تشهد بوركينا فاسو جدلاً سياسياً وشعبياَ متصاعداً بسبب بدء محاكمات تستهدف مسؤولين في وزارة العمل الإنساني يواجهون تهماً تتعلّق باختلاس أموال كانت مُخصّصة لرعاية آلاف النازحين.
وبحسب تقارير محليّة فإنّ الأمر يتعلق بكبار موظفي الوزارة الذين مثلوا أمام المحكمة بتهمة سرقة مبلغ قيمته 3 مليارات فرنك أفريقي (ما يُعادل 5 ملايين و340 ألف دولار أمريكي) كانت مخصصة لنازحين فرضت عليهم المواجهات العسكرية، بين القوات الحكومية والجماعات المسلحة، مغادرة بيوتهم والنزوح إلى مناطق أخرى.
وباتت القضيّة تُعرف باسم "قضيّة أميدو تيغنان" في إشارة إلى الموظّف الذي يحمل الاسم نفسه، وقام بتحويل أموال ضخمة مخصصة للنازحين إلى حسابات أخرى. وقد حُكم على الموظف تيغنان بالسجن لمدة 11 عاماً.
وخلال محاكمته، أقرّ تيغنان بمسؤوليته، لكنه ذكر للقضاء عدداً من الموظفين الذين يُشتبه في تورطهم ومن بينهم وزيرة التضامن الوطني السابقة، لور هيين زونغو، التي قرر فريق دفاعها الطعن في إجراءات المحاكمة أمام المجلس الدستوري.
تحرّك حكومي سريع
وأجّلت السلطات القضائية محاكمة الوزيرة السابقة إلى العام 2026، لكن غضباً شعبياً تفجّر بسبب هذه القضيّة حيث يرى كثيرون أنه يعكس حجم الفساد في البلاد، التي شهدت قبل 3 سنوات انقلاباً عسكرياً.
وعلق المحلل السياسي البوركيني، عيسى مونكايلا، على الأمر بالقول إنّ: "هذه القضيّة شهدت تطورات متسارعة بالفعل، لكن المهم أن السلطات تحرّكت بشكل سريع من أجل إخضاع المسؤولين عن نهب أموال النازحين للمساءلة".
وتابع مونكايلا في تصريح خاصّ لـ "إرم نيوز" أنّ: "هذا التحرّك يعكس سعياً إلى تكريس الشفافية والمحاسبة وهو ما ينسجم مع سياسة النقيب إبراهيم تراوري، لذلك أتوقع أن يتمّ حسمها في المرحلة المقبلة خاصة في ظل الجدل الذي تعرفه البلاد حيث تواجه السلطات بالفعل ضغوطا شعبية من أجل الإسراع بمحاسبة المتهمين".
وشدد على أنّ: "مع تحوّل الملف إلى قضية رأي عام، ستكون هناك مساعٍ كثيفة من الحكومة لغلقه من أجل منع تضرّر صورتها لدى الشارع".
أزمة غير مسبوقة
ولم تعلق السلطات في واغادوغو بعد على هذه القضيّة، لكن النيابة العامة نشرت إعلانات متعددة حول أطوارها.
ومن جانبه، قال المحلل السياسي المتخصص في الشؤون الأفريقية، محمد أوال، إنّ: "ما يحدث في بوركينا فاسو من قضية اختلاس أموال النازحين يشكل أزمة غير مسبوقة حيث يحرج السلطات الساعية لتحقيق انفراجة في الكثير من الملفات خاصة أن منظمات دولية قد تشدد شروطها مستقبلاً قبل منح البلاد أي تمويلات من أجل النازحين أو اللاجئين".
وأضاف أوال في تصريح خاص لـ"إرم نيوز" أنّ: "هذه الأزمة تختبر جدية مساعي حكومة النقيب تراوري لمكافحة الفساد المستفحل في البلاد منذ سنوات، والقرار القضائي الذي سيصدر في حقّ زونغو سيكون له تأثير كبير على موقف الشارع من السلطات".