الشرطة الأسترالية: اعتقال 7 أشخاص في سيدني على صلة بهجوم بوندي

logo
العالم

برلين تعيد صياغة "درع أوروبا".. اختبار أمني يمتد من كييف إلى حدود القارة

الرئيس الأوكراني في برلين قبل لقاء قادة أوروباالمصدر: أ ف ب

لم تكن برلين مجرد محطة دبلوماسية عابرة في مسار الحرب الروسية الأوكرانية، بل بدت وكأنها "غرفة عمليات سياسية" يُعاد فيها رسم شكل أوروبا الأمني لعقود مقبلة، إذ تحولت المحادثات الأوروبية الطارئة التي دعا إليها المستشار فريدريش ميرتس إلى اختبار حقيقي.

أبرز ما كشفت عنه القمة هو أن برلين لم تكن منصة لإعلان اتفاق، بل لتثبيت إطار أمني جديد لأوكرانيا، وصف بأنه الأوسع منذ 2022، والذي ركز على بناء قدرة ردع طويلة الأمد، وليس على إنهاء فوري للقتال.

وتضمنت مخرجات القمة التزاما أوروبيا أمريكيا بدعم جيش أوكراني قوامه 800 ألف جندي في زمن السلم، وإنشاء قوة متعددة الجنسيات تعمل داخل الأراضي الأوكرانية، يمثلان تحولًا نوعيًا في فلسفة الدعم الغربي، من "المساندة من الخلف" إلى "التموضع داخل ساحة الصراع". 

وتمثلت أكثر مخرجات القمة حساسية في الحديث عن ضمانات أمنية شبيهة بالمادة الخامسة من ميثاق الناتو، دون منح أوكرانيا عضوية كاملة في الحلف، وكذلك وضع آلية أمريكية لمراقبة وقف إطلاق النار، وقنوات الاتصال المباشرة مع موسكو.

أخبار ذات علاقة

زعماء أوروبيون في لندن

بين لندن وواشنطن.. خرائط جديدة لتسوية الحرب الروسية الأوكرانية

نقاط عالقة

ورغم أن الحديث الأمريكي عن حل 90% من القضايا، فإن المراقبين أكدوا أن الملفات المتبقية هي الأكثر جوهرية، مسألة الأراضي، التي جرى ترحيلها إلى "المراحل النهائية"، ولم تُحل.

وخلال القمة، دعم القادة الأوروبيون حق الرئيس زيلينسكي في اتخاذ القرار النهائي، وربط ذلك باستشارة الشعب الأوكراني، وهو ما يعكس إدراكا بأن أي تنازل إقليمي قبل تثبيت الضمانات الأمنية قد يُفجر الداخل الأوكراني سياسيًا. 

وأكد الخبراء أن الحديث عن توافق بنسبة 90% حول مخرجات اجتماع برلين لا يعكس الواقع الفعلي لمسار الحرب في أوكرانيا، خاصة أن القضايا الجوهرية لا تزال عالقة، وعلى رأسها حياد أوكرانيا، والوجود العسكري الأجنبي، ومستقبل الأراضي المتنازع عليها. 

أخبار ذات علاقة

قوات الناتو في مناورة بالذخيرة الحية في لاتفيا

من الدفاع إلى الهجوم الاستباقي.. الناتو يغير خططه لمواجهة الحرب الروسية الهجينة

وأضاف الخبراء أن أي تسريع لفرض اتفاق قد يقود إلى نتائج غير عادلة، ويحول أوكرانيا إلى ضحية جديدة، في وقت لا تزال فيه موازين القوى الميدانية تميل لصالح روسيا. 

ولفت هؤلاء إلى أن ما يُروج له من نسب توافق يندرج في إطار التفاؤل السياسي والإعلامي، أكثر منه تعبيرًا عن اختراق حقيقي، وأن نهاية الحرب لم تبدأ بعد وأن الطريق لا يزال مليئًا بجولات تفاوضية معقدة قد تحسم الصراع، أو تفتح الباب أمام تصعيد أوسع.

تفاهم "الوكلاء"

وأكد محمود الأفندي، المحلل السياسي والخبير في الشؤون الروسية، أن الحديث المتداول عن وجود توافق بنسبة 90% حول مخرجات اجتماع برلين يفتقر إلى الدقة، مشددًا على أنه لا يوجد توافق تسعين بالمئة، ولا حتى 5% بالمعنى الحقيقي.

وكشف في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أن اجتماع برلين لا يرتبط بروسيا من الأساس، معتبرًا أنه لقاء بين أطراف كانت منخرطة في حرب بالوكالة، فقد دعمت الولايات المتحدة والمعسكر الغربي أوكرانيا، قبل أن تبدأ الخلافات في الظهور بين هذه الأطراف. 

وأشار الأفندي إلى أن ما يجري لا يمكن وصفه بتوافق مع روسيا بأي شكل، بل هو توافق أمريكي أوروبي داخلي فقط، موضحًا أن الأرقام المتداولة حول نسب التوافق تأتي في إطار تفاؤل إعلامي مبالغ فيه، لا سيما من جانب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. 

أخبار ذات علاقة

مبنى سكني في أوكرانيا استهدفته ضربة صاروخية روسية

"سباق دفاعي مفتوح".. الحرب الروسية الأوكرانية تدخل مرحلة جديدة

التوافق الأوروبي الأمريكي

وأضاف المحلل السياسي أن مستوى التوافق بين الأوروبيين والأمريكيين قد يقترب من 90%، في حين لا يتجاوز التوافق مع روسيا 10%، خاصة في ظل المعطيات الميدانية التي تُظهر تفوقًا روسيًا واضحًا.

وأشار إلى أن المفاوضات لا تزال مستمرة، وأن الولايات المتحدة تمتلك أدوات ضغط قوية، معتبرًا أن عدم انضمام أوكرانيا إلى حلف الناتو يمثل نقطة إيجابية لموسكو. 

وشدد الخبير في الشؤون الروسية على أن موسكو ترفض بشكل قاطع أي وجود لقوات أجنبية متعددة الجنسيات أو قوات أوروبية داخل أوكرانيا، كما ترفض تقديم ضمانات أمنية شبيهة بالمادة الخامسة من ميثاق الناتو.

وأضاف أن الملفين الجوهريين، وهما حياد أوكرانيا والتنازل عن الأراضي، لم يُحسما بعد، لافتًا إلى أن كييف أعلنت صراحة عدم نيتها الانسحاب من الأراضي المتنازع عليها. 

وأشار الأفندي إلى أن حلف الناتو يطالب بإدخال قوات أجنبية والاستمرار في تسليح أوكرانيا، فضلًا عن رفع قوام الجيش الأوكراني إلى مليون جندي، وهو رقم وصفه الأفندي بأنه مستحيل القبول بالنسبة لروسيا.

وأكد الأفندي أن نهاية الحرب لا تبدو قريبة، رغم التفاؤل الذي يعبّر عنه ترامب، موضحًا أن أوكرانيا وأوروبا ستخضعان في نهاية المطاف للضغوط الأمريكية، لكن ذلك لن يحدث في المرحلة الحالية، بل بعد عدة جولات تفاوضية، كاشفًا عن توقعات بجولة تفاوض مع روسيا تعقبها جولة أخرى مع أوكرانيا.

وأوضح أن الولايات المتحدة تمتلك أوراق ضغط كبيرة على الأوروبيين، من بينها ملفات فساد تتعلق بالسلاح وتوزيع الأموال، وهي ملفات معروفة، لافتًا إلى أن أوروبا وأوكرانيا تدركان جيدًا عدم قدرتهما على مواجهة روسيا عسكريًا دون الدعم الأمريكي. 

السلام البعيد

من جانبه، أكد إيفان يواس، مستشار مركز السياسات الخارجية الأوكراني، أن العالم يتطلع اليوم إلى نهاية الحرب، مشددًا على أهمية التعامل مع الواقع بقدر كبير من العقلانية. 

وقال في تصريحات لـ"إرم نيوز" إن الحديث عن جاهزية اتفاق بنسبة 90% لا يختلف كثيرًا عن الحديث عن جاهزيته بنسبة 99%، موضحًا أن أي 1% غير مُنفذ قد يؤدي إلى تأثير يعادل 10% من الاتفاق بأكمله.

وأوضح يواس أن هذه المعادلة تكشف حقيقة أساسية، وهي أن طرفي الحرب الحقيقيين هما الجيش الروسي والجيش الأوكراني، في وقت تحاول فيه الولايات المتحدة الأمريكية فرض شروطها بوتيرة سريعة. 

أخبار ذات علاقة

من جبهات القتال بين روسيا وأوكرانيا

عام الحسم يقترب.. هل تُكتب نهاية الحرب الروسية الأوكرانية في 2026؟

اتفاق "غير عادل"

وأشار يواس إلى أن فرض اتفاق غير عادل سيجعل أوكرانيا تشعر بأنها ضحية لهذا المسار، معتبرًا أن ذلك يعني تحوّلها إلى ضحية مرتين، وهو وضع وصفه بغير المقبول. 

وأضاف أن الاتفاق المطروح، والذي تسعى روسيا من خلاله للسيطرة على منطقة دونباس، يُنظر إليه في موسكو باعتباره سيطرة على جزء محوري من الاقتصاد الأوكراني.

واستحضر يواس مثالًا تاريخيًا وهو أن هتلر سعى للسيطرة على مناطق من تشيكوسلوفاكيا، وبعد نجاحه في ذلك في سبتمبر 1938، حصل على موارد مكّنته لاحقًا من إشعال حرب شاملة انتهت بالحرب العالمية الثانية.

وأكد أن عسكرة منطقة دونباس منذ بداية الاحتلال الروسي عام 2014، ثم تصاعدها في 2020، تعكس نية روسية مبكرة لاستخدام المنطقة كنقطة انطلاق لأخطر حرب، قد لا تقتصر على أوكرانيا وحدها، بل تمتد إلى دول أوروبية أخرى.

ولفت إيفان يواس إلى أن هذا المشهد يكشف ضعف أوروبا، محذرًا من أن روسيا، إذا ما أدركت هذا الضعف، ستسعى إلى توسيع دائرة الهجوم، وفق قوله.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC