مع بروز ميليشيات تحاول استغلال الروابط العرقية في دول أفريقية عدّة على غرار تشاد ومالي ورواندا وبوروندي وأوغندا وأفريقيا الوسطى ظهرت مخاوف بشأن انهيار الهويات التقليدية في القارة السمراء التي تشهد فوضى أمنية غير مسبوقة.
ومنذ العام 2013، ظهرت ميليشيا "الأنتي بالاكا" في جمهورية أفريقيا الوسطى وهي جماعة مسلحة مسيحيّة باتت نموذجاً في استهداف جماعات عرقية أخرى بحسب تقارير دولية أشارت إلى أنّ هذه الميليشيا تخوض حرباً ضد المسلمين في بانغي.
وفي مالي، تنشط الحركة العربية لتحرير أزواد التي تأسست في بداية أغسطس / آب من العام 2012 بهدف تكريس دولة عربية مسلحة في شمال البلاد، ولا تزال تشنّ هجمات ضد الجيش المالي وحلفائه.
طمس للتعدّدية
وتُعدّ أفريقيا واحدة من أهمّ القارات التي تعرف تنوعاً عرقياً ولغوياً حيث تضمّ نحو 33 في المائة من جملة اللغات الحيّة في العالم، وتزخر القارّة أيضاً بتنوع ديني.
وقال المحلل السياسي المتخصص في الشؤون الأفريقية، إيريك إيزيبا، إنّ تشكّل الكثير من الميليشيات التي تتبنى مطالب عرقية وتحاول التوسع على حساب أقليّات وغير ذلك يقود إلى طمس التعددية في الكثير من الدول الأفريقية مثل جمهورية أفريقيا الوسطى.
وأضاف إيزيبا في تصريح لـ "إرم نيوز" "في الواقع، ظاهرة تشكّل الميليشيات في أفريقيا ليست وليدة اللحظة حيث جاءت في سياقات تتسمّ باستهداف جماعات محددة مثل الرعاة في مالي ودول الساحل ككلّ وأيضا بمطالب عرقية تماماً كما حدث في حالة حركة تحرير أزواد والأنتي بالاكا وغيرها من الجماعات في دول مثل رواندا وتشاد وغيرهما".
وشدد على أنّ "هذه الميليشيات تزيد من تعقيد الفوضى الأمنية في أفريقيا وتهدد التماسك المجتمعي في الكثير من الدول خاصة في حالة أقليات مثل الفولان لذلك على الدولة المركزية أن تستعيد قدراتها وتحدّ من هذه الظاهرة".
مخاوف مشروعة
رغم اتخاذها إجراءات في السنوات الأخيرة من أجل استعادة الأمن والاستقرار، إلا أنّ الدول الأفريقية لا تزال عاجزة عن حلّ الميليشيات أو منع تشكيل جماعات أخرى.
من جانبه، اعتبر الخبير العسكري المتخصص في الشؤون الأفريقية، عمرو ديالو، أنّ "المخاوف من تمدّد الجماعات العابرة للأعراق في أفريقيا بالفعل مشروعة خاصّة أن هذه الميليشيات تملك قدرات عسكرية تجعلها قادرة على شنّ هجمات عابرة للحدود الأمر الذي يغذي الفوضى خاصة في منطقة غرب أفريقيا".
وأوضح ديالو في تصريح لـ "إرم نيوز" أن "أيضاً انتشار هذه الميليشيات يعزز مطالب الانفصال خاصة أنها نجحت في توفير مصادر تمويل قارّة مثل التهريب والتنقيب غير القانوني عن المعادن، وفرض ضرائب على الرعاة وغير ذلك".
وبين أنّ "الجيوش الوطنية وقوى الأمن لا تزال تعيش حالة من الهشاشة تجعلها غير قادرة على تأمين الهويات الوطنية خاصة في ظل امتلاك الميليشيات العابرة للأعراق لقدرات عسكرية مهمة".