شرطة أستراليا: توجيه 59 تهمة لمنفذ هجوم بوندي

logo
العالم

بين اللامبالاة والكراهية.. لماذا يصعد ترامب خطابه المعادي ضد أوروبا؟

الناتو خلال لقائه زعماء أوروبيين والرئيس الأوكراني فالمصدر: أرشيف

تتصاعد حدة الخطاب المعادي لأوروبا من إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في ظاهرة تثير حيرة الحلفاء التقليديين عبر المحيط الأطلسي. 

فبعد وصفه القارة العجوز بـ"المتحللة" وقادتها بـ"الضعفاء"، يطرح السؤال نفسه بإلحاح: لماذا يكره ترامب أوروبا إلى هذا الحد؟. 

خبير العلاقات الأمريكية-الأوروبية جيريمي شابيرو، يكشف لمجلة "بوليتيكو" الدوافع الحقيقية وراء هذا العداء، وكيف تحولت أوروبا إلى ساحة معركة في حرب ثقافية أمريكية داخلية، بتأثير مباشر من نائب الرئيس جي دي فانس والمفكرين المحافظين الجدد الذين يحيطون به.

بين اللامبالاة والكراهية

يرى جيريمي شابيرو، مدير الأبحاث في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، أن ترامب يقسم العالم ببساطة إلى فئتين: القوة والضعف.

ويوضح: "إنه ينتبه للقوة ويتجاهل الضعف إلى حد كبير، وقد وصف الأوروبيين منذ زمن طويل بأنهم ضعفاء". هذا التصنيف ليس مجرد تقييم سياسي، بل يعكس رؤية عميقة الجذور لدى ترامب تربط بين الضعف العسكري والانحطاط الحضاري.

ويضيف شابيرو أن ترامب يعزو هذا الضعف الأوروبي إلى عدة عوامل: تدني مستويات الإنفاق العسكري، والاعتماد على الحماية الأمنية الأمريكية، وما يراه انحطاطاً في المجتمع الأوروبي يتمثل في سياسات الهجرة، ودولة الرفاه الاجتماعي، وغياب الحيوية العسكرية. وفي عالم ترامب، عندما تقع في خانة "الضعفاء"، فإنه ببساطة لا يوليك اهتماماً كبيراً.

أخبار ذات علاقة

الرئيس الأمريكي دونالد ترامب

"أهم من قادتنا".. استطلاع يكشف كيف ينظر الأوروبيون لترامب

الناتو والتجارة.. عصا للضرب لا أكثر

عندما يتعلق الأمر بالقضايا الملموسة مثل الإنفاق على الناتو والعجز التجاري، يكشف شابيرو أن الموقف يبدو أكثر تعقيداً مما يظهر للعيان.

فبالنسبة لنقاش الإنفاق على الناتو، يوضح: "دائماً ما بدا لي أنها مجرد عصا يضرب بها حلفاء الناتو.

لقد فهم منذ زمن طويل أن هذا شيء يشعرون بالذنب تجاهه قليلاً، وأن الرؤساء الأمريكيين كانوا يؤنبونهم بشأنه لفترة طويلة، لذا فقد رفع الأمر إلى درجة عالية جداً".

أما العجز التجاري، فهو قضية أكثر جدية بالنسبة لترامب. لكن لأن الأوروبيين "ضعفاء جداً ومعتمدون على الولايات المتحدة للأمن"، فإن ترامب يستطيع تهديدهم على الصعيد الأمني، وهم عادة ما يستسلمون بسرعة، كما يلاحظ شابيرو.

الاتحاد الأوروبي.. امتداد للبيروقراطية الليبرالية

تكتسب عداوة ترامب للاتحاد الأوروبي بُعداً شخصياً إضافياً. يقول شابيرو: "إنه لا يشير أبداً إلى الاتحاد الأوروبي دون الإشارة إلى حقيقة أنهم أوقفوا ملعب الغولف الخاص به في أيرلندا".

رغم أن الذي أوقف المشروع في الواقع كانت سلطة حكومية محلية أيرلندية وليس الاتحاد الأوروبي، إلا أن هذا يتوافق مع رؤية حركة "ميغا" العامة للاتحاد كمؤسسة بيروقراطية مفرطة، معادية للتنمية، وامتداد للنهج الأمريكي الليبرالي في التنظيم والتطوير.

هذا الموقف أدى إلى وضع الاتحاد الأوروبي في خانة داعمي أمريكا الليبرالية، وبالتالي أصبحت المعركة ضد الاتحاد الأوروبي - وضد الأنظمة الليبرالية الأخرى في أوروبا - امتداداً للمعركة السياسية الداخلية مع الليبراليين في أمريكا.

أخبار ذات علاقة

قوات أوكرانية

اجتماع برلين.. اختبار لوحدة الموقف الأوروبي ولخطة ترامب لإنهاء حرب أوكرانيا

فانس والفلاسفة المحافظون

ما يميز ولاية ترامب الثانية هو التحول في خطابه تجاه أوروبا من مجرد انتقاد براغماتي إلى حرب ثقافية شاملة.

ويعزو شابيرو هذا التحول بشكل رئيس إلى جي دي فانس والمفكرين المحافظين الذين يدعمونه مثل باتريك دينين ويورام هازوني.

يشرح شابيرو: "ظهرت وجهة نظر بين نخب ميغا في الفترة الانتقالية مفادها أن الفوز بالرئاسة لا يكفي لتغيير أمريكا بنجاح. كان عليك مهاجمة جميع معاقل القوة الليبرالية - الجامعات، مراكز الأبحاث، المؤسسات، صناعة التمويل، والدولة العميقة بالطبع". والأهم أن "أوروبا واحدة من هذه المعاقل الليبرالية".

أوروبا، في نظر هذا التيار، تمثل دعماً للليبراليين في الولايات المتحدة، جزئياً لأنها المكان الذي يستمد منه الأمريكيون إحساسهم بكيفية نظر العالم إليهم. ومن هنا تنبع استراتيجية تدمير هذا الدعم الأوروبي للأفكار الليبرالية.

أخبار ذات علاقة

ترامب في المكتب البيضاوي

"أمريكا أولًا وأخيرًا".. ترامب ينسف التحالفات التقليدية ويختار "العزلة"

فانس.. القائد أم التابع؟

عن دور فانس تحديداً، يرى شابيرو أن نائب الرئيس يمارس "القليل من الاثنين معاً". فهو، كأي نائب رئيس جيد، حريص جداً على عدم التعارض مع رئيسه أو مناقضته بأي شكل. 

لكن الكثير من هذه الأفكار تأتي من فانس بشكل مستقل، على الأقل في التفاصيل. "ما يفعله هو دفع ترامب على طول هذا الطريق. إنه يفكر فيما سيجذب ترامب، وقد كان محقاً في الغالب. لكنني أعتقد أنه عندما يتعلق الأمر بهذا النوع من الحرب الثقافية مع أوروبا، فهو أكثر كونه مصدراً منه لا تابعاً".

في نصيحته للأوروبيين، يحذر شابيرو من استراتيجية المجاملة التي اعتمدوها حتى الآن: "المجاملة هي المظهر النهائي للضعف. في كل مرة يظهر فيها الأوروبيون ويجاملون ترامب، فإن ذلك يمكّنهم من عقد اجتماع جيد معه، لكنه ينقل له الانطباع بأنهم ضعفاء، وبالتالي يزيد من مطالبه السياسية ضدهم".

ويدعو إلى تبني نهج دول أخرى مثل الصين أو البرازيل أو حتى كندا إلى حد ما: الوقوف في وجه ترامب وإظهار أنه يجب عليه التعامل معهم كفاعلين أقوياء.

ويختم بالقول: "الأوروبيون - رغم اعتمادهم غير المتماثل على الولايات المتحدة وبعض نقاط ضعفهم - أقوى بكثير من البلدان الأخرى، خاصة إذا كانوا يعملون معاً. أعتقد أن لديهم بعض القدرة على فعل ذلك، لكنهم لم ينجحوا في ذلك حتى الآن".

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC