ترامب يعلن أنه سيوجّه "خطابا إلى الأمة" الأربعاء
يرى خبراء أن قرار الإدارة الأمريكية بإنهاء برنامج الحماية المؤقتة للسوريين المقيمين في الولايات المتحدة يرتبط بجملة من الاعتبارات السياسية والأمنية والداخلية.
فقد اعتبرت واشنطن أن الظروف التي بررت استمرار البرنامج قد تغيّرت مع بروز سلطة جديدة في دمشق تعزز الاستقرار النسبي، ما أتاح لها قانونياً وسياسياً تبرير وقف العمل بالبرنامج.
وأشاروا إلى أن الخطوة تحمل رسائل مزدوجة، فهي من جهة تخاطب الداخل الأمريكي عبر إظهار تشدد في ملف الهجرة تماشياً مع ضغوط المشرعين والجمهوريين، ومن جهة أخرى تشكل ورقة ضغط واختباراً للنظام الجديد في دمشق لقياس استعداده لاستقبال العائدين وضمان سلامتهم.
وتأتي هذه التطورات بالتزامن مع الزيارة التاريخية لمسؤولين سوريين رفيعي المستوى إلى واشنطن، وهو ما يمنح القرار بعداً رمزياً قد يضعف صورة الانفتاح السياسي الأمريكي ويجعل التقارب الدبلوماسي مشروطاً بمدى تجاوب دمشق مع الملفات الأمنية والسياسية المطروحة.
وقال الكاتب والباحث السياسي، محمد هويدي، إن الدوافع الأمريكية خلف هذا القرار تندرج في سياق التغيير الأمني والسياسي للوضع في سوريا ضمن برنامج "TPS" الذي يمنح الحماية بناءً على ظروف استثنائية مثل النزاعات المسلحة والكوارث الطبيعية وغير ذلك.
وأضاف هويدي، لـ "إرم نيوز"، أن الإدارة الأمريكية رأت أن الوضع الأمني في سوريا بدأ يتحسن وأن الحكومة الانتقالية تعزز الاستقرار، ما يعني أنه تم تقليص الحماية الإنسانية بعد التغيرات التي جرت في سوريا.
وأوضح أن القرار الأمريكي في هذا السياق حمل رسائل سياسية موجهة للداخل الأمريكي، لأن قرارات الهجرة واللجوء غالباً ما ترتبط بحسابات داخلية أكثر من ارتباطها بالسياسة الخارجية، وهذا البرنامج يسوَّق للرأي العام الأمريكي على أنه جزء من ضبط الحدود وإعادة تقييم برامج الحماية المؤقتة بشكل شامل.
وأشار هويدي إلى أن هذه الخطوة تُعتبر اختباراً للنظام الجديد في دمشق، إذ قد يكون إنهاء البرنامج بمثابة ورقة ضغط أو اختبار لمدى استعداد دمشق لاستقبال العائدين وضمان سلامتهم بما يُظهر حسن النية والتعاون، إلى جانب نقطة مهمة وهي تخفيف التكلفة السياسية والاقتصادية على الإدارة الأمريكية في التوازن بين التزاماتها السياسية وبين الضغط المتزايد في الداخل الأمريكي من هذا البرنامج تجاه السوريين، وتقديم موقف أن واشنطن غير متساهلة مع السوريين إلى حد كبير في ملفات الهجرة.
وبيّن هويدي أن انعكاسات هذا القرار، الذي جاء متزامناً مع قدوم مسؤولين سوريين إلى واشنطن، له أثر سلبي ولكن رمزي على صورة الزيارة، خاصة أن هذا القرار يتناقض مع الخطاب الودي الأمريكي وكذلك الانفتاح السياسي، مما قد يحرج الوفد السوري ويضعف صورة الشراكة أمام الإعلام.
وتابع قائلاً إن استقبال مسؤولين سوريين مع إنهاء برنامج الحماية الإنسانية قد يُقرأ أيضاً على أنه فصل بين ملف سياسة التطبيع وبين الملف الإنساني، وعدم تبني سياسة هجرة واسعة تجاه السوريين، إلى جانب أن الإدارة الأمريكية تستخدم هذه الورقة كأداة تفاوضية مقابل تعاون سوري في ملفات محددة أمنية وغيرها.
واختتم هويدي حديثه مشيراً إلى أن مثل هذا القرار له أثر سلبي على صورة الزيارة وعلى الخطاب الودي والتصريحات الإيجابية، ولكن كل الأمور مرتبطة بملفات متعلقة بمدى استجابة السلطة المؤقتة في دمشق.
من جانبه، قال الكاتب والمحلل السياسي، محمد دنكر، إن إدارة ترامب ترى أن الظروف التي بررت منح الحماية المؤقتة قد تغيّرت مع وجود سلطة جديدة في دمشق تتماشى مع سياستها، ما أتاح قانونياً إنهاء البرنامج.
وأضاف دنكر، في تصريح لـ "إرم نيوز"، أن القرار أيضاً يعكس ويؤكد التشدد في ملف الهجرة، والذي كان من أبرز القضايا التي ساهمت في وصول الرئيس دونالد ترامب، مرة ثانية إلى البيت الأبيض. هذا الملف يُستخدم كورقة تفاوضية لدفع الحكومة السورية إلى تقديم ضمانات أمنية والضغط عليها للتعاون في ملفات سياسية واقتصادية.
وأشار الخبير إلى أن إنهاء البرنامج يتزامن مع أول زيارة لمسؤول سوري رفيع إلى واشنطن منذ 25 عاماً، ما يؤكد انفتاحاً دبلوماسياً مع الحكومة الجديدة، لكن هذا الانفتاح يأتي مع عواقب وأولها التشدد في ملف اللاجئين.
وأوضح دنكر أن الخطوة تخفف الضغوط الداخلية على البيت الأبيض من المشرعين والجمهوريين الذين يريدون إحكام القبضة في ملف الهجرة، لكنها أيضاً تثير انتقادات من منظمات حقوقية، وتؤكد أن مسار التقارب مع دمشق مشروط بمدى التقدم في ملفات العودة الآمنة والاتفاقات السياسية وحماية مصالح أمريكا وحلفائها في المنطقة.