logo
العالم

اتهامات بالتجسس والتخريب.. لماذا تصاعد التوتر بين روسيا وألمانيا؟

اتهامات بالتجسس والتخريب.. لماذا تصاعد التوتر بين روسيا وألمانيا؟
مركبات تحمل أعلام روسيا وألمانياالمصدر: رويترز
28 يونيو 2025، 2:57 م

تصاعد التوتر بين روسيا وألمانيا على خلفية حادثة احتراق شاحنات تابعة للجيش الألماني في مدينة إرفورت، وما تبعها من اتهامات متبادلة بين الجانبين حول أعمال تخريب وتجسس وضغوط سياسية، خاصة فيما يتعلق بحرية الصحافة.

وأعلنت السلطات الألمانية، الجمعة، عن فتح تحقيق في حادثة احتراق عدة شاحنات عسكرية تابعة للجيش الألماني (البوندسفير) في مدينة إرفورت. وقد تداولت منصات روسية على تطبيق "تلغرام" مقاطع فيديو تظهر الشاحنات مشتعلة، ما أثار شكوكًا حول احتمال وجود عمل تخريبي متعمّد، بحسب صحيفة "لوباريزيان" الفرنسية.

أخبار ذات علاقة

لاجئون في ألمانيا

الأمم المتحدة تنتقد وقف ألمانيا لبرنامج إعادة التوطين

من جانبها، قالت وزارة الداخلية الألمانية في ولاية تورينغن :"لا يمكننا الجزم بمن يقف وراء هذا العمل التخريبي. إذا ما تبيّن أن دولة أجنبية مثل روسيا تقف وراءه، فإن ذلك سيكون بمثابة هجوم جديد على ديمقراطيتنا".

وأكدت الشرطة الألمانية أنها تحقق في مصدر مقاطع الفيديو وتتحقق من مصداقيتها، وتُجري مقارنات مع حوادث سابقة مماثلة.

الموقف الروسي .. الاحتجاج واستدعاء السفير الألماني

رداً على الاتهامات الضمنية بضلوع موسكو في التخريب، أعلنت وزارة الخارجية الروسية عن استدعاء السفير الألماني في موسكو، محتجةً على ما وصفته بـ"الضغوط غير المقبولة على الصحفيين الروس العاملين في ألمانيا".

وقالت وزارة الخارجية الروسية في بيان:" إن برلين تمارس ضغوطاً ممنهجة على وسائل الإعلام الروسية، في انتهاك واضح لحرية الصحافة وحرية التعبير، وهي تحاول استخدام أحداث مفبركة لتبرير هذه الممارسات".

من جهته، قال جوليان نوسِتي، الباحث في الجغرافيا السياسية الروسية والسياسات الرقمية الروسية لـ "إرم نيوز" إن ألمانيا في حالة "تأهب استخباراتي دائم" منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا.

وأشار نوسِتي إلى سلسلة من العمليات التخريبية التي نُسبت لعناصر روسية، منها محاولات تجسس إلكترونية وتخريب منشآت البنية التحتية.

وأوضح نوسِتي أن برلين لا تتعامل مع هذه الحوادث كأعمال معزولة، بل كجزء من إستراتيجية روسية أكبر تهدف إلى زعزعة استقرار الجبهة الأوروبية الداعمة لأوكرانيا".

الإعلام كأداة دبلوماسية

وأضاف الباحث السياسي الفرنسي أن الصحافة الروسية في ألمانيا تستعمل من قبل موسكو كذراع دعائية، ما يضع السلطات الألمانية في موقف صعب بين حماية حرية التعبير ومنع التلاعب الإعلامي الممنهج.

من جانبه، قال ديميتري بريجع، الباحث السياسي الروسي، ومدير وحدة الدراسات الروسية في مركز الدراسات العربية الأوراسية، لـ"إرم نيوز" إن الرواية الألمانية تفتقر إلى الأدلة الملموسة على وجود تدخل روسي مباشر في حادثة إرفورت.

ويصف ما يحدث بأنه "شيطنة مستمرة لروسيا بهدف صرف النظر عن مشاكل داخلية ألمانية"، وفق تعبيره، كما رأى أن الاتهامات المتكررة ضد موسكو أصبحت آلية سياسية أكثر منها جنائية، معتبرا أنه "ليست هناك أدلة حقيقية، فقط نوايا مفترضة".

التضييق على الإعلام الروسي

ويرى بريجع أن استدعاء السفير الألماني رسالة دبلوماسية حازمة تشير إلى أن موسكو ترى أن حرية الصحافة الروسية في الغرب تتعرض لانتهاك.

وأضاف أنه "عندما يتم توقيف أو تهديد صحافيين فقط لأنهم روس، فهذا ليس إجراءً أمنياً، بل قمع إعلامي".

وفي ضوء الاتهامات الروسية، يطرح الجانبان سؤالاً محورياً: هل أن ضغوط ألمانيا على وسائل الإعلام الروسية تمثل انتهاكاً لحرية الصحافة؟

ويرى أن حرية الصحافة في ألمانيا محمية بالقانون، لكن "وسائل الإعلام المرتبطة بالكرملين تتجاوز أحياناً دورها المهني وتدخل مجال العمليات الدعائية".

ويعتبر بريجع أن استهداف الصحفيين الروس ليس عارضاً، بل منهجياً، ويشير إلى توقيفات سابقة لمراسلين روس بحجج أمنية.

انعكاسات محتملة للأزمة

وفيما يتعلق بالجانب الدبلوماسي، فإن الأزمة قد تؤدي إلى مزيد من التوتر بين موسكو وبرلين، خاصة في ظل الملفات المتشابكة، مثل: الطاقة، وأوكرانيا، والتجسس.

وعلى الصعيد الإعلامي، فإن الرقابة ستزداد على المحتوى الروسي في أوروبا، ما قد يدفع روسيا للرد بالمثل داخل أراضيها.

وعلى الصعيد الأمني، فإن حوادث مشابهة قد تستعمل كمبرر لتوسيع صلاحيات المراقبة الإلكترونية داخل ألمانيا والاتحاد الأوروبي.

وبينما تصر ألمانيا على حماية أمنها الداخلي من "الأيادي الروسية الخفية"، ترى روسيا أن الصحافة والإعلام يتعرضان لاستهداف ممنهج في أوروبا.

وتتداخل القضايا الأمنية والإعلامية والسياسية في هذه الأزمة، لتكشف عن تحول الإعلام إلى أداة صراع جيواستراتيجي لا تقل أهمية عن الأسلحة التقليدية.

;
logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC