إيران كستار دخاني.. نتنياهو يبدو اليوم أكثر من أي وقت مضى خبيرا في لعبة التوقيت السياسي، فبينما تتواصل الاشتباكات في غزة بين الحين والآخر، يفتح نتنياهو جبهة جديدة على الورق ضد إيران وحزب الله.
إيران هنا ليست مجرد خصم بعيد، هي بطاقة ضغط، وستار دخاني يستخدمه نتنياهو لتوجيه الانتباه الأمريكي بعيدا عن الفشل الجزئي في غزة، وعن الملفات الأكثر تعقيدا على الأرض الفلسطينية. تصريحاته المتكررة حول تدريبات الصواريخ الإيرانية ونشاط حزب الله في لبنان، تأتي في توقيت حساس، يتزامن مع محادثاته مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
إسرائيل تواجه معضلة مزدوجة.. استمرار الحصار على غزة، والفشل في إجبار حماس على نزع السلاح عبر القوة أو التفاوض. كل خطوة في هذه الحرب الصامتة تتطلب إدارة الرأي العام الدولي، خصوصا الأمريكي، الذي يشكل الضامن الرئيسي لاتفاق شرم الشيخ في القطاع. هنا يأتي دور "ستار إيران".. تشتيت الانتباه عن غزة، وتقديم صورة لإسرائيل كدولة محاصرة بخطر إقليمي أكبر، يتطلب دعم واشنطن الكامل، سواء في التمويل العسكري أو الضغط الدبلوماسي.
لكن اللعبة ليست بسيطة، استخدام إيران كحجة لإبقاء واشنطن مركزة على لبنان وطهران يحمل مخاطر؛ فالضغط المفرط قد يؤدي إلى مواجهة إقليمية أوسع، ويضع المنطقة على شفير التصعيد، ونتنياهو يعرف هذا جيدًا، لكنه يعتمد على قدرة الإعلام الدولي على الانجراف وراء "ستار الدخان"، بينما يشهد اتفاق غزة تأخرا كبيرا في التنفيذ.
باختصار، نتنياهو يحوّل التركيز الأمريكي بعيدا عن غزة والمرحلة الثانية من الاتفاق.. ليس بسبب تجاهل الملف، بل لأنه يراه فرصة لتقوية موقفه داخليا وإقليميا.. إيران هنا ليست الهدف، بل الأداة.