أثار إعلان السلطات العسكرية الحاكمة في النيجر تأميم منجم "سومير" لليورانيوم، أحد أبرز المناجم في البلاد والذي كان يُدار بالشراكة مع المجموعة النووية الفرنسية "أورانو"، تطورًا لافتًا يعكس تحولًا جذريًا في سياسة إدارة الموارد الطبيعية.
وبموجب القرار الصادر في 19 يونيو/حزيران، أصبحت الدولة النيجرية تملك كامل الحصص في المنجم، بعدما أُقصيت "أورانو"، التي كانت تستحوذ على 63.4% من الأسهم وتدير عمليات التشغيل.
ووفق تقرير نشرته مجلة "جون أفريك" الفرنسية، بررت سلطات نيامي هذه الخطوة باتهام الشركة الفرنسية بممارسات وصفتها بأنها "غير مسؤولة، وغير قانونية، وغير نزيهة".
وأوضح التقرير أنه على الرغم من أن "أورانو"، المملوكة بنسبة 90% للدولة الفرنسية، كانت قد فقدت السيطرة التشغيلية على المنجم منذ ديسمبر/كانون الأول 2024، وكانت في طور التفاوض على الانسحاب، فإن باريس اعتبرت قرار التأميم "مصادرة تعسفية"، وتستعد الشركة للجوء إلى التحكيم الدولي، خاصة أنها لا تتوقع أن ترضيها التعويضات التي وعدت بها النيجر.
ويُذكر أن منجم "سومير"، الواقع في مدينة أرليت شمال النيجر، يعمل منذ عام 1971، لكن احتياطاته بدأت بالتراجع في السنوات الأخيرة.
وكانت الشركة الفرنسية قد ناقشت مع الحكومة النيجرية سابقًا تمديد عمر المنجم حتى عام 2040، لكن مصيره بقي غامضًا.
ويرى البعض أن طرد الشريك الفرنسي يمثل قرارًا شعبويًا محفوفًا بالمخاطر، في حين يعتبره آخرون خطوة شجاعة لاستعادة السيادة على الثروات الطبيعية، خصوصًا أن منجم "سومير" ظل لسنوات رمزًا لغياب العدالة في توزيع العائدات، وسط استياء شعبي متزايد.
وسلط التقرير الضوء على التحديات الجسيمة التي تواجه نيامي، إذ لا يكفي الحديث عن السيادة الاقتصادية، بل يجب إثبات أن الإدارة الوطنية للمنجم قادرة على تحقيق منافع حقيقية للشعب.
وتُطرح الآن تساؤلات محورية، من سيُدير "سومير"؟ الدولة قد تسعى إلى استقطاب شركاء دوليين جدد مثل الصين، روسيا، إيران، أو تركيا، لكن البيئة غير المستقرة والتوترات الأمنية، فضلًا عن النزاع القانوني مع "أورانو"، تشكل عوامل طاردة للاستثمار.
كما يُحتمل أن تُسند مهمة التشغيل إلى الشركة الوطنية "سوبامين"، مستفيدة من الكوادر المحلية التي سبق تدريبها.
ولكن تشغيل منجم يورانيوم يتطلب بنية تحتية متكاملة، ومعايير صارمة، وسلاسل توريد منظمة، إضافة إلى شبكة مشترين دوليين، وهي شروط يصعب توفيرها في المدى القصير.
وخلص التقرير إلى أن النيجر، في ظل غياب مستثمرين محليين قادرين وتوقف المنجم عن العمل منذ أشهر، تجد نفسها مضطرة لإعادة بناء ما تم هدمه باسم "التحرر"... فالمعادلة واضحة، إما نجاح استراتيجي يعزز سيادتها، أو فشل يزيد عزلتها الاقتصادية.