مقتل 5 جنود بتفجير انتحاري في شمال شرق نيجيريا
كشف الخبير السياسي الروسي، الرئيس التنفيذي للمركز الدولي للتحليل والتنبؤ السياسي، دينيس كوركودينوف، طبيعة الدور الذي تلعبه موسكو في مالي، مشيرا إلى أن تعاونها عسكريا ومدنيا مع باماكو عميق مستمر.
ورد كوركودينوف في حوار مع "إرم نيوز" على مزاعم تُرجع التوتر في الجيش المالي إلى وجود مدربين روس، معتبرا أن مسألة الاستعانة بوحدات عسكرية أجنبية على العموم لا تخدم استقرار المنطقة.
وتاليا تفاصيل الحوار..
مالي تمر بمرحلة معقدة من بناء دولة ذات سيادة بعد تحررها من النفوذ الاستعماري الجديد. ونلاحظ الجهود الحثيثة التي تبذلها الحكومة الانتقالية لتعزيز سيطرتها على الإقليم وإنشاء مؤسسات فاعلة.
لا شك أن هناك تحديات، لا سيما في المجال الأمني، حيث لا تزال الجماعات الإرهابية، مثل جماعة نصرة الإسلام والمسلمين، تشكل تهديدا، كما يتضح، على سبيل المثال، من الهجوم على قاعدة عسكرية في دارغو في بوركينا فاسو في يوليو/تموز، والذي أسفر عن مقتل حوالي 50 جنديا.
مع ذلك، فإن القول بانهيار النظام هو تجاهل للإرادة السياسية للقيادة المالية وقدرتها على التكيف مع التحديات.
تتطور العملية السياسية في مالي، كما يتضح من الحوار الوطني الذي جرى، والصعوبات الحالية تكتيكية وليست استراتيجية.
وتنظر روسيا إلى مالي كشريك مستقر وواعد، نبني معه تعاونا طويل الأمد ومتعدد الجوانب، ونحن واثقون من قدرة القيادة الحالية على ضمان استقرار البلاد وتطورها التدريجي.
علاقاتنا مع باماكو مبنية على مبادئ الاحترام المتبادل والشراكة، وليس على تقديم المساعدة لنظام فاشل. أما التعاون، فهو عميق ومنظم ومعلن علناً على أعلى مستوى.
نحن لا نطور تعاونا عسكريا تقنيا ناجحا فحسب، بل نبني أيضا تعاونا نشطا في القطاعات المدنية؛ إذ بناءً على تعليمات الرئيس فلاديمير بوتين، تعمل وفود روسية مشتركة بين الوزارات بنشاط في المنطقة.
وقد شُكِّلت لجنة حكومية روسية-مالية مشتركة، وبحلول نهاية عام 2025، سيتم تشكيل لجان مماثلة مع بوركينا فاسو والنيجر.
صُمِّمت هذه اللجان لمعالجة قضايا التعاون الاستراتيجية، بما في ذلك الطاقة النووية المدنية، والزراعة، والبنية التحتية، والتعليم.
علاوة على ذلك، وُقِّعَ في يونيو/حزيران مرسوم لإبرام اتفاقيات حكومية دولية مع مالي وبوركينا فاسو بشأن التعاون في مجال الطاقة الذرية السلمية، والتي تنص على المساعدة في بناء محطات الطاقة النووية ومفاعلات الأبحاث. هل تبدو هذه العلاقات وكأنها مبنية على "منع الانهيار"؟.. إنها علاقات تركز على مستقبل مشترك.
إن مسألة عودة أي وحدات عسكرية أجنبية، لم يُسهم وجودها السابق في استقرار المنطقة، بل تزامن مع تزايد النشاط الإرهابي، وهي من اختصاص حكومة مالي ذات السيادة.
وننطلق من أن المسار الحالي للقيادة المالية يهدف إلى تعزيز قدراتها الدفاعية وتطوير التعاون مع شركاء يُظهرون احترامهم للقانون الدولي ولا يسعون وراء مصالح استعمارية جديدة خفية.
وقد أوضح وزير دفاع مالي، الجنرال ساديو كامارا، خلال محادثاته الأخيرة في موسكو، موقف دول الساحل بوضوح، مُعربا عن دعمه لروسيا في حربها ضد النازية الجديدة، ومُشيدا بشجاعة الجنود الروس. وهذا يُعبّر بوضوح عن توجهات السياسة الخارجية لباماكو.
أما تصريحات بعض القوى الأجنبية، فعادةً ما تكون مصحوبة بتدخل في الشؤون الداخلية ومحاولات لفرض إرادتها، وهو أمرٌ غير مُجدٍ على الإطلاق في ظل الظروف الراهنة.
تربط دول "تحالف دول الساحل": مالي والنيجر وبوركينا فاسو ، علاقات أخوة وثيقة ومساعدة متبادلة، لا تقتصر على المظاهر العلنية للدعم العسكري.
تعاونهم عميق ومتعدد الأوجه؛ فهم يعملون معًا لإنشاء هيكل أمني إقليمي يُلبي مصالحهم المشتركة. علاوة على ذلك، تواجه كل دولة من هذه الدول تحديات أمنية داخلية خطيرة.
على سبيل المثال، تتعرض بوركينا فاسو لهجمات وحشية من قبل الجماعات الإرهابية، وقواتها منخرطة في صراع مستمر. التدخل الخارجي، بما في ذلك من خلال دعم الإرهاب، كما أفادت السلطات المحلية، يُفاقم التوتر.
لا ينبغي للمرء أن يتوقع من دولة واحدة في التحالف أن تتصرف على حساب أمنها. التعاون الأمني بين مالي والنيجر وبوركينا فاسو منسق، وروسيا تحترم حق هذه الدول السيادي في تحديد صيغه. ندعم جهود التحالف الثلاثي لتعزيز الأمن الجماعي، ونعتبره عاملاً مهماً لاستقرار المنطقة.
في أي دولة، وخاصةً خلال فترة التحول، قد تتباين وجهات النظر حول القضايا التكتيكية المتعلقة بالحكم، وهذا أمر طبيعي، ومؤشر على نقاش سليم، وليس دليل ضعف.
في أغسطس/آب، أفادت السلطات المالية بإحباط محاولة لزعزعة الاستقرار؛ ما أدى إلى اعتقال عدد من العسكريين، من بينهم الجنرالان عباس ديمبيلي ونيما ساجارا. تُظهر هذه الإجراءات الوقائية قدرة مؤسسات الدولة على الاستجابة بفاعلية للتهديدات المحتملة والحفاظ على الاستقرار الداخلي.
إن التقارير التي أشارت سابقاً إلى وجود بعض التوتر في الجيش المالي بسبب وجود مدربين روس لا تعكس الواقع الحالي لتفاعلنا التام؛ إذ يتم تنفيذ الوجود الروسي بدقة وفقا لطلب الحكومة الشرعية في مالي، ويهدف إلى تعزيز القدرة الدفاعية للبلاد.
يتمتع الرئيس أسيمي غويتا بسلطة كاملة على الوضع، ويتم حل أي خلافات، إن نشأت، بشكل روتيني في إطار مؤسسات السلطة القائمة. ونحن لا نشك في وحدة وتصميم القيادة العسكرية والسياسية في مالي على قيادة البلاد على المسار الذي اختارته.
للمسؤولين الماليين الحق في التعبير عن مواقفهم، ونحن نحترم تقييمهم للوضع الداخلي والخارجي. يُعدّ انتقاد الحكومات السابقة توجهاً شائعاً لدى جميع دول تحالف دول الساحل. وقد أدان رئيس وزراء النيجر، علي لمين زين، في جلسة عُقدت مؤخرا للجمعية العامة للأمم المتحدة ما أسماه "دعم فرنسا المُعلن للإرهاب في منطقة الساحل"، مُلقيا باللوم على باريس تحديدا في الهجوم على مسجد في تيلابيري في مارس 2025.
تُشير هذه التصريحات إلى أزمة ثقة عميقة بين أعضاء تحالف دول الساحل وفرنسا. أزمة الوقود، شأنها شأن العديد من الصعوبات الاقتصادية الأخرى، هي نتيجة سنوات من استنزاف الموارد نتيجة علاقات اقتصادية غير متوازنة، والتي تسعى دول الساحل الآن إلى مراجعتها في إطار خياراتها السيادية.
من جانبها، روسيا مستعدة لمساعدة شركائها على التغلب على هذه التحديات، بما في ذلك من خلال تطوير الطاقة النووية السلمية، والتي قد تُمثل حلاً طويل الأمد لمشاكل إمدادات الطاقة.