كشفت مصادر مقربة من البيت الأبيض عن أزمة ثقة حادة بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ورئيس وزراء الهند ناريندرا مودي، أشعلتها مواقف الأخير من ادعاء الرئيس ترامب نجاحه في إنهاء الحرب مع باكستان، بالإضافة إلى الرسوم الجمركية التي أثقل بها ترامب كاهل الحليف الاستراتيجي القديم.
ويقول مقربون من البيت الأبيض لـ"إرم نيوز"، إن ترامب احتفظ دائما بعلاقة شخصية قوية مع رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي إلى أن حدثت الحرب الأخيرة بين الهند وباكستان، وحينها أراد ترامب أن ينسب لنفسه نجاح التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين الدولتين الجارتين.
وأردفوا، كانت هناك أزمة ثقة بين الرجلين لأن وجهة النظر الهندية أن ملف كشمير ملف مشترك بين الدولتين الجارتين، ويجب أن يسوّى في هذا الإطار الضيق، لكن دخول ترامب وإعلانه عبر منصته للتواصل الاجتماعي نجاحه في التوسط لإنهاء الحرب من دون اتفاق مسبق مع موندي حوّل الموقف إلى أزمة ثقة عميقة بين الجانبين منذ تلك اللحظة.
عندما سُئل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، خلال استقباله للرئيس البولندي في البيت الأبيض، عن سياساته المتقلبة تجاه روسيا ومدى استعداده لفرض العقوبات التي هدد بها سابقًا، وردًا على تعليق من مراسلي البيت الأبيض حول موقفه من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أجاب ترامب: "ألم تنظروا إلى الرسوم الجمركية التي فرضتها على الهند خلال الأسبوعين الأخيرين؟ لقد بلغت مستوى قياسيًا بنسبة 50%".
وعند سواله عن العلاقة بين هذا وروسيا قال إن هذه العقوبات تستهدف بطريقة غير مباشرة سوق النفط الروسي، وهي تكلف موسكو بليونات من الدولارات.
من خلال هذه الإجابة يتضح أن الرئيس ترامب وصل إلى القطيعة الكاملة مع حليف تقليدي للولايات المتحدة ممثلا في دلهي بعد عقود من جهود الرؤساء السابقين لخلق ذلك التحالف الأمريكي الهندي.
يقول لارم ديبو ماسي وهو أمريكي مخضرم متقاعد حاليا وعمل تحت إدارة 5 رؤساء أمريكيين بدءًا من الراحل رونالد ريغان وانتهاء بالرئيس السابق باراك أوباما ويشغل حاليا منصبا أكاديميا بجامعة جورج واشنطن الديبلوماسي "غوردن غراي"، إن جميع الرؤساء السابقين راهنوا دائما على أهمية تحالف أمريكي هندي في وجه الصين وفي منطقة المحيطين الهندي والهادئ؛ وذلك لأن التوازن الإقليمي كان يتطلب شراكة مع دلهي وسط خريطة تحالفات معادية للولايات المتحدة بدءًا من الصين وعبورًا إلى روسيا وانتهاء بكوريا الشمالية.
وأردف، أن هذا العامل التاريخي في العلاقة الثنائية جعل من الهند حليفا أقرب إلى الرؤية الأمريكية في منطقة المحيطين، إضافة إلى أن العلاقة التاريخية الهندية الصينية لم تكن دائما جيدة، وهو ما شجّع الرؤساء الأمريكيين على الاستثمار ونقل العلاقة مع الهند إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية والأمنية الدائمة.
في ظرف قصير جدا حوّل الرئيس ترامب العلاقة مع دلهي من علاقة الشريك الاستراتيجي إلى الخصم الجيوسياسي، وهو تحوّل كان لافتا بالنظر إلى سرعة حدوثه.
المقربون من البيت الأبيض يقولون إن ترامب احتفظ دائما بعلاقة شخصية قوية مع رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي إلى أن حدثت الحرب الأخيرة بين الهند وباكستان، وحينها أراد ترامب أن ينسب لنفسه نجاح التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين الدولتين الجارتين.
وأردفوا، كانت هناك أزمة ثقة بين الرجلين لأن وجهة النظر الهندية أن ملف كشمير ملف مشترك بين الدولتين الجارتين، ويجب أن يسوّى في هذا الإطار الضيق، لكن دخول ترامب وإعلانه عبر منصته للتواصل الاجتماعي نجاحه في التوسط لإنهاء الحرب من دون اتفاق مسبق مع موندي حوّل الموقف إلى أزمة ثقة عميقة بين الجانبين منذ تلك اللحظة.
ولاحقا وخلال اتصال هاتفي طلب ترامب من صديقه وقتها مودي أن يدعم ترشيحه لجائزة نوبل للسلام على غرار ما فعلت باكستان، وهو الأمر الذي رفضه مودي بإعلانه أنه لا يد لترامب في اتفاق وقف إطلاق النار، وأن القرار كان مشتركا بين البلدين ومن دون الحاجة إلى وساطة من ترامب. بعدها مباشرة تطوّرت الأزمة وبشكل متسارع جدا، يقول هؤلاء المقربون.
الخلاف بين ترامب ومودي كان عميقا عند أزمة الرسوم، حيث تحدث ترامب دائما على أن الميزان مختل تجاريا مع الهند التي تستفيد بشكل واسع من بيع منتجاتها في السوق الأمريكي لكنها لا تدفع ما يجب من رسوم، وهو أمر رأى فيه مودي مخالفة لطبيعة التحالف بين الدولتين.
بعدها أصبحت مطالب ترامب تتعدى ملف الرسوم الجمركية إلى مسائل ترتبط بسياسات الهند الخارجية، خاصة فيما يتعلق بموقف دلهي من الحرب في أوكرانيا.
هذه المطالب يقول المقربون أغضبت مودي ورأى فيها تقليلا من شأن الهند ومسارها السياسي الطويل ومساسا بسيادة قراراتها. ومن لحظتها بدأت ملامح أزمة حادة في الأفق، وبلغت أخيرا إلى إصرار الهند على التعامل منفردة مع موسكو. وهناك رأى ترامب في ذلك تجاوزا لالتزامات الشراكة والصداقة الشخصية، فأطلق الموجة الأولى من الرسوم الجمركية ضد دلهي وبعدها الثانية إلى أن بلغت مستوى قياسيا لم تصل إليها سوى مستوى الرسوم المفروضة على البرازيل.
في مخالفة صريحة لتاريخ طويل من العلاقات الثنائية الهندية الأميركية بادر مودي إلى التقارب أكثر مع بكين، وفي خطوة لافتة كان أحد أكثر الشخصيات الثلاث البارزة في قمة منظمة شنغهاي إلى جانب الرئيسين الصيني والروسي، إضافة إلى إعادة تسخين الخط مع بكين في توقيت حساس للغاية بالنسبة للرئيس ترامب.
لم يكن كل ذلك كافيا بل ازداد الأمر تعقيدا على مستوى داخلي عندما بادرت إدارة ترامب بترحيل مهاجرين هنود مكبّلي الأيدي إلى بلادهم، وهو ما اعتبره مودي إهانة لمواطنيه ولبلاده.
أمر آخر أظهره موقف القاعدة الناخبة المؤيدة للرئيس ترامب بإعلان رفضها الجماعي قدوم العمال الهنود إلى الولايات المتحدة من أولئك الحاصلين على تأشيرات العمل داخل الولايات المتحدة، وهو الموقف الذي دعمه الرئيس ترامب علنا بقوله إنه يجب على الشركات الأمريكية إعطاء الأولوية للأيدي العاملة المحلية، وليس تلك التي تأتي من الهند. وهي خطوة أخرى ضاعفت من حجم ومضمون الخلاف المحتدم بين ترامب وصديقه السابق والغريم الحالي مودي.