كشفت مجلة "جون أفريك" عن تصعيد غير مسبوق على جبهة موازية لا تقل خطورة عن المواجهة العسكرية بين بنين وبعض دول تحالف الساحل الأفريقي، تمثل في حرب معلوماتية واسعة النطاق، أعقبت محاولة الانقلاب التي وقعت في كوتونو يوم 7 ديسمبر/كانون الأول.
وانتشرت بالتوازي مع التحركات الميدانية التي قادها المقدم باسكال تيغري، موجة كثيفة من الأخبار الزائفة، تقول السلطات البنينيّة إنها جزء من هجوم منسق انطلق أساسًا من دول في تحالف الساحل، ولا سيما بوركينا فاسو والنيجر.
وبحسب المجلة، فإن الساعات الأولى لمحاولة الانقلاب ترافقت مع نشاط مكثف لعدد من الشخصيات والجهات الناشطة رقميًا، كان في مقدمتها الناشط الإفريقي كيمي سيبا، المقيم في نيامي والمستشار الخاص للرئيس النيجري عبد الرحمن تياني.
ونشر سيبا تدوينات ومقاطع مصورة تؤكد، خلافًا للواقع، سقوط الرئيس باتريس تالون، داعيًا السكان إلى النزول إلى الشارع دعمًا للمتمردين، ما أسهم في إرباك المشهد وتأجيج التوتر.
بدورها، أصدرت السلطات القضائية في بنين لاحقًا مذكرة توقيف دولية بحق سيبا بتهم تتعلق بـ"تمجيد الإرهاب" و"التحريض على التمرد"، مؤكدة أن دور سيبا لا يمثل سوى حلقة ضمن شبكة أوسع تعمل على توظيف الفضاء الرقمي لأغراض سياسية وأمنية.
وفي مواجهة هذا التصعيد، أطلق المركز الوطني للتحقيق الرقمي، التابع مباشرة لرئاسة الجمهورية، تحركًا مضادًا اعتبارًا من 8 ديسمبر/كانون الأول، حيث أنشأ قناة رسمية عبر تطبيق "واتساب" تحت اسم "مكافحة الأخبار الزائفة في بنين"، بهدف تفنيد المحتوى المضلل وتوعية الرأي العام، بإشراف خبير الأمن السيبراني وانييلو ميديغان.
وأوضح التقرير أن من أبرز الأمثلة على التضليل الرقمي، مقابلة مزعومة مع باسكال تيغري نُشرت على موقع "beninnews.info"، ادعت حصول الانقلابيين على دعم فرنسي، قبل أن تكشف التحقيقات أن الموقع أُنشئ حديثًا في 15 ديسمبر، وأن أول عملية ترويج لمحتواه انطلقت من حساب رقمي مصدره النيجر.
كما رصدت السلطات استخدام صور ومقاطع فيديو قديمة أو مأخوذة من دول إفريقية أخرى، إضافة إلى تقارير مفبركة باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي، من بينها فيديو واسع الانتشار يظهر فيه تيغري وهو يعلن استمرار الانقلاب، رغم أن المقطع جرى توليده رقميًا بالكامل.
وتشير معطيات أمنية إلى أن الغالبية العظمى من الحسابات الضالعة في نشر هذه المواد تنشط من بوركينا فاسو، مع حضور أقل من النيجر.
وأكد تقرير المجلة الفرنسية أن هذه الأنشطة تندرج ضمن نمط بات مألوفًا في المنطقة، إذ سبق لسلطات في دول مجاورة، مثل كوت ديفوار، أن اتهمت جهات مرتبطة بواغادوغو بشن حملات تضليل رقمية خلال استحقاقات سياسية ورياضية كبرى، أحيانًا بدعم من خبراء أجانب في مجال الحرب المعلوماتية.