يعد العامل التقني والاستخباري الأبرز في توزيع موازين القوى وأوراق التفوق العسكري والجيوستراتيجي بين تل أبيب وطهران، بعد مرور أسبوع على المواجهة العسكرية بينهما.
وتنوعت الأهداف التي عمل عليها الجانبان خلال أكثر من 7 أيام في حرب المواجهة، وتنوعت الضربات في العمق والأهداف العسكرية والمنشآت النووية وصولا إلى استهداف مناطق حيوية مدنية واقتصادية.
وكانت الكلمة العليا في ضربة البداية التي تحركت بها إسرائيل عبر الاختراق الاستخباراتي الذي أوقع الصف الأول من القادة العسكريين في إيران.
ومقابل التفوق الإسرائيلي في التكنولوجيا وسلاح الجو والرهان الاستخباراتي، بدعم أمريكي أوروبي، أظهرت إيران قدرات على مستوى الصواريخ الباليستية والمسيّرات، وتسجيل اختراقات في العمق الإسرائيلي.
الخبير في الشؤون الإسرائيلية، خالد ناصيف، يقول إن تصنيف قواعد التفوق العسكري بين إيران وإسرائيل في ظل المواجهة القائمة بينهما، يعتمد على عدة محاور.
وذكر ناصيف، في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أن المحور الأول على المستوى العسكري التقليدي هو تفوق إسرائيل من حيث التكنولوجيا على مستوى سلاح الجو والوصول إلى عمق إيراني بدقة بالإضافة إلى وجود دعم استخباراتي أمريكي أوروبي مباشر.
وأضاف أن إيران في المقابل تمتلك قوة صاروخية باليستية ضخمة ومسيرات. وقد أثبتت القدرة على تجاوز أنظمة الدفاع الإسرائيلي في أكثر من مرة كما حدث في الضربات الأخيرة.
أما المحور الثاني، فأفاد ناصيف بأنه يتعلق بمستوى توجيه الضربة والقدرة على الرد، فقد شهد تنفيذ إيران هجوما مباشرا تجاه أهداف حيوية تطورا كبيرا في وقت تراهن فيه طهران على الحرب النفسية، لكن الرد الإسرائيلي يكون أكثر دقة وتدميرا في الداخل الإيراني.
وأوضح ناصيف أنه على مستوى ميزان الجبهة الداخلية، تعاني إسرائيل من هشاشة في ذلك لا سيما حال توسع الحرب في ظل ضغط الصواريخ، أما بالنسبة لإيران فقد توظف هذه الجبهة بتعبئة الرأي العام، ولكن إذا تكثفت الضربات الإسرائيلية، فهذا التحدي سيكون مضاعفا لطهران.
وعلى مستوى المحور الرابع، اعتبر ناصيف أن التحالفات الدولية لها تأثير كبير في الموازين، ففي وقت تتمتع فيه إسرائيل بدعم أمريكي غربي تقني استخباراتي قوي، فإن إيران تراهن على قوتها الذاتية وما يعرف بمحور المقاومة ودعم محدود من روسيا والصين بشكل غير مباشر.
وأشار ناصيف إلى أن إيران تعمل على تقديم رسائل بإظهار قدرتها على الوصول إلى أهداف مدنية وعسكرية واستراتيجية داخل إسرائيل، وأن الحرب لم تبقَ على الحدود، وأن هناك رهانا على إصابة المراكز الاقتصادية والحيوية.
وبيّن أن هذا توضح في اجتياز الصواريخ الإيرانية للدفاعات الجوية الإسرائيلية وسقوطها في مواقع حساسة مثل ساحة مايكروسوفت في بئر السبع، وهو ما يعتبر تطورا استراتيجيا بالغ الأهمية في ميزان القوى بين طهران وتل أبيب.
ومن جهته يقول الباحث في الشؤون الاستراتيجية، حسام عزت، إن التفوق على المدى الجيوستراتيجي حتى الآن غير محسوم لطرف على آخر.
وقال لـ"إرم نيوز" إن ما جعل إيران تحقق مكاسب لصالحها، هو أنها استطاعت اختراق أنظمة دفاع جوي ومضادات أرضية حديثة تمتلكها إسرائيل بدعم أمريكي لا محدود.
وأضاف عزت أن إسرائيل من جهتها استطاعت في العديد من المواقع الاستراتيجية تنفيذ ضربات قاصمة ومؤثرة في العمق الإيراني وصولا لمواقع عسكرية لها أهمية استراتيجية قصوى فضلا عن مواقع ومنشآت نووية ألحقت بها أضرارا ليست بالبسيطة.
واستدرك بالقول إن هناك مفاجآت إيرانية بالقدرة على الوصول إلى مناطق حيوية ومدنية وعسكرية من المفترض أنها تحظى بأهم تحصينات أنظمة الدفاع الجوي في العالم.
وأوضح عزت أن ما أظهر هذا المشهد بشكل أكبر أن هذه الأنظمة الدفاعية وما يتعلق بتتبع الأجسام الصواريخ هي أمريكية وأوروبية من أحدث الطرز، ويتم إدارتها من غرف عمليات من الولايات المتحدة مباشرة، وهو ما أظهر عكس ما كان يأتي من تهديدات وتقارير بأن أي ضربة إسرائيلية لطهران ستسقط النظام.
وعلى صعيد الخسائر، أشار عزت إلى أن ما أوقعته إسرائيل من ضربات قاصمة للبنية التحتية الإيرانية العامة، وفي نفس الوقت مقدرات البرنامج النووي، تحمل خسائر كبيرة من الصعب التعامل معها وتعويضها في ظل ما تعيشه إيران من أزمات اقتصادية وعقوبات لا سيما أن معظم الإمكانيات كانت توجه لبنية البرنامج النووي والإنفاق على الأذرع بالخارج، وهذه الخسائر سيتضح مدى تأثيرها مع جرد حجم الأضرار.
وبين عزت أن التخلخل الداخلي الإيراني على مستوى القيادة وتفكك القواعد واختراق أجهزة الاستخبارات والأمن الإيراني تعتبر ضربات قاسية حيث وصل الأمر إلى استهداف الصف الأول للقيادة العامة العسكرية أكثر من مرة في أسبوع واحد.