تصاعدت الانقسامات داخل حكومة الكاميرون؛ بسبب إمكانية ترشح الرئيس بول بيا إلى ولاية رئاسية جديدة، بعد أن أمضى 40 عامًا في الحكم، حيث تضاربت تصريحات المسؤولين الحكوميين وحزبه الرئيسي بشأن ذلك.
وفيما قال الوزير والناطق باسم الحكومة، رينيه إيمانويل سادي، إن ''كل الاحتمالات مطروحة ومتساوية بشأن ترشيح الرئيس أو انسحابه من السباق"، أعلن رئيس حزب التجمع الديمقراطي الحاكم، جاك فامي، أنه "لا يوجد شك في أن الرئيس سيشارك في الاستحقاق الرئاسي المنتظر".
وحددت السلطات في كاميرون الـ12 من شهر أكتوبر/تشرين الأول المُقبل، كموعد لإجراء الانتخابات الرئاسية المرتقبة وسط مخاوف من انقسام محتمل خاصة مع تنامي المعارضة الداخلية للرئيس بيا.
ويأتي ترشح بيا المرتقب على الرغم من الأزمات الاقتصادية، التي تعانها الكاميرون والانتقادات المتزايدة، التي يتعرض لها من قبل خصومه السياسيين، وذلك وسط غموض لا يزال يسود من سيترشح إلى السباق الرئاسي رغم إعلان مسؤولين حكوميين عملوا مع بيا نفسه لسنوات عن عزمهم الترشح.
وقال المحلل السياسي المتخصص في الشؤون الإفريقية، محمد إدريس، إنه "بالفعل الرئيس بول بيا الذي يعد من أكثر الرؤساء احتفاظاً بالسلطة في العالم بعد أن قضى 40 سنة رئيساً يواجه معارضة متصاعدة سواء من شخصيات بارزة أو شعبياً؛ حيث تناهض حكمه بشكل كبير الولايات الشمالية التي تضمّ نحو مليوني ناخب ما يعني أنها ستكون مؤثرة في مصير الاستحقاق الرئاسي".
وأضاف، لـ"إرم نيوز": "في اعتقادي عدم الحسم في ترشيح بيا من عدمه إلى حد الآن يكرس غموضاً كبيراً تجاه الرجل وحظوظه ومستقبله السياسي، وأيضاً حتى المشهد السياسي في البلاد إذ قد تتحكم فيه بشكل كبير هذه المحطة السياسية".
وبيّن إدريس: "في اعتقادي أن بيا سيترشح وسيحاول بكل ما أوتي من قوة الفوز بولاية جديدة؛ لأن عدم الفوز قد يعني إخضاعه للمساءلة في ظل التقارير الحقوقية التي تتحدث عن لجوئه في السنوات الأخيرة إلى قمع المعارضة وارتكاب انتهاكات مزعومة في السجون بحق خصومه من أجل الاحتفاظ بالسلطة".
بدوره اعتبر المحلل السياسي المتخصص في الشؤون الإفريقية، محمد الحاج عثمان، أن "بول بيا نجح بالفعل في الاستفادة من التنوع الإثني واللغوي والديني الذي تعرفه الكاميرون، إذ إن الشمال مسلم والجنوب مسيحي وهو أدرك باكراً أنه من الضروري تجنب السقوط في الاستقطاب الذي تعرفه بلاده بين المعسكرين وأيضا داخل الإثنيات الأخرى".
وأضاف، لـ"إرم نيوز"، أن "في المقابل يشكل إصراره على البقاء في السلطة انتكاسة حقيقية للأطراف التي اعتبرت في بداية التسعينيات أن الرجل يبشر بديمقراطية ما في الكاميرون، لكن إجراءه آنذاك لانتخابات رئاسية شفافة كان مدعوماً في الواقع بضغوط غربية، لكن الآن هو بات يقود حكماً مستبداً".
وبيّن الحاج عثمان أنه "إذا ما ترشح لولاية جديدة فإن ذلك سيمثل امتحانا جديا حتى للأمن القومي الكاميروني نفسه؛ لأن الرجل سيبلغ بنهاية ولايته الرئاسية المقبلة التي تنتهي في عام 2032، 99 عاماً وهو ما يثير مخاوف تعبر عنها الصحافة في الكاميرون والأوساط السياسية على صحته وغير ذلك".