات الأمن وفصائل يعتقد أنها من عشائر البدو، فضلًا عن حملة اعتقالات طالت شبانًا لم يتجاوزوا 18 عامًا.
وأعلنت إدارة الأمن العام في محافظة حمص عن تنفيذ حملات مداهمة واعتقالات في أحياء مختلفة، من بينها حي المهاجرين، أسفرت عن اعتقال عدد من المطلوبين ومصادرة أسلحة وذخائر.
ورغم هذه الإجراءات، تشير تقارير إلى استمرار الهجمات على المدنيين؛ ما يثير تساؤلات حول فاعلية التدخلات الأمنية وقدرة السلطات على ضبط الوضع.
تحولت الدراجات النارية إلى مصدر رعب بالنسبة إلى السكان في أحياء حمص ذات الأغلبية العلوية، حيث باتت رديفًا للموت برصاص غادر. وتتزايد في المحافظة التي تقع وسط البلاد حوادث القتل التي ينفذها مسلحون مجهولون يستقلون دراجات نارية، حيث أصبحت هذه الوسيلة الأكثر شيوعًا لتنفيذ عمليات الاغتيال والهجمات المفاجِئة على المدنيين.
في آخر جرائم القتل، قتِلت المعلمة سحر إبراهيم (35 عامًا) في حي وادي الذهب بحمص، إثر إطلاق نار نفذه ملثَّمان يستقلان دراجة نارية، استهدفَ الضحية وزوجَها أثناء جلوسهما على شرفة منزلهما.
في تاريخ الـ20 من نيسان/ أبريل 2025، قُتِلت ثلاث نساء في حي كرم اللوز بمدينة حمص (أم وابنتيها) بعد أن فتح مسلحان يستقلان دراجة نارية النار عليهنَّ أمام باب منزلهنَّ؛ ما أدى إلى مقتلهنَّ.
وفي الـ7 من نيسان/ أبريل 2025، قُتل شخص يعمل في حلاقًا داخل محله في شارع تلّو بمدينة حمص، بعد أن استهدفه مسلحون مجهولون ببضع طلقات نارية.
كما شهدت مدينة تلكلخ في ريف حمص الغربي حادثة مماثلة، حيث قُتل مدني جراء إطلاق نار مباشر نفذه مسلحان يستقلان دراجة نارية ومن ثم لاذا بالفرار.
وفقًا للباحث والكاتب السوري، مازن بلال الذي أجرى بحثًا حول طبيعة الانتهاكات التي تشهدها البلاد في الآونة الأخيرة، برزت بضع سمات لافتة ومتكررة في هذه الجرائم. يقول بلال لـ "إرم نيوز" إن هناك تكرارًا في استهداف الأشخاص أثناء تنقلهم أو أمام منازلهم؛ ما يدل على وجود رصد مسبق ونية مبيتة للتصفية.
السمة الأبرز حسب وصف بلال، هي الاعتماد على دراجات نارية وسيارات من طراز "سنتافيه" في أغلب العمليات، مع إخفاء معالم المهاجمين (ملثمين). كما أن معظم الاختطافات تنتهي بإعدامات ميدانية، خاصة في حمص وطرطوس، وغالباً ما تُترك الجثث في العراء أو تُلقى داخل المستشفيات.
ويترافق كل ذلك مع خطاب طائفي مرافِق لبعض الاعتداءات، كما ورد في جريمة الاعتداء على محل التمديدات الصحية في حي كرم الزيتون بحمص، حيث تم ترديد عبارات طائفية أثناء تنفيذ الجريمة.
ويتصاعد القلق في أوساط السكان من انتشار السلاح العشوائي، وتغوّل المجموعات المسلحة، التي تعمل بشكل مستقل تحت مسميات محلية أو طائفية، حيث باتت الاغتيالات والإعدامات خارج القانون جزءًا من الحياة اليومية، وسط عجز داخلي عن ضبط الفلتان الأمني، وصمت دولي مطبق.
وفي حين كانت بعض الجرائم تحمل طابعًا "ثأريًّا" أو "جنائيًّا"، فإن ما لا يقل عن 45% منها صنّفت كجرائم ذات خلفية سياسية أو طائفية؛ ما ينذر بخطر حقيقي على السلم الأهلي.
وفقًا لأحد القانونيين السوريين، ما حدث في نيسان/ أبريل، ليس مجرد "موجة عنف"، بل هو انعكاس لحالة انهيار شاملة، حيث لم تعد هناك مرجعية قانونية أو أخلاقية تضبط تصرفات القوى المسيطرة. وباتت سوريا "أرضاً سائبة تتقاطع فيها الحسابات الطائفية والسياسية والعصاباتية".