تشير التطورات التي تشهدها سوريا أن البلاد تتجه نحو حسم ملفات حساسة، وأن الأسبوع المقبل سيشهد تبلور عدد من القضايا، إضافة إلى تحديد تموضع السلطات الجديدة عالمياً.
من اتفاق السويداء برعاية أمريكية، إلى لقاءات وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني، مع مسؤولين إسرائيليين، وزيارته "التاريخية" وهي الأولى لوزير سوري إلى الولايات المتحدة، منذ 25 عاماً، إلى كلمة من المرتقب أن يلقيها الرئيس السوري أحمد الشرع أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 24 أيلول، (حسبما ذكرت صحيفة "الثورة" السورية)، وما بين ذلك من مؤشرات على ما وُصفت بالانعطافة الأمريكية في الشأن السوري. تدل على أن البلاد تتجه نحو تغيرات عميقة.
زيارة الشرع إلى الولايات المتحدة، قد تشهد لقاء يجمعه بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب، (حسب صحيفة الثورة)، وشبكة "سي.بي.إس" الأمريكية، إضافة إلى لقاء الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
وأشارت الصحيفة إلى ما كشفته وكالة "أسوشيتد برس" من أن واشنطن منحت الوفد السوري إعفاءً خاصاً من قيود السفر المفروضة منذ أكثر من عقد، في سياق إعادة ترتيب العلاقات بعد سقوط نظام الأسد أواخر 2024.
غير أن التطور الأبرز سيكون اللقاء "المحتمل" بين الشرع ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، حسبما ذكر موقع "أكسيوس" الأميركي، وأوضح أن نتنياهو يسعى لترتيب لقاء مع الشرع، نهاية شهر سبتمبر الجاري، على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، وإن تم اللقاء سيكون الأول من نوعه في تاريخ سوريا.
تأتي زيارة الشرع بعد تطورين مهمين في سوريا تمثلا بالإعلان عن اتفاق بخصوص السويداء، وكذلك بإعلان الشرع، يوم أمس الأربعاء، أن المحادثات بين سوريا وإسرائيل "قد تفضي إلى نتائج خلال الأيام المقبلة"، وهو ما يشير إلى أن لقاءه المحتمل بنتنياهو، سيكون "تتويجاً" لاتفاق، وليس مجرد إعلان عن طي صفحة من تاريخ سوريا.
وكانت وكالة "فرانس برس" نقلت عن مصدر في وزارة الخارجية السورية أن سوريا وإسرائيل ستُبرمان "اتفاقيات متتالية" قبل نهاية العام الحالي. وأشار إلى أن تلك الاتفاقيات ستكون أمنية وعسكرية بالدرجة الأولى.
وبدأت أولى ثمار تلك الاتفاقات تظهر في الجنوب السوري، وبما يتجاوز محافظة السويداء، وحسب خريطة نشرها "معهد دراسات الحرب" الأمريكي، فإن تلك المنطقة تم تقسيمها إلى 4 مناطق، الأولى تحت السيطرة الإسرائيلية الكاملة، (الجولان السوري)، والثانية منطقة عازلة تخضع لرقابة أممية (تم توسيعها بعد سقوط نظام الرئيس بشار الأسد)، أما الثالثة فهي منطقة خالية من السلاح، والمنطقة الرابعة التي تشمل السويداء ودرعا، فستكون منطقة حظر جوي.
رغم أن ترامب سبق أن أعلن رفع العقوبات عن سوريا، إلا أن أكثرها خطورة على اقتصاد البلاد، وهو قانون "قيصر"، ما زال سارياً، وقد كان محور لقاءات الشيباني مع مسؤولين من وزارة الخزانة ووزارة الخارجية الأمريكية.
وذكرت الوزارة عبر حسابها في منصة "إكس" أنها تعمل على إعادة ربط اقتصاد سوريا "بالنظام المالي العالمي بشكل مسؤول وآمن، مع مكافحة تمويل الإرهاب".
ويشهد الكونغرس الأمريكي تبايناً حاداً في الآراء حول مصير "قيصر" (قانون حماية المدنيين السوريين) الذي أقره عام 2019، ليضع عقوبات على سوريا وكل من يتعامل معها تجارياً، دولاً أو أفراداً.
ورغم الوعود التي قدمت للشيباني، إلا أن إلغاء القانون ليس بالأمر اليسير، إذ إن على دمشق أن تقوم بعدد من الخطوات قبل ذلك، ومنها: إقامة علاقات سلمية مع الدول المجاورة، بما فيها إسرائيل، واتخاذ إجراءات ضد جماعات تهدد المنطقة، وإبعاد المقاتلين الأجانب عن مؤسسات الدولة، والتحقيق بالجرائم التي ارتكبتها مجموعات تابعة للحكومة منذ 8 ديسمبر.
وكانت إدارة ترامب قامت بتسريح عدد من الدبلوماسيين الأميركيين، في "منصة سوريا الإقليمية" وهو إجراء رأى فيه مراقبون أنه يشكل انعطافاً في السياسة الأمريكية، وليس تحولاً فيها، إذ يعزز من الرؤية التي يطرحها المبعوث الأمريكي توماس باراك، الذي يبدي تقارباً أكبر مع المسؤولين الذين يحكمون سوريا اليوم، إذ إنه يبدي الدعم لسوريا موحدة تحت قيادة الشرع.