تشهد تنزانيا استنفارًا أمنيًا واسعًا وتوترات متصاعدة، في خضم دعوات إلى التظاهر للمطالبة بالإفراج عن زعيم حزب "تشاديما" المعارض، توندو ليسو، الذي اعتُقل قبل أسابيع ويواجه تهماً تتعلق بالخيانة والإضرار بالأمن العام.
وتسعى السلطات التنزانية إلى احتواء الغضب الناجم عن حملة اعتقالات استهدفت قيادات بارزة في المعارضة، وذلك بعد استبعاد الحزب المعارض الرئيسي من الانتخابات المحلية المرتقبة، التي ستُجرى وسط أجواء مشحونة.
وكانت قيادات معارضة قد دعت إلى احتجاجات واسعة أمام المحكمة التي ستشهد محاكمة ليسو، الذي سبق أن ترشح في الانتخابات الرئاسية لعام 2020 وحل في المرتبة الثانية.
واتخذت السلطات في تنزانيا المزيد من الإجراءات الأمنية المشددة، في محاولة لقطع الطريق أمام تحركات المعارضة الرامية إلى الضغط لإطلاق سراح ليسو.
وفي هذا الخصوص، قال المحلل السياسي المتخصص في الشؤون الإفريقية، قاسم كايتا، إن "ما يحدث الآن في تنزانيا لا يمكن إلا أن يزيد من حالة الاحتقان التي تشهدها البلاد، خاصة في ظل غياب أي ضمانات لمحاكمة عادلة لليسو، الذي يُعد شخصية بارزة ونجح في تجميع قوى المعارضة".
وأضاف كايتا، في تصريح خاص لـ"إرم نيوز"، أن "الوضع أصبح معقدًا للغاية في تنزانيا في ظل استمرار التجاذب بين السلطة والمعارضة، لكن اللافت أن المعارضة لا تملك أوراق ضغط كافية أمام السلطات التي صعّدت من حملتها ضدها".
وأشار إلى أن "هذه الأوضاع ستزيد من الشكوك حيال نزاهة الانتخابات المحلية، وهو أمر من شأنه أن يعرّض البلاد إلى انتقادات دولية غير مسبوقة".
وتصل عقوبة الخيانة ومحاولة الإضرار بالأمن العام في تنزانيا إلى الإعدام، بينما تندد قوى المعارضة بما تصفه بـ"محاكمة ذات دوافع سياسية"، في حين تلتزم السلطات الصمت تجاه هذه الاتهامات.
وقال المحلل السياسي المتخصص في الشؤون الإفريقية، محمد إدريس، إن "الأزمة السياسية الحالية في تنزانيا غير مسبوقة، وهناك مخاوف من أن تتجه نحو منعرجات أخطر في ظل غياب أي بوادر انفراج أو حوار بين السلطة والمعارضة".
وتابع إدريس، في تصريح خاص لـ"إرم نيوز"، أن "المشكلة تكمن في أن حزب تشاديما يتمتع بتأثير كبير، إذ يمتلك نحو 20 مقعدًا في البرلمان، ويقود حملة واسعة للدعوة إلى مقاطعة الانتخابات المحلية، ما يزيد من تفاقم الأزمة السياسية الراهنة".
وشدد على أن "هذه التطورات تضع البلاد أمام اختبار حقيقي يتمثل في منع انزلاق الأزمة السياسية إلى مواجهة أوسع بين المعارضة والسلطة".
