استبعد خبراء في الشؤون الصينية واللاتينية إقدام بكين على أي تدخل عسكري مباشر في منطقة الكاريبي حال سقوط نظام نيكولاس مادورو وحل محله رئيس مقرب من واشنطن.
ورغم أن كاراكاس تمثل شريانًا حيويًّا للطاقة، حيث تستقبل الصين 80% من صادراتها النفطية (ما يعادل 4% من إجمالي واردات بكين من الخام)، فإن الخبراء يرجحون نأي الصين بنفسها عن الصدام المباشر مع الولايات المتحدة في "حديقتها الخلفية".
وأوضح الخبراء في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أنه في حال إصرار واشنطن على شن هجوم أو تنفيذ عمليات عسكرية أمريكية في فنزويلا، فإن بكين لن تذهب إلى مواجهة عسكرية أمام الولايات المتحدة، مرجحين اكتفاءها بدعم مادورو بوسائل غير مباشرة، مثل: إرسال المواد اللازمة لصناعة الأسلحة، أو اللجوء إلى التفاوض مع البيت الأبيض.
وترى الباحثة في الشؤون الصينية والآسيوية، الدكتورة تمارا برو، أن بكين لن تقف مكتوفة الأيدي تجاه أحداث فنزويلا، لكنها في المقابل ستتجنب التصادم المباشر مع واشنطن، نظرًا لتركيزها الإستراتيجي على التنمية الاقتصادية.
وأوضحت برو في تصريح لـ"إرم نيوز" أن العقلانية الصينية ستحول دون أي تدخل عسكري حال الإطاحة بنظام مادورو، رغم أن فقدان حليف في كاراكاس سيهدد إمدادات حيوية؛ إذ تستحوذ بكين على 80% من صادرات النفط الفنزويلي، وهو ما يمثل 4% من إجمالي وارداتها النفطية العالمية.
وتعتقد برو أن تغيير النظام في فنزويلا لصالح نظام تابع للولايات المتحدة لا يخدم مصالح بكين، خاصة في ظل اعتماد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في إستراتيجيته على مبدأ مونرو، الذي ينص على رفض النفوذ الأجنبي في أمريكا الجنوبية، لافتة إلى أنه خلال السنوات الماضية ازداد التوسع الصيني في المنطقة اللاتينية، وهو ما يدفع الرئيس الجمهوري إلى محاولة تقليص هذا النفوذ.
واستكملت برو أنه في حال الإصرار على شن هجوم أو تنفيذ عمليات عسكرية أمريكية في فنزويلا، فإنها لا تتوقع أن تتدخل الصين عسكريًّا لمواجهة الولايات المتحدة، مرجحة أن تكتفي بدعم مادورو بوسائل غير مباشرة، مثل: إرسال المواد اللازمة لصناعة الأسلحة، أو اللجوء إلى التفاوض مع الولايات المتحدة.
وبينت أن الصين قد تقدم تنازلات في ملف أو منطقة أخرى مقابل استمرار تدفق النفط الفنزويلي إليها، مؤكدة أن بكين لا يهمها من يتولى السلطة، سواء كان مادورو أو غيره، بقدر ما يهمها أن تقوم أي سلطة قائمة بحماية المصالح الصينية، موضحة أنه حال رأت بكين أن وقف النفط من كاراكاس سيؤثر بشكل كبير في اقتصادها، فقد تلجأ إلى استخدام ورقة الضغط التي تعتمدها دائمًا، وهي تصدير المعادن النادرة إلى الولايات المتحدة.
واستطردت برو، إن ملف كاراكاس ما زال ضبابيًّا، وبكين تراقب الأوضاع بحذر شديد، إذ تفكر في المستقبل ولا تتخذ قرارات اندفاعية قد تندم عليها لاحقًا، ورغم أن الصين تتصرف بعقلانية، لكنها لن تقف مكتوفة الأيدي إذا تعرضت مصالحها لخطر كبير نتيجة الإجراءات التي يتخذها ترامب ضد فنزويلا.
وبدوره، يقول الباحث في الشأن اللاتيني، حسان الزين، إن المعركة حتى الآن من واشنطن مع كاراكاس شبه دبلوماسية ولكنها على صفيح ساخن ببعض الأمور كضرب القوارب المتهمة بنقل المخدرات والتحشيد العسكري الذي لم يرقَ إلى الغزو، والصمت الصيني يتبع إستراتيجية بكين بشكل عام، رغم أن هناك تصريحات منها بخصوص هذه الأزمة.
ويؤكد الزين في حديث لـ"إرم نيوز"، أن الصين تدير عملية المخاطر بين الولايات المتحدة وفنزويلا على أساس أنها لا تريد الصدام مع واشنطن في ظل تركيزها على التمدد الاقتصادي لها، في حين أن الحروب تخرج بها من هذا السياق وتجعلها خاسرة، لذلك تلجأ للمرونة الدبلوماسية.
وأشار إلى أن الصادرات النفطية من كاراكاس إلى بكين تشكل نسبة بسيطة للواردات الصينية، ورغم انخفاض سعرها إلا أنها ليست مهمة بشكل يجعل بكين تقوم بمعركة في وقت تستعد فيه للذهاب إلى نقطة الانفجار في تايوان، في وقت قد تخسر فيه جزءًا من أمريكا اللاتينية بعض الشيء.
وبحسب الزين، فإن الولايات المتحدة تتعامل مع معركة كاراكاس على أنها ملف يخص أمنها القومي، لذلك فإن أي تحدٍّ من دولة مثل الصين يعتبر مساسًا بخطوط خاصة بواشنطن التي تؤكد أن فنزويلا من ضمن حديقتها الخلفية.
وخلص الزين إلى أن من المستبعد أن يكون هناك تفاهم بين الولايات المتحدة والصين حول فنزويلا، ولكن من الممكن أن تكون هناك إدارة أزمة قائمة على تفاهمات أو تنازلات.