إعلام سوري: انفجار سيارة في حلب وأنباء عن سقوط قتلى ومصابين
بعد قمة تيانجين، يبدو أن الوقت قد حان لترويكا روسيا والهند والصين، أو ما يُعرف بـ RIC، لتعيد صياغة الجغرافيا السياسية العالمية بعد قرون من الهيمنة الغربية.
بدأت فكرة الترويكا في التسعينيات على يد رئيس الوزراء الروسي يفجيني بريماكوف، الذي اقترح تشكيل تحالف ثلاثي لتحدي العالم أحادي القطب الذي تهيمن عليه الولايات المتحدة بعد انهيار الاتحاد السوفييتي.
رغم الصراعات الحدودية بين الصين والهند، كان الهدف واضحًا: عالم متعدد الأقطاب يقوده الشرق.
عقدت RIC على مدار العقدين التاليين أكثر من 20 اجتماعًا وزاريًا، وشهدت لحظات بارزة مثل قمة دلهي للأمن 2007، لكنها لم تتطور إلى تحالف كامل بسبب توترات مثل الاشتباك في وادي جالوان 2020 بين الهند والصين، بحسب صحيفة "يوراسيان تايمز".
ومع ذلك، أعادت السياسات الأمريكية الأخيرة، وخاصة التعريفات الجمركية التي فرضها ترامب، الزخم إلى هذه الفكرة الاستراتيجية.
قوة اقتصادية وعسكرية
تجمع RIC أكثر من 3 مليارات نسمة، أي حوالي 37% من سكان العالم؛ ومن الناحية الاقتصادية، يمثل الناتج المحلي الإجمالي المشترك لهذه الدول نحو 22.4% من الاقتصاد العالمي بالقيمة الاسمية و34.2% بتعادل القوة الشرائية.
الصين والهند هما من أسرع الاقتصادات الكبرى نموًا، مع توقعات بأن تصبح الهند ثالث أكبر اقتصاد عالمي خلال عامين، وروسيا، رغم تراجعها الاقتصادي، تظل لاعبًا مهمًا ضمن هذا التكتل.
وتمتلك الدول الثلاث أكبر جيوش نشطة في العالم، مع ما يقرب من 4.6 مليون جندي، بالإضافة إلى ملايين الجنود الاحتياطيين؛ ما يجعل التكتل أقوى من الناتو من حيث القوة البشرية.
كما تتمتع الترويكا بموارد طبيعية ضخمة، مثل النفط والغاز من روسيا، والمعادن الأرضية النادرة من الصين والهند، وكذلك القدرة على ضمان الأمن الغذائي مع الإنتاج الكبير من القمح والأرز.
كما تمتلك الدول الثلاث تقنيات صاروخية متقدمة، وقدرات فضائية قوية، ومجمعات صناعية عسكرية ضخمة، ما يمنحها استقلالية دفاعية واضحة؛ كما أنها متجاورة جغرافيًا؛ ما يسهل الدفاع المتبادل والاستجابة السريعة لأي تهديدات.
بداية عصر الشرق
وتكمن العقبة الكبرى أمام RIC في العلاقات الهندية-الصينية المتوترة، مع حدود غير مستقرة ومنافسة استراتيجية تاريخية.
ومع ذلك، يظهر التاريخ أن التحولات الجيوسياسية غير المتوقعة ممكنة: روسيا والصين تجاوزتا نزاعات حدودية كبيرة لتصبحا شريكين استراتيجيين طبيعيين، ولا يوجد ما يمنع حدوث تحول مماثل بين نيودلهي وبكين.
إذا استغلت الدول الثلاث إمكاناتها الاقتصادية والعسكرية والجغرافية بشكل فعال، فإن الترويكا يمكن أن تشكل كتلة استراتيجية قادرة على تحدي الهيمنة الغربية، وضمان الأمن الغذائي والطاقة، والسيطرة على طرق التجارة العالمية، وتوجيه الاقتصاد العالمي.
وفي هذه اللحظة التاريخية، يبدو أن الشرق على وشك استعادة مكانته الطبيعية على الخريطة العالمية.