ذهب خبراء إلى أن مجموعة من الأسباب جعلت الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يؤجل قرار مشاركة الولايات المتحدة إسرائيل في المواجهة العسكرية ضد إيران، من بينها ما يؤول إليه اجتماع سري حاسم في مجلس الشيوخ بشأن التدخل العسكري.
وبينوا في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أن من أهم الأسباب الوقوف على ما سينتج عنه الاجتماع السري المنتظر في مجلس الشيوخ الأسبوع المقبل، بين مسؤولين بالأمن القومي الأمريكي لتزويد المعنيين بأعضاء لجنة الاستخبارات بالمجلس بمعلومات خاصة عن العملية العسكرية الدائرة وجميع أبعاد التدخل الأمريكي والنتائج المتوقعة، والحصول على دعم بشأن ذلك، وهو الاجتماع الذي سيتحدد على أساسه جانب كبير من قرار المشاركة الأمريكية في المواجهة من عدمه.
وأوضحوا أن من بين الأسباب الضغوط التي يمارسها الديمقراطيون على الرئيس الجمهوري لعرقلة أي عمل ضد إيران، بجانب وجود انقسام في فريق ترامب ومقربين منه، لا يريدون إدخال الولايات المتحدة في حرب جديدة، ويرون أن هذه المواجهة خاصة بإسرائيل.
ونبهوا إلى أن التأجيل يتعلق بالرغبة في تقييم مدى ذهاب إيران في حال المشاركة الأمريكية لإسرائيل في الضربات إلى إغلاق مضيق هرمز وباب المندب.
وكان البيت الأبيض قد أعلن أن الرئيس الأمريكي سيتخذ قرارا خلال الأسبوعين المقبلين بشأن ما إذا كانت الولايات المتحدة ستتدخل في الصراع الإسرائيلي الإيراني، وذلك بعد أن كان الحديث عن أن الحسم سيكون الأسبوع المقبل.
إضعاف طهران
ويقول أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس الدكتور أمجد شهاب، إن تأجيل ترامب ليس خدعة أو من أجل التهدئة في وقت يعتبر فيه الرئيس الأمريكي المحرك الأساسي لتوجيه الضربة الإسرائيلية لإيران ليس فقط باستهداف مشروعها النووي الذي يدور منذ 13 عاما، ولكن هناك عدة حسابات ومصالح تتعامل معها واشنطن.
وأوضح شهاب في تصريح لـ"إرم نيوز"، أن ترامب كان يعتقد أن الضربة المشاركة فيها بلاده لوجيستيا من خلال الأنظمة الجوية التقنية الحديثة والمعلومات وتزويد إسرائيل بكامل الأسلحة والأدوات العسكرية التي تحتاجها لتوجيه الهجمات، وهو دعم يقدمه منذ أشهر، ستجعل النظام الإيراني إما أن يخضع أو يسقط ويكون المجيء ببديل في ظل وجود معارضة قوية من عدة أعراق داخل إيران، في وقت كان يجهز فيه الموساد لمحاولة سيطرة داخلية.
دوافع اقتصادية
وأشار شهاب إلى أن ترامب أعطى أسبوعين على أمل أن تستمر إسرائيل في توجيه استهدافات للبنية التحتية لإيران وضربات قوية للاقتصاد الإيراني الذي يعاني في الأساس من عقوبات منذ سنوات، ليكون ذلك بمثابة وقت إضافي للحصول على تنازلات كانت مطلوبة من طهران في آخر جولة من المفاوضات.
وأفاد شهاب أن من ضمن التنازلات بجانب تفكيك البرنامج النووي، رغبة ترامب عبر الوساطات الراهنة في الوصول إلى نقطة الاستحواذ على ما تتمتع به إيران من ثروات طبيعية خاصة الغاز والبترول والسير من جهة أخرى لعرقلة مشروع طريق الحرير الذي تشارك فيه طهران عن طريق البر والبحر، والذي يعتبر حجر زاوية للصين المنافس الأساسي للولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.
تقييم الأوضاع
وتابع أن واشنطن ستقيّم الوضع خلال الأسبوعين القادمين، وفي حال رفضت إيران تقديم تنازلات وفشل الوساطة العمانية وتدخل وزراء خارجية دول أوروبية وازنة، سيكون التقييم النهائي لواشنطن حاضرا في ظل مخاوف من تعريض الجنود الأمريكيين الذين يزيد عددهم على 50 ألفا في قواعد تمتد حول إيران.
واستكمل شهاب، أن التقييم القائم في هذه المدة مرتبط أيضا بمدى ذهاب إيران في حال المشاركة الأمريكية لإسرائيل في الضربات إلى إغلاق مضيق هرمز وباب المندب واتساع رقعة المواجهات، لاسيما أن النقطة الأساسية التي يعتمد عليها ترامب أن إيران لا تبحث عن مواجهة شاملة وتريد مخرجا يحفظ لها ماء الوجه أمام الرأي العام الإيراني وحلفائها أيضا.
ضغوط داخلية
وبدوره، يرى الخبير في الشأن الإيراني الدكتور محمد المذحجي، أن تأخير ترامب للحسم وراءه ضغوط من داخل الولايات المتحدة خاصة من جانب الديمقراطيين الذين يعملون على عرقلة ترامب في أي عمل تجاه إيران، في ظل سعيه اتباع موقف ينزع مخالب إيران النووية بعد إلغاء الاتفاق الذي أبرمه الرئيس الأسبق باراك أوباما، لإظهار نفسه على أنه حقق ما لم يستطع الديمقراطيون فعله في تقييد قدرات إيران عبر اتفاق ملزم.
وأضاف المذحجي في تصريح لـ"إرم نيوز"، أن هناك من فريق ترامب ومقربين منه لا يريدون إدخال الولايات المتحدة في حرب جديدة، ويرون أن هذه المواجهة خاصة بإسرائيل، ولا يريدون إقحام واشنطن في معركة تهدد مصالحها بالمنطقة، مشيرا إلى أن ترامب عبر تأجيل القرار أسبوعين يعمل على محاولة إقناع هؤلاء بأهدافه.
ومن جهة أخرى، بحسب المذحجي، يعمل ترامب على إعطاء الفرصة في العلن للمفاوضات القائمة بين طهران والأوروبيين التي يدرك الرئيس الجمهوري إفشالها من جانب طهران حتى يكون تحركه قائما في صورة اتباعه جميع المساعي السلمية، وأن إيران تتمسك بسلاحها النووي الذي تريد أن تهدد به إسرائيل والشرق الأوسط ومن ثم الأمن العالمي.
تفكيك آمن
وبيّن المذحجي أن ترامب يعلم أنه لا يمكن إنهاء البرنامج النووي الإيراني بعمل عسكري وهو ما يتطلب تفكيكه من الداخل لأنه لا يمكن قصف المنشآت النووية التي تحمل مواد مشعة حيث سيؤدي ضربها إلى انتشار إشعاعي خطير يهدد المنطقة بكارثة بيئية، لذلك يجب أن يكون هناك تفكيك عبر وجود نظام أو قوة رسمية حتى لو كانت مؤقتة داخل إيران تسمح بذهاب خبراء والقيام بالتفكيك الآمن وفق المعايير الدولية، وهو ما يجعل ترامب محتاجا لوقت للتفكير في التعامل مع هذه النقطة.
وذكر المذحجي، أن من بين أهم أسباب تأجيل ترامب، الوقوف على ما سينتج عنه الاجتماع السري المنتظر في مجلس الشيوخ الأسبوع المقبل، بين مسؤولين بالأمن القومي الأمريكي لتزويد المعنيين من أعضاء لجنة الاستخبارات بالمجلس بمعلومات خاصة عن العملية العسكرية الدائرة وجميع أبعاد التدخل الأمريكي والنتائج المتوقعة، والحصول على دعم بشأن ذلك، وهو الاجتماع الذي سيتحدد على أساسه جانب كبير من قرار المشاركة الأمريكية في المواجهة من عدمه.