logo
العالم

"أمريكا أولًا وأخيرًا".. ترامب ينسف التحالفات التقليدية ويختار "العزلة"

ترامب في المكتب البيضاويالمصدر: فوكس نيوز

في خضم سلسلة تحديات داخلية وخارجية، تكثف إدارة الرئيس الأمريكي دونالد  ترامب سياساتها الانعزالية، مسلطة الضوء على الهجرة  والتهديدات الخارجية التي تعتبرها خطرًا على الولايات المتحدة.

ووفق تقرير لصحيفة "واشنطن بوست"، شملت الإجراءات الأخيرة إيقاف طلبات الهجرة من عشرات الدول، وفرض قيود صارمة على السفر، ومراجعة حسابات وسائل التواصل الاجتماعي للزائرين، إلى جانب تعزيز الرسوم الجمركية وملاحقة المهاجرين داخليًا. 

الانكفاء على نصف الكرة الغربي

ويصاحب هذه التحركات خطاب رئاسي حاد، يركز على معاداة الهجرة ويستهدف خصوصًا بعض الجماعات، في حين تعكس إستراتيجية الأمن القومي الجديدة تحوّلًا نحو الانكفاء على نصف الكرة الغربي، مع تقليص الالتزامات تجاه النظام العالمي وحلفاء أمريكا التقليديين.

وقالت الصحيفة الأمريكية إن هذه الإجراءات تأتي في أعقاب إستراتيجية للأمن القومي مؤلفة من 33 صفحة، تؤكد معارضة الإدارة للتعددية والهجرة، وتنتقد الحلفاء الأوروبيين، محذرةً إياهم من خطر "اندثار الحضارة" لاتباعهم نهجًا مختلفًا.

وتقول الورقة: "إن من تسمح الدولة بدخول أراضيها - بأعدادهم ومن أين - سيحدد حتمًا مستقبل تلك الأمة".

وتشير هذه التحركات، المصحوبة بتعزيز الرسوم الجمركية وخطاب الرئيس  ترامب المعادي للأجانب، والذي غالبًا ما يحمل طابعًا عنصريًّا، إلى هدف عزل الولايات المتحدة عن العديد من الشعوب والمنتجات والثقافات الأجنبية، وفق تقدير الصحيفة.

كما اعتبرت أنها تدل على أن الولايات المتحدة تعيد تركيز اهتمامها على جوارها المباشر في نصف الكرة الغربي، بدلًا من المشهد العالمي الأوسع الذي لطالما كان محور اهتمامها.

وأشارت إلى قول العديد من الخبراء إن خطاب ترامب يعكس بشكل متزايد النزعة الانعزالية والمشاعر المعادية للمهاجرين التي سادت في عشرينيات وثلاثينيات القرن الماضي، والتي قللت من شأن خطر الاستبداد قبل الحرب العالمية الثانية.

لكن المتحدثة باسم البيت الأبيض، أبيجيل جاكسون، قالت إن الإدارة تحاول حماية ما هو عظيم في أمريكا.

أخبار ذات علاقة

سفن عسكرية أمريكية في الكاريبي

"استراتيجية غامضة".. هل يصعّد ترامب ضد فنزويلا بلا خطة واضحة؟

التدخل الخارجي

ولم يمنع حذر ترامب من التدخل الخارجي من استخدام القوة الأمريكية في الخارج بين الحين والآخر، ولا سيما في مساعيه للإطاحة بالرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو.

ولكن حتى ذلك يُعدّ، على الأرجح، جزءًا من جهوده لعزل التأثيرات الأجنبية الضارة، وفي هذه الحالة تدفق المخدرات غير المشروعة، وفق الصحيفة.

ولفتت إلى قول العديد من خبراء سياسات مكافحة المخدرات إن فنزويلا تلعب دورًا ثانويًّا في تهريب المخدرات إلى الولايات المتحدة.

تعزيز النظام الجمركي

وقالت الصحيفة إن الإدارة الأمريكية عززت نظامها الجمركي العالمي في الأيام الأخيرة، مهددةً بفرض رسوم إضافية بنسبة 5% على المكسيك بسبب نزاع مائي، ومعلنةً عن تقديم مساعدات بقيمة 11 مليار دولار للمزارعين لتخفيف أعبائهم من هذه الرسوم.

يأتي ذلك بعد فترة وجيزة من تصريح ترامب بأن مراجعة المحكمة العليا لمدى دستورية هذه الرسوم الجمركية "هي حرفيًّا مسألة حياة أو موت لبلادنا".

وفي غضون ذلك، اتسم خطاب ترامب بالتحريض، حتى بالنسبة لرئيسٍ انطلقت مسيرته السياسية من خلال هجماتٍ حادة على المهاجرين.

وركزت شتائم الرئيس الأخيرة بشكلٍ كبير على حدثين وقعا مؤخرًا: إطلاق النار في واشنطن العاصمة على اثنين من أفراد الحرس الوطني، والذي يُزعم أن منفذه مواطن أفغاني، وتوجيه تهم الاحتيال ضد مهاجرين صوماليين مقيمين في مينيسوتا.

وقالت الصحيفة في تقريرها، إن ترامب وجّه سهامه بشكل خاص نحو الصوماليين، واصفًا إياهم بـ"القمامة"، وهاجم النائبة المولودة في الصومال إلهان عمر (ديمقراطية من مينيسوتا)، وهي من أشد منتقدي ترامب. 

وفي خطاب ألقاه يوم الثلاثاء في بنسلفانيا، وصف ترامب عمر بـ"أيًا كان اسمها اللعين، صاحبة الـ'تشينغ' الصغيرة، والعمامة الصغيرة"، مشيرًا إليها بحركة دائرية فوق رأسه.

ونقلت الصحيفة عن سفير الولايات المتحدة لدى حلف الناتو خلال إدارة باراك أوباما، إيفو دالدر، إن هذا الخطاب يُجسّد العنصرية الكامنة وراء خطاب ترامب.

وأضاف دالدر: "أعتقد أن خطابه أقرب إلى تأييد البيض منه إلى معاداة الهجرة. فالتذمّر من أن المهاجرين لا يأتون من النرويج والسويد والدنمارك - ما الفرق بينهم؟ إنهم ببساطة أناسٌ ذوو لون بشرة مختلف".

وتم التعبير عن شعور مماثل، وإن كان بشكل أكثر رسمية، في إستراتيجية الأمن القومي للإدارة، التي صدرت في 5 ديسمبر/كانون الأول الجاري.

وجاء في البيان: "لقد ولت أيام دعم الولايات المتحدة للنظام العالمي بأكمله مثل الناتو"، مضيفًا "لقد أخطأت نخبنا بشكل كبير في تقدير استعداد أمريكا لتحمل أعباء عالمية إلى الأبد، لم يرَ الشعب الأمريكي أي صلة لها بالمصلحة الوطنية".

ووفق الصحيفة، يرى العديد من الدبلوماسيين أن هذه الإستراتيجية تعني قبول احتمال هيمنة روسيا على أوروبا، وسيطرة الصين على آسيا، طالما أن الولايات المتحدة قادرة على فرض سيطرتها في نصف الكرة الغربي.

وهذا من شأنه أن يسمح لترامب بالتركيز، ليس على تحدي القوى العظمى الاستبدادية، بل على التصدي للتهديدات الأقرب إلى الداخل، والتي قد تعبر مباشرة إلى الأراضي الأمريكية، مثل الهجرة والمخدرات والشركات الأجنبية، وفق تقدير الصحيفة.

ويجادل ديمقراطيون وجمهوريون آخرون بأن حلف شمال الأطلسي "الناتو" لا يزال أساسيًّا لمصالح الولايات المتحدة، نظرًا لعدوان روسيا على أوكرانيا، وتهديداتها لحلفاء أمريكا الآخرين في أوروبا.

ويعترف منتقدو ترامب بأن رسالته يمكن أن تلقى صدى لدى شريحة كبيرة من السكان، خاصة حجته بأن الولايات المتحدة أهدرت الكثير من الدماء والمال والوقت في حروب مكلفة لا تنتهي، ولم تجلب سوى القليل من الفائدة للأمريكيين.

أخبار ذات علاقة

أمريكا.. خطوة غير مسبوقة للهجرة

لأول مرة بتاريخ أمريكا.. تعليق جميع طلبات الهجرة من 19 دولة (فيديو إرم)

قضية الهجرة

وأثبتت قضية الهجرة أنها قضية محورية بالنسبة لترامب منذ لحظة إعلانه ترشحه الأول للرئاسة عام 2015، في ظلّ معاناة الإدارات الديمقراطية في السيطرة على الحدود، وتعثر جهود الكونغرس لإقرار قانون هجرة شامل.

وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض، جاكسون: "يجب على الأجانب الذين يأتون إلى أمريكا أن يحبوا بلدنا العظيم، وأن يندمجوا في مجتمعنا، وأن يساهموا في اقتصادنا، وأن يتبنوا نمط الحياة الأمريكي - وإلا فلا ينبغي لهم التواجد هنا".

لكن خطاب ترامب وتكتيكاته فيما يتعلق بالهجرة تتجاوز بكثير السياسة التقليدية، بحسب الصحيفة.

ولفتت إلى أنه في حملته الرئاسية الأخيرة، كرر ترامب على المنصة الادعاء الكاذب بأن الهايتيين في أوهايو يأكلون قطط وكلاب جيرانهم.

ومؤخراً، أرسل ترامب عملاء فيدراليين إلى المدن الكبرى، غالبًا، رغم اعتراضات رؤساء بلدياتها، لتنفيذ حملات مداهمة صارمة ضد المهاجرين.

وقد وقّعت وزارة الأمن الداخلي عقدًا بقيمة 140 مليون دولار لشراء ست طائرات من طراز "بوينغ 737"؛ ما يمنح الوزارة فعليًا أسطولًا خاصًا بها لترحيل المهاجرين، وفق رأي الصحيفة.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC