logo
العالم

بكين تحتفل بـ"نصر تجاري".. تنازلات ترامب تمنح الصين متنفسًا اقتصاديًا

شي جينبينغ وترامب المصدر: رويترز

أثار الاجتماع الأخير بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والرئيس الصيني شي جين بينغ في كوريا الجنوبية يوم 30 أكتوبر 2025 ردود فعل متباينة، مع احتفاء واسع في الإعلام الصيني بالمكاسب التجارية التي حصلت عليها بكين.

ووافقت الولايات المتحدة على خفض التعريفة الجمركية المتعلقة بمادة الفنتانيل بنسبة 50%، وخفض التعريفات الجمركية المتبادلة بنسبة 24% لمدة عام كامل، بدلًا من 90 يومًا كما كان متوقعًا سابقًا.

ووفق خبراء صينيين، يمثل هذا التنازل خطوة مهمة للمصدرين الصينيين، الذين ما زالوا يتحملون رسومًا جمركية مرتفعة تصل في المتوسط إلى 55%، بما في ذلك 20% على مادة الفنتانيل و10% رسوم متبادلة و25% من التعريفات المفروضة منذ الحرب التجارية عام 2018. 

أخبار ذات علاقة

ترامب يتحدث للصحفيين على الطائرة الرئاسية

لأول مرة منذ 33 عاماً.. ترامب يطلق "تهديدات نووية" نحو الصين وروسيا

وقد ساهمت هذه الإجراءات في انخفاض صادرات الصين إلى الولايات المتحدة بنسبة 16.9% خلال الأشهر التسعة الأولى من 2025، ومن المتوقع أن تنخفض من 526 مليار دولار في 2024 إلى 435 مليار دولار هذا العام، ويشير تخفيف الرسوم الجمركية إلى توفير محتمل بمقدار 43.5 مليار دولار سنويًا للمصدرين الصينيين.

أوضح الخبراء الصينيون أن هذه الخطوة تمنح الشركات الصينية مزيدًا من الوقت لتثبيت مواقعها في السوق الأمريكية، والحفاظ على الوظائف وإعادة بناء ثقة العملاء بعد فترة طويلة من عدم اليقين التجاري.

استراتيجية الصين

وفقًا للخبراء، كان تخفيف التعريفات الأمريكية نتيجة مباشرة للقيود التي فرضتها الصين على المواد النادرة والفنتانيل، فقد شهدت الولايات المتحدة تحديات كبيرة في صناعاتها الاستراتيجية، مثل توقف خطوط إنتاج صواريخ رايثيون وتأخير دورة تصنيع مقاتلات إف-35 من 61 إلى 300 يوم بسبب نقص المواد النادرة المعالجة في الصين.

واستغلّت الصين مواردها الأرضية النادرة بفاعلية خلال المفاوضات، ما منحها هامشًا لتعديل سلاسل التوريد الوطنية وتعزيز قدراتها الصناعية. 

أخبار ذات علاقة

شي جينبينغ وترامب

السباق إلى القمة.. أمريكا تسارع الخطى لمجاراة "الصعود الصيني"

وأشار المعلقون إلى أن بكين تمكنت من كسب الوقت لاستقرار الصناعات المحلية مع استمرار تقديم تنازلات في قضايا محددة، مثل الفنتانيل وفول الصويا، مع الاحتفاظ بخططها طويلة الأمد لدعم الابتكار التكنولوجي والسيطرة على القطاعات الاستراتيجية.

من جانب آخر، يرى بعض الخبراء أن الولايات المتحدة لا تزال ملتزمة بكبح التطور التكنولوجي الصيني، لكنها اضطرت إلى تقديم تنازلات قصيرة الأجل للحفاظ على استقرار الاقتصاد الأمريكي وسلسلة التوريد، خاصة قبل الانتخابات التمهيدية في نوفمبر 2026، وهو ما يعكس التوازن الصعب بين السياسة والاقتصاد في إدارة ترامب.

التهدئة المؤقتة

أثار إعلان تمديد تعليق الرسوم الجمركية لعام كامل موجة تفاؤل واسعة في الصين، خصوصًا بين الصناعات التحويلية ومراكز التصدير في غوانغدونغ وجيانغسو، فقد اعتبر القادة الصناعيون القرار بمنزلة "شريان حياة" يعيد الثقة لقطاع الإنتاج ويضمن استمرار العقود الأمريكية. 

وكتب بعض المعلقين أن الهدنة التجارية ستتيح للشركات الصينية تأجيل خطط رفع الأسعار أو نقل المصانع إلى جنوب شرق آسيا، ما يمنحها مزيدًا من الوقت لتخطيط الاستثمارات واستقرار العمالة.

كما أعلنت بكين تأجيل تطبيق قواعدها الجديدة المتعلقة بالعناصر الأرضية النادرة لمدة عام، ووافق الجانب الأمريكي على تعليق تطبيق رسوم الموانئ وقواعد العقوبات لمدة عام أيضًا. 

أخبار ذات علاقة

منشأة تخصيب اليورانيوم الإيرانية في نطنز

من الصين إلى بندر عباس.. إيران تعيد بناء برنامجها النووي رغم العقوبات

ويتيح هذا التوافق للصين حماية صناعاتها الحيوية وتأمين سلاسل التوريد الحيوية، مع الاستمرار في التعاون المحدود مع الولايات المتحدة في قضايا مثل الفنتانيل.

رغم هذا الاحتفال الصيني، يرى محللون أن التنازلات الأمريكية لا تعني تغيرًا جوهريًا في استراتيجية واشنطن تجاه الصين؛ فالتنافس التكنولوجي والسيطرة على القطاعات الحيوية سيستمر، لكن الهدنة الحالية تمنح كلا الطرفين فرصة لتهدئة الأسواق، وإعادة تنظيم السلاسل الإنتاجية، والاستعداد لمفاوضات أوسع، مع بقاء زيارة ترامب المقررة للصين في أبريل/ نيسان المقبل مؤشرًا على استمرار الحوار والتفاوض على صفقات أكبر.

في النهاية، اعتبرت الصين التنازلات التجارية الأخيرة من قبل ترامب انتصارًا مؤقتًا، إذ أعادت استقرار سلاسل التوريد وأسهمت في تهدئة القطاع الصناعي الصيني، بينما حافظت الولايات المتحدة على أدوات الضغط التكنولوجي والسياسي. 

وتمثل هذه الخطوة مثالًا على كيفية استغلال الصين لمواردها الاستراتيجية في المفاوضات الدولية، مع التأكيد أن التنافس الأمريكي الصيني سيستمر على المدى الطويل.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC