بينما تحشد فرنسا 142 دولة لدعم خارطة طريق لحل الدولتين بعد انتهاء الحرب في غزة، تغيب عن القائمة "الدولة الحاسمة"، وهي الولايات المتحدة، لتبدو "بادرة يأس" مع إصرار الرئيس، دونالد ترامب، على الوقوف بشكل كامل إلى جانب إسرائيل، بحسب تقرير لصحيفة "نيويورك تايمز".
وقال الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، إنه سيعترف رسميًا بالدولة الفلسطينية عندما تعقد الجمعية العامة للأمم المتحدة الأسبوع المقبل، كجزء من دفعة دبلوماسية واسعة النطاق قادها في محاولة لإنقاذ حل الدولتين مع إسرائيل، والذي يبدو بعيدًا أكثر من أي وقت مضى.
وتأمل خطة ماكرون في توفير خارطة طريق لإعادة إعمار غزة وإحلال السلام بعد انتهاء حرب غزة التي شارفت على دخول عامها الثالث، وقد حظيت بدعم 142 دولة.
لكن حتى أقوى المؤيدين للخطة في الدائرة الداخلية لماكرون يعترفون بأنها تفتقر إلى العنصر الأساسي، وهو أي تلميح إلى الدعم من الولايات المتحدة.
وترى الصحيفة الأمريكية أن غياب دعم ترامب لخطة ماكرون سيجعلها تنضم إلى أكثر من 75 عامًا من "الدبلوماسية الفاشلة"، منذ أن دعت الأمم المتحدة في 1947 لأول مرة إلى إنشاء دولة عربية إلى جانب أخرى عبرية.
ومع ذلك، يصر ماكرون وفريقه على أن الدبلوماسية تستحق الجهد المبذول، حتى لو اعتبرها آخرون ضربًا من الخيال، مهما كانت النوايا حسنة، إذ يرى آرون ديفيد ميلر، الزميل البارز في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، أن العناصر المطلوبة لاختبار إمكانية حل الدولتين "غير موجودة ببساطة".
ويضيف ميلر، الذي كان سابقًا مستشارًا لوزراء الخارجية الأمريكيين في المفاوضات العربية الإسرائيلية، إن ما يستعد الفرنسيون للقيام به "لا علاقة له بالواقع الحالي".
ويرى السيد ماكرون وفريقه أن هذه الضغوط بمثابة إشارة إلى أن إسرائيل والولايات المتحدة تشعران بالضغط المتزايد الناجم عن العزلة الدولية.
42 نقطة
منذ البداية، قال ماكرون إن الالتزام السياسي القوي بإقامة الدولة الفلسطينية وحده يمكن أن يفتح الطريق أمام السلام القائم على أساس حل الدولتين، ويقنع حماس بإلقاء سلاحها، وفي نهاية المطاف دفع المنطقة نحو الاستقرار.
ويرى الرئيس الفرنسي أن اعترافه بالدولة الفلسطينية مرتبط بشكل وثيق بخطة "اليوم التالي" المكونة من 42 نقطة التي تحدد "خطوات ملموسة ومحددة زمنياً ولا رجعة فيها" نحو حل الدولتين بمجرد إعلان وقف إطلاق النار.
ووافقت 142 دولة على الخطة، المعروفة أيضًا باسم "إعلان نيويورك"، في الجمعية العامة للأمم المتحدة هذا الشهر، وتشمل إنشاء "لجنة إدارية انتقالية" للإشراف على الحكم، وتشكيل قوة استقرار تحت رعاية الأمم المتحدة لتوفير الأمن.
"بادرة يأس"
لكن، على غرار الخطة التي قادها ماكرون مع "تحالف الراغبين" لضمان سلام محتمل في أوكرانيا، فإن خطة اليوم التالي لغزة تعتمد على مشاركة الولايات المتحدة، كما تتطلب موافقة الحكومة الإسرائيلية "المتمردة" وحماس، التي ترفض الآن نزع سلاحها.
وتم تصميم الخطة على أساس أن الولايات المتحدة وحدها لديها القدرة على وقف الحرب؛ نظرًا لاعتماد إسرائيل على الأسلحة الأمريكية، كما تقول ريم ممتاز، رئيسة تحرير مدونة أوروبا الاستراتيجية التي تديرها مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي.
ورغم اعتقادها بأن واقعية الخطة هي مصدر قوتها، فإن ريم ممتاز، الخبيرة في السياسة الخارجية الفرنسية، ترى أيضاً أنها "أكبر نقاط ضعفها؛ لأن أمريكا لا تلعب اللعبة".
ويؤكد تقرير "نيويورك تايمز" أنه حتى مؤيدي الخطة يدركون أن احتمال نجاحها ضئيل، كما تنقل الصحيفة عن جيرار أرو، السفير الفرنسي السابق لدى إسرائيل والولايات المتحدة والأمم المتحدة قوله إنها "بادرة يأس. نحن نتجه نحو كارثة، ونحاول منعها".