يثير تصعيد الجماعات المتشددة، على غرار "القاعدة" و"داعش"، هجماتها في النيجر، البلد الواقع في الساحل الأفريقي والذي يحكمه مجلس عسكري انتقالي منبثق عن انقلاب قاده قائد الحرس الرئاسي، الجنرال عبد الرحمن تياني، تساؤلات جدية حول دلالاته وأسبابه.
ووفق محللين، فإن "المجلس العسكري الحاكم تعرّض لهزات عنيفة في الفترة السابقة بسبب هجمات المتشددين، ويبدو أن خياراته ضيقة في التعامل مع الوضع الأمني المركب، لذلك قد يلجأ في المرحلة المقبلة إلى مراجعة خياراته وسياساته إذا كان يسعى فعلاً إلى الحد من نفوذ الجماعات المسلحة".
وأسفر هجوم شنّه مئات المسلحين على بلدة بانيبانغو الواقعة غربي النيجر، قرب الحدود مع مالي، عن مقتل نحو 34 جندياً بحسب ما أعلنت وزارة الدفاع النيجرية في بيان.
وكشفت الوزارة أن "عصابة مكونة من مئات المرتزقة استقلوا 8 سيارات وأكثر من 200 دراجة نارية، شنت هجوماً جباناً ووحشياً على بانيبانغو".
تأتي هذه التطورات في وقت وعد فيه قائد المجلس العسكري باستعادة الأمن والاستقرار على الرغم من تزايد حركات التمرد وأيضاً نشاط الجماعات المتطرفة المرتبطة بتنظيمي القاعدة وداعش، وهو ما يجعله أمام صعوبات كبيرة، وفقاً لمراقبين.
يقول الخبير العسكري المتخصص في الشؤون الأفريقية، عمرو ديالو، إن "المجلس العسكري في النيجر يواجه صعوبات كبيرة في السيطرة على الوضع، خاصة بعد طرد الشركاء الغربيين التقليديين والاستعانة بالروس".
وأضاف ديالو: "أدى ذلك إلى حدوث فراغ وثغرات أمنية وعسكرية يتم استغلالها الآن من طرف الجماعات المتطرفة التي اكتسبت قوة أكبر".
وأكد، لـ "إرم نيوز"، أن "الجماعات المتطرفة، خاصة المتمردة، تسعى الآن إلى الضغط على المجلس العسكري حتى تكون جزءا من أي عملية سياسية قد يتم إطلاقها في المرحلة المقبلة في بلد يشهد انهيارا اقتصاديا".
وشدد على أن "هناك احتمالا آخر وهو أن هذه الجماعات تسعى إلى إسقاط النظام أصلاً عبر السيطرة على مدن استراتيجية وحدودية مهمة، وهو أمر نجحت فيه إلى حد ما هذه الجماعات، وبالتالي هي تقوم بهز صورة المجلس العسكري أمام الرأي العام النيجري وأيضا استقطاب مقاتلين جدد وإنهاك النظام".
منذ وصوله إلى الحكم في يوليو / تموز من العام 2023، انتهج تياني ورفاقه في المجلس العسكري الحاكم خطاباً سيادياً، وطرد القوات والبعثة الدبلوماسية الفرنسية، واستعان بمرتزقة من "فاغنر" الروسية.
وقال المحلل السياسي المتخصص في الشؤون الأفريقية، محمد إدريس، إن "النيجر تعاني أزمة خطيرة على المستوى الأمني، خاصة أنها تتزامن مع قطيعة بين الطبقة السياسية والحكام الجدد؛ ما يُهدد بظهور حركات تمرد جديدة وهو أمر قد يزيد الطين بلة".
وتابع إدريس، في تصريح خاص لـ "إرم نيوز"، أن "المجلس العسكري الحاكم تعرض لهزات عنيفة في الفترة السابقة بسبب هجمات المتشددين، ويبدو أن خياراته ضيقة في التعامل مع الوضع الأمني المركب، لذلك قد يلجأ في المرحلة المقبلة إلى مراجعة خياراته وسياساته إذا كان يسعى فعلاً إلى الحد من نفوذ الجماعات المسلحة".