كشفت مجلة "جون أفريك" الفرنسية، في تحقيق استقصائي عن شبكة معقدة من المصالح والامتيازات المرتبطة بالثروات الطبيعية في الكاميرون، حيث تتحول موارد البلاد مثل الذهب والخشب إلى أدوات غير معلنة لدعم النظام السياسي القائم مع اقتراب الانتخابات الرئاسية المقررة في 2025.
وبحسب التحقيق، يتم استغلال هذه الموارد بشكل غير شفاف من قبل النخب الحاكمة لتعزيز نفوذها السياسي وتمويل شبكات الولاء داخل السلطة، وسط غياب فعلي للرقابة وصمت دولي واضح.
وسلط التحقيق الضوء على مشروع تعدين الذهب في منطقة كولومين شرق البلاد، الذي حصلت عليه شركة Codias SA بترخيص "استراتيجي" منذ عام 2021.
اللافت، وفق المجلة، أن مالك الشركة هو بونافنتور مفوندو أسّام، ابن شقيق الرئيس بول بيا، ما يثير شبهة تضارب مصالح، خصوصا أن الشركة المنافسة، التي كانت تديرها زوجة وزير سابق، تم استبعادها رغم تقدمها بطلب قبل عامين.
ورغم تعهدات الشركة بإنتاج نصف طن من الذهب سنويا وتوفير 2000 فرصة عمل، إلا أن الواقع على الأرض يكشف عن تشغيل أقل من 100 عامل محلي بأجور زهيدة، مع وجود نشاط محدود فعليا في موقع التعدين، تديره شركات صينية.
كما أبلغت المجتمعات المحلية عن مصادرة أراضيهم وعن تدهور بيئي خطير شمل اختفاء مجاري المياه وانتشار أمراض جلدية وتنفسية يُعتقد أنها مرتبطة بالتلوث الناتج عن عمليات التعدين.
وامتد التحقيق إلى قطاع استغلال الغابات، حيث أشار إلى تورط وزير الغابات الحالي جول دوريه ندونغو، إلى جانب فرانك بيا، نجل الرئيس، في منح تراخيص غير قانونية لقطع الأشجار بأسعار منخفضة بهدف التهرب من الضرائب، مع تصديرها بأسعار السوق الحقيقية عبر وسطاء دوليين على صلة بشبكات تجارية في آسيا.
ووجدت المجلة من خلال مقارنة بيانات الصادرات الكاميرونية مع واردات دول مثل فيتنام وماليزيا والصين، وجود فجوات لافتة في الكميات والأسعار، ما يشير إلى عمليات تهريب منظمة تحدث أحيانًا تحت غطاء رسمي وحماية أمنية.
وذهب التقرير إلى أن جزءا كبيرا من عوائد الذهب والخشب لا يصل إلى خزينة الدولة، بل يتم توجيهه لتمويل الحملات الانتخابية في مناطق حساسة، ودعم تحالفات الولاء داخل الحزب الحاكم، من خلال ما وصفته المجلة بـ"الرشاوى السياسية"، التي تُقدّم على شكل مشاريع سريعة ومساعدات آنية لكسب التأييد الشعبي.
ووصفت "جون أفريك" هذا النموذج بـ"اقتصاد الذهب والخشب السياسي"، الذي يقوم على استنزاف الثروات لخدمة ديمومة النظام السياسي الحالي، في ظل غياب رؤية تنموية حقيقية، مما يوسع الهوة بين السلطة والشعب.