logo
العالم

المصالح قبل الصدام.. هل يدفع الحلفاء فنزويلا لمواجهة ترامب وحيدة؟

طائرات عسكرية تقدم عروضها بعد أن قال الرئيس الأمريكي دون...المصدر: رويترز

تُظهر الأزمة الفنزويلية أن رهان الدول على حلفائها في مواجهة الولايات المتحدة ــ مثل روسيا والصين وإيران ــ لا يحقق دائماً النتائج المتوقعة.

وحتى الآن، لا يبدو أن بكين أو موسكو أو طهران تقدّم دعماً كافياً لكاراكاس أمام التهديدات الأمريكية، ولا تمارس أي ضغط على الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، لثنيه عن تنفيذ عملية عسكرية قد تستهدف إسقاط نظام الرئيس نيكولاس مادورو.

ويرى خبراء في العلاقات الدولية أن الدول الثلاث لا تريد الذهاب بعيداً في المواجهة مع واشنطن طالما أن الأمور في الكاريبي لا تزال تحت السيطرة، في وقت يوجهون فيه بعض المساعدات غير المعلنة إلى فنزويلا.

وأشار الخبراء إلى أن هناك نوعاً من التأني في اتخاذ المواقف، لا سيما أنه من المعروف أن الذهاب إلى دعم عسكري مباشر لكاراكاس سيصعّد الأمور أكثر على المستوى الدولي.

وأوضح الخبراء، في حديثهم مع "إرم نيوز"، أن الحلفاء، سواء الصين أو روسيا، لم يتخلوا عن فنزويلا، لكن الواقعية السياسية في أمريكا اللاتينية تفرض التعاطي بطريقة ذات أبعاد استراتيجية تكون عبر الحوار، حتى لو كان عالي السقف.

ولفت الخبراء إلى ما تفرضه مصالح تلك الدول مع الولايات المتحدة عليهم، سواء فيما يتعلق بالرسوم الجمركية بين واشنطن وبكين، أو بالنسبة لموسكو بخصوص أوكرانيا، وكذلك إيران حول الملف النووي.

وتوقع الخبراء إقامة حوار بين فنزويلا والولايات المتحدة حول ملفات الأزمة القائمة، في وقت يتضح فيه ذهاب ترامب إلى تفاهمات مع مادورو، وسط ما خرج في الساعات الأخيرة من أنباء عن اتصالات بينهما، ما يعكس ذلك، في وقت يفرض فيه أسلوب الضغط العالي عبر التحشيد الأمريكي وغلق المجال الجوي على فنزويلا.

ويرى الدكتور رضوان قاسم مؤسس مركز "بروجن" للدراسات الاستراتيجية، أنه لا يوجد تراجع أو تخلٍّ من قبل روسيا والصين وإيران عن فنزويلا بالمعنى الواضح، لكن الأمر خاضع لاستراتيجيات طالما أن التهويل لا يزال ضمن حدود معينة.

وأضاف الباحث في العلاقات الدولية أن موسكو وبكين لا تجدان داعياً لاتخاذ قرارات حادة في الأزمة الأمريكية الفنزويلية، على الرغم من أن هناك مواقف سياسية صادرة عنهما تحمل الرفض للتعدي على كاراكاس وتعتبر ما تقوم به واشنطن إجراءات غير قانونية.

وأفاد قاسم، في تصريحات لـ"إرم نيوز"، بأن الدول الثلاث لا تريد الذهاب بعيداً في المواجهة مع واشنطن طالما أن الأمور لا تزال تحت السيطرة، في وقت يوجهون فيه بعض المساعدات غير المعلنة إلى فنزويلا.

وذكر أن هناك نوعاً من التأنّي في اتخاذ المواقف، لا سيما أنه من المعروف أن الذهاب إلى دعم عسكري مباشر لكاراكاس سيصعّد الأمور أكثر على المستوى الدولي، وهو ما يوضح أنه ليس هناك تخَلٍّ، وإنما ضبط في شكل المواقف حيال دعم فنزويلا.

وأشار قاسم إلى أن التأنّي في اتخاذ المواقف واضح من جانب روسيا في ظل تعامل ترامب مع الأزمة الأوكرانية، حيث يقف إلى جانب موسكو، مما يجعل الكرملين غير راغب في الذهاب إلى مواجهة معه في وقت باتت فيه روسيا في أمسّ الحاجة لمن يقف معها في وجه الدول الأوروبية في ملف كييف، في ظل مبادرة من واشنطن حول إنهاء الحرب في أوكرانيا، وهي مبادرة تضم الكثير من الطلبات الروسية، وبالتالي لا يريد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين التصعيد مع ترامب بخصوص فنزويلا.

