نشرت مجلة "ذا كونفرزيشن" الأمريكية تقريرًا تناول السيناريوهات المحتملة لهجوم إسرائيلي على المنشآت النووية الإيرانية تحت الأرض، وتحديدًا منشأة فوردو شديدة التحصين.
وجاء في التقرير أنه في غضون 3 أيام من إطلاق عملية "الأسد الصاعد"، أعلنت إسرائيل تحقيق تفوّق جوي كامل على إيران، ما أتاح لسلاحها الجوي توجيه ضربات مدمرة لمنشأة تخصيب اليورانيوم في نطنز، ومحطة الماء الثقيل في أراك، إلى جانب منشآت أبحاث نووية في طهران.
لكن رغم ذلك، أثبتت منشأة التخصيب الرئيسة في فوردو قدرتها على الصمود في وجه الهجمات، إذ إنها مدفونة على عمق مئات الأمتار داخل جبل، ومصممة لتحمل القصف الجوي الكثيف.
وتشير التقارير إلى أن الهجمات الإسرائيلية لم تُحدث سوى أضرار طفيفة في مداخل المنشأة وفتحات التهوية، دون أن تمس قدرتها التشغيلية.
وبحسب التقرير، توجد منشأة تخصيب أخرى أكثر تحصينًا في "جبل كولانغ غاز لا" قرب نطنز، تقع في عمق أكبر داخل الجبل، ما يزيد من تعقيد المهمة العسكرية.
وترى المجلة أن الولايات المتحدة وحدها تمتلك السلاح القادر على تدمير هذه المنشآت تحت الأرض، وهو القنبلة الخارقة للتحصينات من طراز GBU-57.
وقد طلب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تقديم الدعم في تدمير هذه المواقع النووية، إلا أن ترامب لم يُعلن موقفًا نهائيًا بعد.
وترجّح المجلة أن نتنياهو يرى في الدعم الأمريكي الخيار الأمثل لتحييد هذه المنشآت، إلا أن سيناريو الهجوم البري من قبل قوات النخبة الإسرائيلية يبقى مطروحًا أيضًا.
وتستند المجلة في ذلك إلى تجربة عملية نوعية نُفذت العام الماضي في سوريا.
ففي 8 سبتمبر/أيلول 2024، أطلقت إسرائيل عملية سرية باسم "طرق عديدة"، استهدفت منشأة صواريخ تابعة للحرس الثوري الإيراني، تقع داخل جبل قرب مدينة مصياف غرب حماة السورية، على بعد نحو 200 كيلومتر من الجولان المحتل.
وكانت المنشأة تُستخدم لإنتاج صواريخ أرض–أرض لصالح ميليشيا حزب الله والنظام السوري.
وعقب شهور من المراقبة، نُقلت وحدة "شالداغ" الخاصة التابعة لسلاح الجو الإسرائيلي على متن مروحيات إلى الموقع، تحت غطاء غارات جوية تضليلية.
ونجح الهجوم المباغت في تدمير المنشأة باستخدام نحو 600 كغم من المتفجرات، كما صادرت القوة كميات من الوثائق الاستخباراتية دون تسجيل إصابات بين الإسرائيليين.
وتتساءل المجلة، هل قد تُقدِم إسرائيل على عملية مماثلة ضد فوردو؟ رغم أن الاحتمال وارد، إلا أن حجم المخاطر سيكون أكبر بكثير؛ فالمسافة إلى فوردو تتجاوز 1000 كيلومتر، ما يتطلب قدرات لوجستية هائلة، خاصة في ما يتعلق بإعادة التزود بالوقود لطائرات "يسور" الثقيلة، فضلًا عن الحاجة إلى قوة بشرية أكبر.
ومع ذلك، تحذر المجلة من التقليل من قدرة الجيش الإسرائيلي على الابتكار، مستشهدة بقدرته على استخدام طائرات C-130 القادرة على الهبوط في مناطق وعرة، كما حصل في عملية "عنتيبي" عام 1976 في أوغندا.
وتضيف أن إسرائيل تملك تفوقًا جويًا وتقنيًا، لاسيما في مجال الحرب الإلكترونية، حيث تستطيع تعطيل أنظمة الاتصالات الإيرانية.
لكن رغم النجاحات السابقة، فإن المنشآت المحصنة مثل فوردو ستبقى تحديًا كبيرًا؛ فاختراق تحصيناتها وتدمير أجهزة الطرد المركزي الموجودة داخلها، سيستلزم كميات هائلة من المتفجرات، ويعرّض القوات المُهاجِمة لخسائر كبيرة.
ولهذا، فإن القرار العسكري الإسرائيلي المحتمل سيقوم على موازنة دقيقة بين الكلفة البشرية والمكاسب الاستراتيجية.