كشف تقرير حديث أن المستشار الألماني، فريدريش ميرتس، يمضي قدمًا في مساعيه لتوجيه ألمانيا نحو توحيد موقف الاتحاد الأوروبي في ملف الدعم لأوكرانيا، في خطوة دبلوماسية حاسمة، متجاوزًا بذلك وبشكل صريح، معارضة وضغوط عواصم غربية، على رأسها واشنطن وبلجيكا.
ويرى الخبراء أن النبرة الحاسمة التي يتبناها ميرتس في إظهار دعمه الثابت لأوكرانيا تتناقض بشكل صارخ مع سياسة "التريث" التي اتبعها أسلافه، أنجيلا ميركل وأولاف شولتس، اللذان تجنبا غالبًا التورط في دور قيادي جريء.
من جهته، يرى ميرتس، الذي يبدو عازمًا على كسر القوالب التقليدية للسياسة الخارجية الألمانية، أن "مصير أوكرانيا هو مصير أوروبا بأسرها"؛ ما يعكس قناعته بأن حسم هذه القضية سيمثل اختبارًا حقيقيًا لما إذا كانت أوروبا قادرة على العمل الموحد في مواجهة التحديات الكبرى.
وبحسب "بوليتيكو"، فإن ألمانيا تسعى تحت إشراف ميرتس لتحديد موقعها كلاعب رئيس في رسم ملامح السياسة الأوروبية تجاه الأزمة الأوكرانية، في وقت حساس يتعاظم فيه الصراع العالمي على النفوذ.
ورغم أن سياسة ميرتس الطموحة تهدف إلى تعميق الدعم لأوكرانيا عبر ضخ قرض بقيمة 210 مليارات يورو، مدعوم من الأصول الروسية المجمدة، إلَّا أن هذه التحركات محاطة بتحديات سياسية ودبلوماسية ضخمة.
وبينما لم يتردد ميرتس في الضغط على بلجيكا، التي رفضت المقترح، فإنه قد تبنى نهجًا مباشرًا في مواجهة الضغوط الأمريكية على خلفية استراتيجية البيت الأبيض التي تفضل استخدام الأصول الروسية المجمدة لتحقيق أرباح مباشرة عبر اتفاقيات السلام.
لكن، في مقابل الدعم الواسع الذي يلقاه في الداخل الألماني، لا يزال ميرتس يواجه تحديات من حلفائه الأوروبيين، بما في ذلك معارضة بلجيكا وضغوط واشنطن؛ ما يمثل حاجزًا كبيرًا أمام محاولاته لتحقيق توافق أوروبي شامل حول آلية دعم أوكرانيا، ولا سيَّما أن بعض العواصم لا ترى في خطة ميرتس الموجهة نحو استخدام الأصول الروسية المجمدة، أداة فعّالة على المدى الطويل.
تحديات تتجاوز حدود الدبلوماسية الأوروبية
ويعتقد مراقبون أن ألمانيا في موقف حرج لا يتوقف عند حدود السياسة الداخلية أو الأوروبية فحسب، بل يمتد ليشمل المخاطر الدبلوماسية والسياسية التي قد تحدد نجاح خطط ميرتس أو فشلها.
وحذرت مصادر مطّلعة من أن تزايد المخاوف في بلجيكا وتباين المواقف بين عواصم الكتلة الأوروبية يُبرز هشاشة التوافق الداخلي؛ ما يجعل التحركات الأوروبية نحو توحيد المواقف بشأن أوكرانيا محط شكوك في قدرة الاتحاد على اجتياز اختبار القيادة الأوروبية في وقت حساس للغاية.
لكن ميرتس يبدو مستعدًا تمامًا للمجازفة، معتمدًا على القدرات الاقتصادية والسياسية لألمانيا، في محاولة لتقديم نموذج أوروبي جديد يرفض الانقسام، ويعزز التحرك الجماعي لدعم أوكرانيا في حربها المستمرة ضد روسيا.