وبحسب قاسم، فإن الأمر نفسه ينطبق على الصين، حيث توجد العديد من المباحثات الاقتصادية والاتفاقيات مع واشنطن، ولا تريد بكين توتير الأوضاع أكثر مع الولايات المتحدة، لا سيما أن الأمور حتى الآن في فنزويلا مسيطر عليها، وأن الادعاءات الأمريكية تتعلق بالحرب على عصابات المخدرات، لكن عندما تصبح الأمور أبعد من ذلك وتكون هناك مواجهة عسكرية، ستكون المواقف مختلفة بعض الشيء.

واستبعد قاسم ذهاب واشنطن إلى مواجهة عسكرية مباشرة مع كاراكاس، متوقعاً أن تبقى الأمور ضمن خطوط معينة في البحر، وفي شكل ضربات هنا وهناك، دون الذهاب إلى مواجهة عسكرية مكلفة للغاية للولايات المتحدة. ولذلك تتخذ روسيا والصين مواقف هادئة ولا تريدان الذهاب إلى مواجهة مع واشنطن أو اتخاذ مواقف عداء، في ظل سعيهما للوصول إلى اتفاق معين، خاصة أن هناك أحاديث عن فتح قنوات اتصال ومفاوضات بين ترامب ومادورو.

من جهته، أكد الدكتور حسان الزين الباحث في الشؤون اللاتينية، أن المواجهة أو التصعيد في الأزمة الأمريكية الفنزويلية ليست وليدة اليوم، بل تعود جذورها إلى عام 2000 مع بزوغ نجم الرئيس هوغو شافيز، وستظل مستمرة حتى التوصل لصياغة جديدة تغير الحالة بين واشنطن وكاراكاس.

وأضاف الزين في تصريحات لـ"إرم نيوز" أن الحلفاء، سواء الصين أو روسيا، لم يتخلوا عن فنزويلا، لكن الواقعية السياسية في أمريكا اللاتينية تفرض التعاطي بشكل خاص ذي أبعاد استراتيجية يكون عبر الحوار، حتى لو كان عالي السقف.

وبحسب الباحث، يعتبر ذلك وضعاً عالمياً ينعكس أيضاً في حوار بكين مع واشنطن بخصوص التعريفات الجمركية، وكذلك موسكو حول أوكرانيا، وإيران حول الملف النووي.

ومن المنتظر أن تتحاور فنزويلا مع الولايات المتحدة حول ملفاتها، مدللاً على ذلك بما خرج في الساعات الأخيرة من اتصالات بين ترامب ومادورو، على الرغم من أسلوب الضغط العالي القائم عبر التحشيد الأمريكي وغلق المجال الجوي على فنزويلا.

ويقول الزين إن قواعد الاشتباك والتحالفات قد تختلف، بمعنى أن الأوراق المعتمدة على الطاولة قد تتغير من حين إلى آخر، وقد يظهر صعود أو هبوط في التعامل بين الطرفين، في وقت تعتبر فيه الولايات المتحدة فنزويلا "حديقة خلفية"، وبالتالي جزءاً من أمنها القومي، وهو ما صرّح به وزير الحرب الأمريكي. وهذا يجعل التعامل مع دولة تعتبرها واشنطن "مارقة" له اعتبارات خاصة.

ويرجّح الزين عدم تخلي حلفاء فنزويلا عنها، لكن هناك واقعية في التعامل مع الطرح القائم بين واشنطن وكاراكاس حول الملفات النفطية والاقتصادية والعسكرية والدبلوماسية. وهناك تقاطع مصالح بين الجانبين، معتبراً أن الطرفين يمارسان التهويل بالحرب، لكنهما لا مصلحة لهما في الذهاب إلى مواجهة عسكرية متطورة.

واعتبر الزين أن هناك تعاملاً من جانب ترامب لتحقيق مكاسب اقتصادية وانتخابية في أزمة كاراكاس، وكذلك ما يخدم مصلحة الفنزويليين عبر إيجاد نوع من الشراكة الاقتصادية النفطية، حيث إن النفط الفنزويلي بحاجة إلى تكرير في المصافي الأمريكية كونه ثقيلاً، والمسافة ليست بعيدة عن سواحل الولايات المتحدة مقارنة بالصين. وبالتالي فإن المصالح النفطية والاستراتيجية تفرض نفسها.

وخلص الزين إلى أن الولايات المتحدة لا يمكن أن تشن حرباً على فنزويلا على غرار الغزو، لأن ذلك سيكلفها كثيراً، في وقت يدرك فيه ترامب الواقع الأمريكي الداخلي وما له وما عليه، لا سيما أن انتخابات الكونغرس تفرض نفسها، مما يجعله يتطلع إلى إنجاز دبلوماسي اقتصادي.

لذلك فإن المحادثات بين الطرفين جزء من اللعبة، وهذا متوقع بقوة عبر القنوات القائمة بين واشنطن وكاراكاس.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC