وسط أجواء زيارة رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي إلى الصين لحضور قمة منظمة شنغهاي للتعاون، تبث وسائل الإعلام الصينية مشهداً يلفت الأنظار، صاروخ جو-جو من طراز PL-15، الهبوط الآمن له في تيانجين، وتحليل قدراته العسكرية بشكل مفصل.
ولم يكن هذا العرض مجرد استعراض تقني، بل يحمل في طياته رسالة استراتيجية مزدوجة إلى نيودلهي، تقول ضمنيا: "لا تقللوا من شأن القوة الصينية"، بحسب صحيفة "أوراسيان تايمز".
وبحسب مراقبين صينيين، فإن اختيار توقيت بث التقرير كان بالغ الدقة؛ إذ جاء في لحظة حساسة مباشرة مع وصول مودي إلى الصين في 30 أغسطس/آب.
وقد علّق أحد المدونين على موقع "سوهو" الصيني الشهير قائلاً: "القدرات الحقيقية للصين أكثر تعقيداً وتحدياً مما قد تتصور الهند".
ويكتسب صاروخ PL-15 أهمية خاصة من منظور نيودلهي؛ لأنه كان السلاح الهجومي الأساسي للقوات الجوية الباكستانية خلال الحرب القصيرة التي اندلعت في مايو/أيار 2025.
وزعمت إسلام آباد إسقاط طائرات هندية، من بينها "رافال"، عبر صواريخ PL-15 المجهزة على طائرات JF-17 وJ-10C الصينية، بينما اعترفت الهند ببعض الخسائر، لكنها رفضت مزاعم باكستان، لتظل الحقيقة العسكرية محل جدل مستمر.
وفي خطوة رمزية إضافية، تم العثور على صاروخ PL-15 غير منفجر داخل الأراضي الهندية بعد الصراع؛ ما يزيد من تأثير الرسالة الصينية، ويشير بوضوح إلى أن باكستان مجرد واحدة من أوراق القوة الصينية ضد الهند.
وتأتي هذه الرسائل في سياق علاقات ثنائية متوترة ومعقدة، أبرزها الإعلان المشترك لقمة منظمة شنغهاي للتعاون، حيث تم تناول الهجمات الإرهابية في "باهالغام"، وخوزدار، وجعفر إكسبريس، في محاولة للقول بأن الهند وباكستان ضحيتان للإرهاب، وهو موقف رفضته نيودلهي لفترة طويلة.
علاوة على ذلك، يبرز التباين حول مبادرة الحزام والطريق الصينية؛ فبينما دعمت تسع دول من أعضاء المنظمة المشروع، رفضت الهند الانضمام، حتى حثت دولاً مجاورة على الابتعاد عنه، معتبرة إياه أداة لهيمنة الصين وفخا للديون.
ويعكس هذا الصراع تنافسا جيوسياسيا مكثفا على النفوذ والموارد والأسواق بين أكبر ديمقراطيتين في آسيا.
تُعتبر الهند، الأكبر عددا من حيث السكان والأسرع نموا اقتصاديا منذ سنوات، خصما استراتيجيا محتملا لبكين على المدى الطويل، خاصة مع الاستقلالية الاستراتيجية التي تتمسك بها نيودلهي.
أما الحدود المتنازع عليها بطول 4000 كيلومتر في الهيمالايا، فتبقى ساحة محتملة للصدام، كما شهدت في حروب 1962، 1967، دوكلام 2017، ووادي جالوان 2020.
بالإضافة لذلك، تمثل الشراكة الاستراتيجية بين الصين وباكستان عنصر ضغط إضافي على الهند، في ظل محاولات بكين الحفاظ على استقرار إسلام آباد، رغم أزماتها الاقتصادية.
وبين الرسائل المباشرة والمبطنة، تبدو زيارة مودي إلى الصين أكثر من مجرد حدث دبلوماسي تقليدي. إنها اختبار للدقة السياسية والحساسية الاستراتيجية لدى نيودلهي، التي إذا أغفلت التفاصيل، قد تجد نفسها تكرر أخطاء الماضي، مع تصاعد التوترات في آسيا.