مكالمة الإنذار الأخير، هكذا ذاع اسمها في أروقة البيت الأبيض… الرئيس الأمريكي دونالد ترامب هزّ هاتف الخط الساخن، ليتصل مباشرة بنقطة التوتر الأشد في الكاريبي: نيكولاس مادورو. مكالمة قصيرة، لكن صداها ارتدّ في ميامي وكاراكاس والعالم كلّه.
صحيفة ميامي هيرالد كشفت أن واشنطن لم تعد تتحدث بلغة الدبلوماسية المعتادة، بل بلغة “الخيار الوحيد”. عرضٌ صريح لمادورو: غادر الآن وسنضمن لك طريقاً آمناً. ثمَّة خيار بدا أقرب إلى “مَخرج طوارئ سياسي”، يشمل الرئيس الفنزويلي وزوجته وابنه، مقابل الاستقالة الفورية.
لكن المكالمة، وفق الصحيفة، انزلقت سريعًا إلى طريق مسدود.
واشنطن تريد رحيل مادورو وحلفائه فورًا “لإعادة الديمقراطية” كما تقول، بينما طرح قادة النظام في فنزويلا صيغة معاكسة: تسليم السلطة السياسية للمعارضة، مع الاحتفاظ بقيادة الجيش. صيغة رفضتها الولايات المتحدة تمامًا.
ومن بين التفاصيل التي طفت إلى السطح، يكشف عضو مجلس الشيوخ ماركواين مولين أن واشنطن عرضت على مادورو “المغادرة نحو روسيا أو أي بلد آخر” قد يكون تركيا وفقا لمصادر أخرى. أما ترامب، فاكتفى بالاعتراف بوجود المكالمة، دون الإفصاح عن كلمة واحدة ممّا دار فيها.
بالموازاة مع ذلك، كانت الإدارة الأمريكية تتحرك بخطوات أثقل. تقارير تتحدث عن مرحلة “أكثر حزماً” ضد ما تصفه واشنطن بكارتل “دي لوس سولس”، وهي شبكة تتهم مسؤولين فنزويليين كباراً بالضلوع فيها، اتهامات ينفيها مادورو. الولايات المتحدة كانت رصدت مكافأة تاريخية وصلت إلى 50 مليون دولار مقابل معلومات تؤدي إلى القبض عليه.
وبينما تكثّف واشنطن وجودها العسكري في البحر الكاريبي، وتعلن اعتراض أكثر من 20 سفينة يُشتبه بتهريبها المخدرات، خرج مادورو برسالة صريحة إلى “أوبك”: واشنطن تريد الاستيلاء على احتياطيات فنزويلا النفطية الهائلة بالقوة، وهو ما ترفضه بلاده.
المشهد أضحى حالكًا وكل وسائل الضغط متاحة. مكالمة بلا تفاصيل، وقطع بحرية تُحاصر المنطقة، ورسائل تتطاير بين العواصم.
بات من المؤكد أن الأزمة الفنزويلية تدخل مرحلة جديدة، مرحلة يبدو أن صوت الرصاص فيها يعلو على صوت الدبلوماسية.