logo
العالم العربي

سوريا.. هل دخلت السويداء مرحلة التفاوض بالنار؟

سوريا.. هل دخلت السويداء مرحلة التفاوض بالنار؟
عناصر أمن سوريون في السويداءالمصدر: رويترز
06 مايو 2025، 12:58 م

يرى خبراء أن التصعيد الأخير في محافظة السويداء، رغم دخول الاتفاق المبرم بين وجهاء المحافظة والحكومة السورية حيّز التنفيذ، لا يمكن فصله عن محاولات خلط الأوراق في لحظة حرجة من التهدئة.

الاستهداف المدفعي لقرى مدنية في محيط درعا والسويداء يكشف عن أطراف داخلية وخارجية لا ترى في الاستقرار مصلحة، وتسعى لإعادة توجيه مسار الأحداث بما يخدم أجنداتها.

ويشير المراقبون إلى أن ما يجري ليس خرقاً أمنياً عارضاً، بل تحدٍّ ممنهج للاتفاق، يهدف إلى إضعاف دور الوجهاء وخلخلة ثقة المجتمع المحلي، وسط صمت رسمي يزيد من تعقيد المشهد ويفتح الباب أمام تجاذبات تهدد بنسف كل ما تحقق حتى الآن من تفاهمات هشة.

أخبار ذات علاقة

سيناريو أسود بعد "ليلة الرعب".. مَن يطفئ نار السويداء؟ (فيديو إرم)

قصف بـ"الهاون" واشتباكات عنيفة.. هل انفجر الوضع في السويداء؟

 وعلق الأكاديمي والمحلل السياسي توفيق دوران بأن التطورات الأخيرة في الجنوب السوري، وعلى رأسها القصف الذي استهدف قرى السويداء الحدودية، تكشف أن ما يجري لا يقتصر على مجرد انتكاسة أمنية أو خرق موضعي للاتفاق المبرم بين وجهاء السويداء والحكومة السورية، بل يتجاوز ذلك إلى كونه مؤشراً على رسائل متبادلة بين أطراف محلية وإقليمية تُدار خارج الأطر الرسمية للاتفاقات، وهو ما يضع السكان في صلب صراع مصالح يتجاوز إرادتهم وخياراتهم".

وأوضح، لـ"إرم نيوز"، أن هذا التصعيد يحدث في وقت يحاول فيه أبناء السويداء الحفاظ على حياد نسبي يجنّبهم الانزلاق في صراعات مفتوحة، إلا أن القصف الأخير أعاد إشعال المخاوف من أن بعض القوى المسلحة، سواء كانت داخلية أو تحظى بدعم خارجي، غير راضية عن مخرجات الاتفاق، وتعتبر أي تهدئة مقدمة لتقليص نفوذها.

وأكد أنه "من هذا المنظور، لا يمكن اعتبار ما جرى مجرد خرق عابر، بل يبدو كمحاولة مدروسة لإرباك المشهد وإعادة صياغة المعادلات الميدانية وفق شروط جديدة".

أخبار ذات علاقة

مسلحون تابعون للمجلس العسكري بالسويداء

قصف متبادل بالهاون على قريتي حران ومسيكة بريفي السويداء ودرعا

 وعلى الصعيد السياسي، بيّن دوران أن صمت الحكومة السورية أو ترددها في تقديم رد واضح على مجريات الأحداث في السويداء يضعها في موقع الاتهام أمام الرأي العام المحلي، ويُضعف من قدرة الوجهاء والمجتمع المدني على لعب دور الوسيط مستقبلاً.

 وأكد أنه "إن لم تُتخذ خطوات حازمة لوقف هذه الانتهاكات، فإن الاتفاق القائم سيتحول إلى وثيقة شكلية تفتقر إلى القدرة على حماية المدنيين أو بناء أسس الاستقرار، وسيبقى الجنوب السوري عرضة للتجاذبات الأمنية والتكتيكات العسكرية التي لا تقيم وزناً لمصير السكان".

وفي السياق ذاته، أكد المحلل السياسي حسام الدين سلوم أن الاتفاق الأخير بين وجهاء محافظة السويداء والحكومة السورية، والذي اعتُبر في حينه مقدمة لاستعادة الهدوء والاستقرار، واجه تطورات ميدانية مفاجئة قد تقوّض ما تم التوصل إليه، حيث شكّل القصف الذي طال بعض القرى الحدودية بين السويداء ودرعا، وعلى رأسها قرية الثعلة، صدمة لدى السكان الذين كانوا يتطلعون إلى مرحلة من التهدئة.

أخبار ذات علاقة

قوات إسرائيلية داخل الأراضي السورية

خاص- من الجولان إلى السويداء.. خطط إسرائيلية لتوسيع المنطقة العازلة في سوريا

 وأضاف، لـ"إرم نيوز"، أن سقوط القذائف وما نجم عنها من خسائر مدنية أعاد إلى الواجهة مشاعر القلق وعدم اليقين، إذ إن التطورات التي وقعت مساء أمس وصباح اليوم كشفت بسرعة عن هشاشة التفاهمات المبرمة، ولا سيما في بيئة مشبعة بالسلاح والانقسامات.

وأوضح أن هذا التصعيد يؤكد وجود أطراف لا ترى في الاستقرار سوى تهديد مباشر لمصالحها، سواء لأسباب داخلية تتعلق بإعادة ترتيب مراكز القوى والنفوذ، أو بفعل امتدادات خارجية تسعى إلى إبقاء الجنوب السوري في حالة دائمة من التوتر.

وأشار إلى أن ما جرى ليس وليد الصدفة، بل يأتي في توقيت بالغ الحساسية، يُراد من خلاله إفشال أي جهد محلي لبناء توازن جديد، فهناك من يتعمد خلط الأوراق على الأرض لإرباك المشهد وإحراج الأطراف الموقعة على الاتفاق، وإظهارها بمظهر العاجز عن فرض أي التزام فعلي على الجماعات المسلحة أو الجهات الداعمة لها.

أخبار ذات علاقة

مجموعة من الدروز

فصائل السويداء.. تشكيلات فرّقتها الأهداف وجمعها السلاح

  ولفت سلوم إلى أن الاتفاق الراهن يواجه الآن اختباراً حقيقياً لمصداقيته وقدرته على الصمود، وهو ما يفرض على جميع الأطراف، ولا سيما الحكومة السورية، أن تبادر بعمل جاد لضبط الفاعلين الميدانيين ومحاسبة المسؤولين عن القصف؛ لأن استمرار الغموض بشأن الجهة المسؤولة عن هذه الانتهاكات من شأنه أن يعزز مناخ انعدام الثقة، ويعيد تدوير العنف في مناطق التماس.

وختم بالتأكيد على أن حماية الاتفاق لا تتطلب فقط إجراءات عسكرية لفرض التهدئة، بل تحتاج أيضاً إلى التزام سياسي صادق لبناء ثقة حقيقية مع المجتمع المحلي، تمكنه من الصمود في وجه محاولات التخريب المستمرة، والتي لا تزال الجهات الواقفة خلفها مجهولة. 

;
logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC