logo
العالم العربي

السويداء تثور على الاتفاق.. رفض يهز أركان خارطة الطريق السورية

من اليمين باراك الشيباني والصفدي أثناء مراسم توقيع الاتفاقالمصدر: أ ف ب

رأى خبراء أن خارطة الطريق التي جرى التوصل إليها بين الأردن والولايات المتحدة ودمشق تمثل انعكاساً لتحولات سياسية واستراتيجية عميقة تتجاوز حدود السويداء نفسها، لكنها في الوقت ذاته قوبلت برفض واضح من القوى المحلية هناك؛ ما يكشف عن فجوة جوهرية بين التفاهمات الإقليمية والمطالب الداخلية.

ويشير هؤلاء إلى أن إدخال الأردن وواشنطن في مسار التفاهمات يعكس اتجاهاً لتحويل الأزمة من شأن داخلي إلى ملف دولي متعدد الأطراف، غير أن تجاهل خصوصية السويداء وجرحها المفتوح جعل الرفض خياراً حتمياً.

وأكدوا أن هذا التباين يعقد فرص الحل؛ إذ تتحول المحافظة إلى ساحة صراع نفوذ أكثر من كونها ملفاً وطنياً، بينما يبقى غياب التوافق الداخلي سبباً رئيساً في إضعاف أي محاولة لإنتاج استقرار طويل الأمد.

أخبار ذات علاقة

الشيخ حكمت الهجري مع عناصر في "لواء الجبل"

"لا أحد يفاوض عنا".. السويداء ترفض "خريطة الطريق" وتذهب لتقرير المصير

تفاهمات مؤقتة

فيما يرى الكاتب والباحث السياسي، أمجد إسماعيل الآغا، أن اتفاق السويداء جاء نتاج مفاوضات طويلة لم تحقق شيئاً؛ ما عكس أبعاداً سياسية واستراتيجية عميقة، الأمر الذي دفع بالأطراف إلى البحث عن تحالفات إقليمية ودولية، أدخلت الأردن والولايات المتحدة كفاعلين أساسيين في إدارة الأزمة؛ ما يكشف أن استقرار المحافظة مرتبط بالرهانات والتوازنات السياسية والأمنية الخارجية؛ ما يضع الاتفاق ضمن شبكة تفاهمات مؤقتة قد تتأثر بالتقلبات الإقليمية.

وأضاف في تصريح لـ"إرم نيوز"، أن هذا السياق يعكس بوضوح تحوّل القضية من أزمة محلية إلى ملف ملعب خارجي متعدد الأطراف، ومن هذا المنطلق، يشكل الاتفاق اعترافاً ضمنياً بحاجة دمشق لتتقاسم أعباء إدارة ملف حساس؛ ما يزيد من تعقيد صياغة الحلول، ويعكس التداخل المستمر بين مصالح وأهداف قد تتصادم أحياناً.

من الناحية السياسية أوضح الآغا أن "هذا الواقع رسم ملامح تحول في معادلات النفوذ، أما استراتيجياً، فقد تتحول السويداء إلى نقطة محورية لصراعات النفوذ بين القوى الكبرى، التي تستثمر في ضعف النظام لتحقيق مآربها، أو لتثبيت مواقعها التفاوضية"، وفق قوله.

أخبار ذات علاقة

من اليمين باراك الشيباني والصفدي

بين "حق تقرير المصير" والاتفاق مع دمشق.. إلى أين تتجه السويداء؟

ترتيب الأولويات

وشدد الآغا، على ضرورة تبني مقاربات تعددية وتفاهمات مبتكرة، من بينها تنسيق دمشق مع الأردن والولايات المتحدة عبر شبكة معقدة قد تنتج استقراراً نسبياً أو انهياراً لو غابت الشفافية والتوافق.

وأشار إلى أن أي حل طويل الأمد لأزمة السويداء لا يمكن أن يتأسس على معالجات قصيرة الأمد أو توافقات إقليمية ضيقة تنظر إلى الملف كجزء من لعبة نفوذ، بل يجب أن ينطلق من رؤية وطنية متماسكة تضع الإنسان السوري في قلب العملية، وتعطي الأولوية لحقوقه واحتياجاته الحقيقية.

وأكد الآغا أن على دمشق إعادة ترتيب أولويات الدولة وفق معايير واضحة تراعي التركيبة في سوريا، وإلا ستتكرر الأحداث في أكثر من بقعة جغرافية، وها قد رفضت السويداء الاتفاق؛ ما يعني أن الأمور لن تذهب باتجاه العمل على تحسين الأمور على كامل الجغرافيا السورية، خاصة مع المتغيرات التي تحدث يومياً تقريباً.

تبدلات فرضتها الضرورة

من جهته، قال مصدر عسكري من السويداء إنه بعد تاريخ 15 من يوليو/ تموز انقلبت الموازين والقيم ومعايير الانتماء لسكان المحافظة، لتُبنى من جديد وفق مبدأ الحفاظ على الوجود، إلى جانب الحفاظ على الإرث الشعبي والتاريخ النضالي.

وأضاف المصدر الذي رفض الكشف عن هويته لـ"إرم نيوز"، أنه "لا يمكن لأي سوري المزاودة على الانتماء الوطني لأبناء المحافظة والتزامهم بهويتهم السورية، مشيرا إلى دورهم المحوري في التحرير والبناء عبر تاريخ سوريا القديم والمعاصر، وأن وعيهم ومسؤوليتهم الوطنية ساهما في تعزيز مكانة سوريا على الصعيد الدولي".

وأشار إلى أنهم "كانوا مجبرين لا مخيرين على تضييق جغرافيا الوطن واختزالها بجغرافيا جبل الدروز، لتصبح خارطة الطريق هي مصلحة الطائفة والحفاظ على سلامة أهلها وضمان مستقبل أبنائها بعيداً عن أي أحداث كالتي شهدها أهل السويداء".

ويوم أمس أعلن وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني خارطة طريق بدعم من الولايات المتحدة والأردن لإرساء المصالحة في محافظة  السويداء ذات الغالبية الدرزية، حيث وقعت أعمال عنف دامية في تموز/يوليو الماضي.

وفي الأثناء أعلنت القيادات الدرزية الرفض المطلق لـ"خارطة الطريق" التي أعلنت عنها الخارجية السورية يوم أمس، في مؤشر على أن قضية السويداء لن توضع على طريق الحل خلال الفترة القريبة القادمة، رغم الزخم الأمريكي الكبير لوضع نهاية لهذا الملف الشائك. 

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC