تعمل شركات الأمن الخاصة الصينية في 14 دولة إفريقية على الأقل، بما في ذلك جيبوتي وإثيوبيا ومصر وكينيا والصومال، في خطوة تثير المخاوف بشأن تصاعد النفوذ العسكري والاقتصادي لبكين في المحيط الهندي.
تخضع هذه الشركات، التي تقدم خدمات دفاعية ولوجستية، لإشراف حكومي كامل وتنفذ في الواقع إستراتيجية وطنية صينية تمزج بين مصالح الدولة والمصالح التجارية، بحسب صحيفة "أوراسيا ريفيو".
يشير خبراء إلى أن هذه الكيانات ليست مجرد شركات تجارية، بل امتداد للسياسة الإستراتيجية لبكين، تعمل في "مناطق رمادية قانونية" حيث تتداخل الأنشطة العسكرية والتجارية؛ ما يخلق تأثيرًا بعيد المدى على الأمن البحري وإدارة الشؤون البحرية في إفريقيا.
تختلف شركات الأمن الصينية عن مثيلاتها الدولية، إذ غالبًا ما يديرها أفراد سابقون في الجيش أو الشرطة، وتخضع لتوجيهات وكالات حكومية، مع عملاء رئيسيين من الشركات المملوكة للدولة.
تقدم هذه الشركات خدمات، مثل: حماية المواقع وتأمين الأفراد وتقييم المخاطر، لكنها ليست ملزمة بالامتثال لمعايير الشفافية ذاتها التي تتبعها القوات البحرية الرسمية.
من أبرز هذه الشركات هوا شين تشونغ آن (HXZA)، التي تتمتع بترخيص حكومي نادر يسمح لها باستخدام القوة المميتة في الدفاع عن النفس ومرافقة السفن البحرية التجارية.
ويظهر على موقعها الإلكتروني تأكيد واضح على "بناء الحزب" والعمل السياسي، بما في ذلك منصب المفوض السياسي العام ومدربي العمل الأيديولوجي في فرقها الأمنية.
كما تدعم قاعدة جيبوتي للقوات البحرية الصينية، التي تأسست في يوليو 2017، هذه العمليات، حيث توفر ما بين 1000 و2000 فرد خدمات لوجستية، وتنسق مهام جمع المعلومات الاستخباراتية، وتدعم جهود مكافحة القرصنة؛ ما يعزز قدرة الصين على ممارسة نفوذ عسكري اقتصادي في المنطقة الشرقية من المحيط الهندي.
يؤكد المحللون أن توظيف هذه الشركات يفتح الباب أمام التأثير الأجنبي المخفي ويعيد تشكيل المشهد الأمني في المحيط الهندي. يقول الصحفي أريترا بانيرجي: "الأمن البحري الخاص مفيد، ولكن ليس عندما يصبح بابًا خلفيًّا للتأثير الأجنبي".
ويرى الباحثون أن صعود شركات الأمن الصينية يمثل مرحلة جديدة في المشهد الأمني البحري الإفريقي، حيث تختلط التجارة بالقوة وتتخفى النفوذ الإستراتيجي وراء النشاط التجاري.
وينصح بانيرجي الحكومات الإفريقية بتطوير أطر شفافية صارمة للترخيص والمراقبة، لمنع إساءة استخدام هذه الشركات، وضمان أن تظل مصالح الدول الإفريقية وأمنها البحري أولوية.
قراصنة الصين الجدد ليسوا قراصنة بالمعنى التقليدي، لكنهم يبحرون في المياه نفسها لتحقيق أهداف إستراتيجية أوسع، كما يؤكد الخبراء، في مؤشر على تصاعد النفوذ الصيني المتكتم والمستمر في المنطقة.